في الحقيقة هناك أرضية خصبة قد توفرت في قطاع غزة نحو انخراط العديد من العناصر الحزبية وانضمامها إلى تيارات أخرى جهادية والحديث يدور عن أحد عشر ألف عنصر من الجماعة السلفية الجهادية، رغم أن هذه الجماعة قد تعرضت لمحاولة إقصاء وسحق من الساحة الغزية، وقتل زعيم التنظيم والعشرات من أفراده، وزج من تبقى في سجون الحكومة المقالة في قطاع غزة، إلى أن أعدت الأخيرة خطة تشمل عفو تام شريطة أن يتراجعوا أفراد التنظيم عن انتمائهم لتلك الجماعة. لكن الجماعة السلفية استطاعت أن تستقطب عشرات المنضويين لها وقامت بتأهيلهم دينياً وفقهياً، معتمدة في ذلك على بعض الدعم الذاتي والشخصي، فأصبح لها بعض المؤسسات الخاصة ومراكز تحفيظ القرآن والتعبئة الفكرية، ثم أخذت تطور من ذاتها وتستقطب المزيد من العناصر، واليوم هي تمر بمرحلة جديدة وهي الانتقال من العمل الدعوي والتحفيز إلى مرحلة العمل العسكري "الجهادي" مما يزيد من قاعدتها الجماهيرية لتلعب دوراً بارزاً على الساحة الفلسطينية، ولتكون أحد القوى الإسلامية التي تنافس تيار الإسلام السياسي التقليدي. فهناك عوامل عديدة تساعد على انتشار الجماعة، أبرزها الواقع السياسي الفلسطيني الذي يعيش مرحلة تحرر وطني، ومقاومته للاحتلال الإسرائيلي، كما أن الجماعة السلفية تتفق في مبادئها وميثاقها وفكرها الإيديولوجي مع برامج التيارات الإسلامية الأخرى العاملة في الساحة الفلسطينية مثل حماس وحركة الجهاد الإسلامي، وحزب التحرير كتيار رابع يمكنه أن يزاحم هذه الحركات لاسيما وأن مطالبه قريبه جداً من هذه الحركات مثل مسألة إقامة الإمارة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية وإيمانه أن هناك معركة مفتوحة مع العدو الصهيوني باعتبار أن الصراع عقائدي أي وجود وليس حدود. رغم تجنب مشايخ الجماعة في السابق الخوض في هذا الحديث. والمتتبع لتاريخ التنظيم يلاحظ أن التنظيم نشط على الساحة الغزية في زمن قصير جداً وبات ملموساً في الشارع الغزي، فهناك المئات ممن يتلقون التعليم في مؤسسات الجماعة ويمكن للناظر مشاهدة عناصر الجماعة بلباسهم الباكستاني المميز واعتزاز العامة بهم مما أستطاع أن يستقطب عناصر جديدة كانت تعمل في صفوف أجهزة أمنية ومنظمات فدائية فلسطينية على الساحة الفلسطينية، لدرجة أن العديد يتحدث بأن التنظيم يتركب من أفراد كانوا ينتمون لفصائل إسلامية مثل (جلجلت) وآخرون، أنبثقوا عنهم نتيجة خلافات سياسية وأمنية وأخلاقية ودينية وفكرية وتظلمات وصراعات داخل تلك الحركات فانخرطوا في صفوف الجماعة السلفية. فالجماعة السلفية بدأت تزاحم التيارات الإسلامية "الجهادية" في محاولة أن تفرض نفسها وتكون البديل الأخر خاصة وأنها تطرح برنامج ثوري وديني وتتبنى الكفاح المسلح "شرعية الجهاد" ضد العدو الصهيوني في وقت تتراجع الحركات الإسلامية الجهادية العاملة على الساحة الغزية عن مشروع المقاومة لأسباب سياسية وأمنية وإنسانية. بمعنى التطلع نحو الانخراط في العمل السياسي فيما يعرف ب"حركات الإسلام السياسي" هذا الواقع أفرزته الحرب الأخيرة على قطاع غزة والذي أحرج حركات المقاومة الفلسطينية، بأن تتماشى والمصالح السياسية والإنسانية والاقتصادية والأمنية للمواطن الفلسطيني. برز ذلك جلياً من خلال سلوك وتصريحات تلك الحركات وقياداتهما، التي انتقدت الهجمات الصاروخية المحلية ومن تنفيذ عمليات فدائية "جهادية ضد الاحتلال" انطلاقاً من