منذ حصولها على السلاح النووي وحتى الآن، تحاول دول الغرب الكبرى بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية بكل قوة منع انتشار السلاح النووي لدى دول أخرى، خاصة إن كانت من دول "العالم الثالث" أو من دول الممانعة لمشروع الهيمنة الغربي، وهي لا تقوم بذلك لأن السلاح النووي سلاح لا إنساني وضد الحياة على سبيل المثال، بل لتبقى هي المهيمنة وصاحبة الكلمة الأخيرة في القرارات المتخذة عالميًا. عقدت قبل بضعة أسابيع قمة لمنع انتشار السلاح النووي في أمريكا، حيث كان من اللافت للنظر في هذه القمة، أن الدولة المستضيفة هي الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي بشكل مباشر وعلني، كان ذلك في أواخر الحرب العالمية الثانية على مدينتي هيروشيما وناغاساكي، مما أدى إلى إبادة ربع مليون إنسان، ولا يزال أثر تلك التفجيرات مستمرًا حتى يومنا هذا. لم تكتف أمريكا بذلك القصف، فلقد استخدمت اليورانيوم المخضّب و"الأسلحة الوسخة" في حربي الخليج ضد العراق، حيث لا تزال بعض نساء العراق يلدن أطفالاً مشوّهين حتى اليوم إثر استخدامها، ويبلغ أثر تلك الأسلحة مئات الكيلومترات من مكان القصف ذاته، ذلك ضمن مسلسل طويل من جرائم الحرب الأمريكية المستمرة منذ الحرب العالمية الثانية، والإرهاب الذي تمارسه وتتهم غيرها به كذبًا وتلفيقًا. دار الحديث في القمة الأمريكية عن تخفيض مخزون الأسلحة النووية في الدول النووية، ومنع وصوله أو أي سلاح مشتق منه ك"القنابل الوسخة" إلى منظمات "إرهابية". لوحظ كذلك غياب إسرائيل عن القمة الأمريكية، وهي دولة غير موقعة على معاهدة منع انتشار السلاح النووي ويُعتبر سلاحها النووي أمرًا غامضًا، والتي استخدمت اليورانيوم المخضّب في حربي لبنان وغزة الأخيرتين، لاعبة بسلاحها النووي دور "البعبع" في الشرق الأوسط. إنعقدت بالمقابل قمة أخرى في إيران تحت عنوان "لا سلاح نووي لأحد، الطاقة النووية للجميع"، حضرتها العديد من الدول بما فيها الصين، حيث كان مضمونها كعنوانها، أنه يحق لجميع شعوب العالم امتلاك الطاقة النووية كبديل لطاقات أخرى مثل النفط، والسلاح النووي مرفوض امتلاكه من أي طرف في العالم، نظرًا لكارثية هذا السلاح والمآسي التي تنتج عن استخدامه. كما تم تكرار ما أعلنته إيران سابقًا على لسان مرشدها العام السيد علي خامنئي وبعض علمائها، من أن السلاح النووي محرم شرعًا ولا يجوز استخدامه، بالرغم من وجود رأي آخر يدعي أنه يحق لأي جهة امتلاك السلاح النووي كوسيلة ردع في وجه القوى النووية الأخرى. الصراع الدائر بين إيران والغرب منذ عقود وخاصة مع بداية إيران بمشروعها النووي، يمثّل ذروة الازدواجية بالمعايير والمكر لدى القوى المتغطرسة في الغرب تجاه كل ما لا يوافق مصالحها ومشاريعها في أنحاء المعمورة. أول ما يهدد هذه الغطرسة العلم، فالتقدم العلمي الإيراني اليوم يفوق المستوى الغربي وفق إحصائيات حديثة، كما أنها دولة ذات صناعة محلية متطورة. إن ما قام به الاحتلال الأمريكي (والصهيوني بحسب مصادر تؤكد ضلوع قوات إسرائيلية في العمليات التخريبية) مع قوات التحالف في العراق من تدمير المكاتب وحرقها وإعدام آلاف العلماء خير دليل على معاداة الغرب للعلم والتقدم في الدول صاحبة المشاريع السياسية المخالفة لأمريكا وحلفائها، خاصة في الشرق الأوسط. ثم كيف لدولة صاحبة سلاح نووي من الجيل الثالث والرابع - دمّرت خلال تجاربها مساحات هائلة، والتي استخدمت ولا زالت تستخدم هذا السلاح ومشتقاته، وهدّدت ولا زالت تهدد باستخدامه - أن تمنع غيرها امتلاك طاقة نووية سلمية؟ إنه الصلف الغربي بأبشع صوره، الذي يجب أن يواجه بمزيد من العلم والمقاومة، حيث بهما تفشل مشاريع التضليل والتقسيم والفتنة، ويأفل بهما النجم الغربي الخيْدع.