استبشر سكان مدينة الحسيمة والإقليم بأسره خيرا، عندما تم وضع الحجر الأساس لبناء دار الثقافة سنة 2006، من قبل وزير الثقافة الأسبق السيد محمد الأشعري، والتي دشنت يوليوز 2009 من قبل عاهل البلاد، بتكلفة وصلت إلى أكثر من أحد عشر مليون درهم، والتي تتواجد بمنطقة ميرادور محاذية لمسجد محمد السادس، والتي تحتضن في الوقت نفسه المقر الإقليمي لمندوبية الثقافة، لما ستسديه هذه المعلمة من خدمات ثقافية متنوعة لساكنة المنطقة، التي ظلت لعقود طويلة من الزمن من المناطق المغضوب عليها من قبل المخزن العتيد، ومن المناطق التي تعيش خارج التغطية الرسمية في مختلف المجالات، بيد إن المواطن الحسيمي استغرب كثيرا أثناء زياراته المتكررة لها، لانعدام الموارد البشرية الضرورية لتسيير هذا المرفق الثقافي الهام، ولهزالة الميزانية المرصودة لتسييره من قبل المندوبية الجهوية المتواجد مقرها بتازة، رغم إن الحسيمة كما يصرح "أهل الحال" بذلك هي عاصمة الجهة !!. كثير من شباب المنطقة الحاصلين على شواهد جامعية، راهن على تشغيله بهذا المرفق العمومي، سيما إن الحديث كثر في الآونة الأخيرة عن إنصاف الريف والمصالحة معه، وجبر الضرر الثقافي الجماعي منه والفردي؛ كما إن الحديث راج مؤخرا بقوة حول الجهوية الموسعة، وما يستتبعه ذلك بالضرورة من الاعتناء بالموارد البشرية المحلية وإدماجها في سوق الشغل، تطبيقا للمثل القائل "أهل مكة أدرى بشعابها"، كل هذا بغرض الوصول إلى وطن حقيقي يتسع سقفه للجميع، لكن دون أجرأة حقيقية لذلك على أرض الواقع. ولقد تفاجأ جميع المتتبعين لمجريات الأمور داخل المدينة وخارجها، حسب مصادرنا المطلعة، ب"تعيين" شخصين قادمين من خارج الإقليم بل من خارج الجهة نفسها، بشكل غريب تحوم حوله شبهات كثيرة مما يفتح المجال أمام تأويلات عدة، يضع الأجهزة المسؤولة مركزيا وجهويا في "قفص الاتهام"، عندما تجاهلت بشكل تام ومتعمد لكفاءات محلية، مافتئت تضحي منذ زمن ليس بالقصير لكي يقوم المرفق المذكور في صيغته الجديدة بدوره المنوط به، غير إن أياد خفية تتستر بالظلام غطاء لها، جالسة خلف مكاتبها المكيفة والمريحة، كانت عكس تطلعات شباب في عمر الزهور ذنبهم الوحيد أنهم آمنوا بشعارات العهد الجديد، مثل دولة الحق والقانون والمقاربة التشاركية والإنصاف والمصالحة والجهوية الموسعة والتنمية البشرية.... هذا التجاهل - تضيف مصادرنا - لايمس فقط الكفاءات المحلية، بل أيضا العديد من "الأحلام" الثقافية لأبناء المنطقة التي أجهضت في مهدها، نظير متحف الريف الذي أصبح في خبر كان، بعد أن تمت المصادقة في دورة أبريل 2006 للمجلس البلدي للحسيمة، على اتفاقية الشراكة التي سيحدث بموجبها هذا المتحف، والمتحف الذي من المفروض أن يكون تابعا للمندوبية الإقليمية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، وتصنيف العديد من المواقع التاريخية بالريف ضمن الخريطة الأثرية المغربية، مثل موقع المزمة وبادس والنكور وغساسة وتازوظا وأمجاو وغيرها، ناهيك عن معهد موسيقي يبرز مواهب الشباب ويصقلها، دون أن ننسى غياب إقامة معارض للكتاب ومهرجانات ثقافية بتمويل من وزارة الثقافة، التي تراجعت بشكل غريب عن تنظيم الجامعة الصيفية المفتوحة بالحسيمة في السنوات الثلاث الأخيرة، وكأنها تقول لنا: لاحاجة لكم أنتم- معشر الأوباش- بنسيم الثقافة الذي يهب على مناطق أخرى من المغرب النافع، وهذا ليس بغريب على "هذا الأندلسي" و "مجنون الحكم" الذي ربح نفسه وخسر العالم !!.