قطاع غزة . فحركة الجهاد الإسلامي هي الأخرى أصبحت ملزمة بأن تستجيب لمطالب السلطة الحاكمة في قطاع غزة وتجميدها للعمل العسكري ضد الاحتلال أحياناً وفي أقلها التوافق والتنسيق مع تلك السلطة، إذ تحدث قيادات من الجهاد الإسلامي أنهم لم يطلقوا أي صاروخ منذ عام أي منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة، كما هو حاصل مع حركة حماس، أي أن الحركة ملتزمة بسياسة حركة حماس وحكومتها في القطاع حتى لا تحرجها، رغم اندلاع العديد من الإشكاليات بين مرابطين الحركتين من مسألة المقاومة، حتى داخل التنظيم الواحد بدأ هناك تذمر وصيحات تعلو بضرورة مواصلة المقاومة والجهاد باعتباره أحد أعمدة تلك التيارات الإسلامية التي دفعت العناصر بالانخراط في صفوفهما . هذه الواقع بكل تأكيد دفع العديد من العناصر إلى ترك مواقعهم والانخراط في صفوف الجماعات السلفية، التي تتبنى منهج إسلامي سني ومستقل بعيداً عن الإملاءات الخارجية ونفوذ تيارات ودول إقليمية استحوذت على قرارات بعض القوى الإسلامية، فأصبحت بندقيتها مسيسة تخدم مصالحهم الإستراتيجية. فالجماعة صاغت برنامجها وميثاقها، وهذا يشجعها أن تلعب دوراً منوطاً بمكانتها وحجمها التي تشعر به مع ازدياد قاعدتها الشعبية، صعوداً لتكون أحد مكونات النظام السياسي الفلسطيني. ونحن هنا لا يمكننا تغييب الأوضاع الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر والمنغلق، والظروف المعيشية والحياتية الاقتصادية والاجتماعية المتردية من فقر وانتشار لظاهرة البطالة، وعسكرة المجتمع الفلسطيني، وتراجع دور التيارات الفلسطينية اليسارية، وتراجع خدماتها، جميعها تدفع الشباب للولوج في هذا الفكر المتشدد إن كان يرفع راية إسلامية أو راية يسارية غارقة في التطرف. إضافة إلى إسهام ظروف القمع والكبت ومصادرة الحريات من المجتمع المحيط بالشباب مما ينمي الظاهرة التكفيرية، الأمر الذي يولد قابلية متزايدة لدى بعض الشباب لتبني الفكر المتطرف أياً كان مصدره الأيديولوجي بالتالي نمو هذه الجماعات. والتحدي يكون عبر التنافس وتوفر البديل مما يحرج هذه الحركات، فهناك العشرات من القوى الفلسطينية أصبحت في طي الماضي وغابت عن الساحة الفلسطينية ولم يبقى إلا أسمها لفقدانها قاعدتها الجماهيرية فاندثرت، وهذا ما تخشاه الحركات الإسلامية التقليدية، عبر عنها زعيم الإخوان المسلمين في مصر قبل أيام بضرورة أن تعود حركة حماس إلى المقاومة وتترك السلطة، لأن ذلك سيفقدها قاعدتها الجماهيرية كما حصل مع حركة فتح التي تحملت أعباء السلطة وفسادها فخسرت جزءاً من قاعدتها الشعبية، كشفت عنه الانتخابات التشريعية عام 2006.. فالجماعة السلفية بدأ نجمها يسطع من خلال تبنيها الكتاب والسنة والدعوة بالحسنى، والذي تطور لاحقاً للتيار الجهادي الذي يتبني الفكر القاعدي، حيث لا تؤمن بالعمل السياسي طالما أن فلسطين تعيش تحت الاحتلال وترى أنها أصبحت البديل الإسلامي المنافس للتيار الإسلامي التقليدي، الذي أصبح يثير الغرابة في تحالفاته وعلاقاته المحلية والإقليمية مع تيارات ودول في الحقيقة ضد المشروع الإسلامي السني المستقل، مثل علاقة إيران بالإخوان المسلمين، والأخوان المسلمين بحركة كفاية في مصر، وعدم محاربة هذه الحركات للمفسدة، وعلاقات هذه التيارات مع الغرب مثل أمريكا وأوروبا. وهذا قاله بصريح العبارة شيخهم عبد اللطيف موسي قبل تصفيته مهاجماً الروافض والخوارج. إذ أن غاية هذه الجماعات السلفية-الجهادية من الناحية الإيديولوجية، كأخواتها في الجماعات الإسلامية السنية، هو "إحياء أمجاد الإسلام القديمة وإقامة خلافة إسلامية عالمية تطبق الشريعة الإسلامية". وتتبنى هذه الجماعات السلفية - الجهادية إيديولوجية "المقاومة الصرفة" التي لا مكان فيها لوقف إطلاق النار أو الإيقاف المؤقت للهجمات على العدو. وهي تحاول أن تتبع أسلوب المقاومة البدائية، رغم قناعتهم بأنها لا تواكب التكنولوجية العسكرية التي يمتلك العدو، وهذا برز خلال عملية اقتحام معبر المنطار شرق غزة بعد تسلح المهاجمين بالسلاح الأبيض والجياد. فالجماعة تدرك أن حركة "حماس تمضي نحو إصلاح المجتمع وتوجيهه نحو الإسلام بالتدرج، لكن يبدو أن سعي الجماعة يقف عند محددات قد تكون أبعد من النظرة الدينية. بمعنى انخراط حركة حماس في غزة في السياسة وقضايا الحكم وتأخرها في جعل الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً لنظام المؤسسات في القطاع، خلق فراغاً أمام السلفية الجهادية والجماعات الدينية بأن تملئه وأن تقف بالمرصاد. ونتيجة ذلك برزت الخلافات التي دارت بين الأقطاب، والمواجهة الدموية الأولى، في محاولة لنفي الأخر، والتي كانت في مسجد بن تيمية جنوب رفح التي سقط فيه عشرات الضحايا من كلا الطرفين، وتوعدهما بمزيد من العنف مما ينذر باستمرار المعركة وحالة السجال فيما بينهم. فالجماعة السلفية تبنت العديد من عمليات الثأر والانتقام ضد مؤسسات حماس في قطاع غزة، لاسيما التفجيرات والعبوات التي وضعت بجانب مقرات أمنية ومنازل تعود لأفراد من حماس، وممارسات أخرى تراها مخالفة للشرع مثل مهاجمة نوادي الفيديو والانترنت وتفجيرات أجازتها الفتاوي الدينية من أجل محاربة المفاسد، ترى فيها حكومة حماس أنها فوضى أمنية يجب سحقها. فهي أكدت أنها ستنتقم لدماء أفرادها ولقائدها الشيخ عبد اللطيف موسى، وأعلنت عن عملياتها الثأرية، وعبر بيانات أصدرتها، كما أن الجماعة تقف وراء عدد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي، خاصة إطلاق الصواريخ المحلية والتي تجد به الجماعة أسلوباً يمكن أن يخلف الحرج لحكومة حماس على الصعيدين الداخلي والخارجي ويضعها على المحك أمام طبيعة رد الفعل الإسرائيلي بصفتها السلطة السياسية التي تدير قطاع غزة. إن كل تنظيم يعتبر اندماج عنصر جديد لصفوفه هو مكسب كبير لهذا التنظيم، فكيف سيكون الموقف أمام تنظيم تعرض لمحاول شطب، وفقد العديد من عناصره بعد المواجهة الدامية له في رفح، فهناك تعاطف شعبي مع الجماعة السلفية وهناك عناصر تجندهم الجماعة استطاعت أن تستقطبهم عبر مؤسساتها ومواردها المستقلة وقياداتها التي تعمل سراً وجهراً. وعبر تبنيها لمشروع الجهاد الخالص، وهذا يحسن من مكانتها الشعبية داخل المجتمع الفلسطيني. الذي تعسكر نتيجة حدة الاستقطاب السياسي في قطاع غزة، واستمرار التهديدات الإسرائيلية العدوانية. وتوفر الأرضية الخصبة نتيجة الإغلاق والحصار وانتشار مظاهر التهريب. والمتتبع لنشأة الجماعة يتضح أن لها مرجع ديني وعقدي وفكري كتيار انزوى جانباً عن العمل السياسي واهتم بالجانب التربوي والتنشئة الدينية للشباب، وغلبة الطابع المتواضع عند زعمائه في السلوك ونكاد نختلف عن وجود رأس شرعي وقيادي له دور فعال يدير الجماعة، رغم قناعتهم بمسألة أمير الجماعة . لكن الطفرة التي صنعت الحداثة للجماعة يؤكد أن أفراد الجماعة هم من الشبان الثائرة التي تعرضت لجملة من الإحباطات فانتفضوا وانضموا إلى هذا الجماعة ليشكلوا الذراع العسكري للجماعة السلفية عام 2001، وهذا لا يعني أن الجماعة حديثة النشأة فالجماعة لها أصول فكرية قديمة لكنها لم تتبنى نهج المقاومة والجهاد وأعجبوا بسلوك أشقائهم في بلدان العالم المحتل خاصة في العراق. فهناك اهتمام وتعبئة في بعض المساجد التي يتوافد عليها الجماعة وتنشر فكرها للعامة والمتعبدين الذين يتعلمون فيه فن الخطابة والإمامة وإلقاء الدروس الدينية حيث يستقطب المئات من الشباب واليافعين، كمدرسة فقهية ومرجعية دينية مستقلة ويتبعها مساجد أخرى في جنوب القطاع اندلع فيها صراع في إطار السيطرة الحزبية لاسيما في المناطق المحسوبة على فئات معينة. كما أن الجماعة تقوم بزيارات إلى مساجد عدة في أحياء محلية من قطاع غزة وبلدان إقليمية تسميها "الخروج في سبيل الله" من أجل نشر الدعوة وتبليغ فضائل الإسلام لكل من تستطيع الوصول إليه، ملزمةً أتباعها بأن يقتطع كل واحد منهم جزءً من وقته لتبليغ الدعوة ونشرها بعيداً عن التشكيلات الحزبية والقضايا السياسية، ويلجأ أعضاؤها إلى الخروج للدعوة ومخالطة المسلمين في مساجدهم ودورهم ومتاجرهم ونواديهم، وإلقاء المواعظ والدروس والترغيب في الخروج معهم للدعوة وهذا الأمر ساعد الجماعة في جلب الدعم المالي، خاصة من الباكستان ودول المغرب العربي، واليوم الجماعة السلفية أصبح لها مؤسسات تكاد تعتمد عليها كموارد ذاتية خاصة، برز فيها ولاء أفراد الجماعة وتكاتفهم الأسري، وتقلدهم بسيرة رسولنا الكريم والصحابة لاسيما في توزيع الصلاحيات والمهام والشورى بينهم وتواضعهم. حيث يشعر أفراد الجماعة السلفية في قطاع غزة بالاعتزاز والفخر وهم يتبنون نهج السلف الصالح الذي يمتد إلى عهد الرسول، معتبرين أنفسها المحافظين على هذا العهد. ولكن خروج أفراد الجماعة إلى الدعوة في الباكستان وتلقى البعض منهم العلم والتدريب في المدارس الدينية والاعتزاز بأساتذتهم هناك ساهم في توطيد العلاقات مع الحركات الدينية وتبني أفكارها مما جعلها قريبة بشكل كبير من أفكار القاعدة التي تأخذ من الباكستان وأفغانستان مقراً لها جمعتهم روابط وصلات عرضية وفردية مع الحركة الجهادية العالمية بقيادة أسامة بن لادن، وقد حظي الوجود السلفي الجهادي في قطاع غزة أيضاً إلى دعم من المقاتلين الأجانب الذين دخلوا غزة للترويج لإيديولوجيتهم من بعض بلدان المحيط. كما أن الجماعة تشعر بالاعتزاز وهي تتسلح بأن لها امتداد إقليمي كتنظيم القاعدة لما تركة الأخير من رعب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا. وكي تعزز من حضورها وتستقطب الشبان الصغار، أخذت تتبنى نهج تنظيم القاعدة، وتبايع أحيانا قائده، أسامة بن لادن. ويسجل أن موقفاً أشاد فيه أيمن الظواهري أحد أبرز قيادات تنظيم القاعدة أشاد بالدور التي تقوم به الجماعات السلفية، وانتقد موقف حماس بوصفها حركة وطنية سياسية تسعى للاستحواذ على السلطة تسعى إلى تحكيم الشريعة. فارتباط تنظيم القاعدة ذو امتداد ويقوم على الإيديولوجية ليس مع الجماعة السلفية فحسب بل مع تيارات إسلامية عديدة لا الحصر "تنظيم جحافل التوحيد والجهاد"، و "جيش القدس الإسلامي"، و "مجموعة جلجلت"، و "تنظيم جند الله الفلسطيني"، و "جند أنصار الله"، و "تنظيم قاعدة الجهاد ولاية فلسطين"، و "حركة فتح الإسلام في فلسطين"، و "عصبة الأنصار في فلسطين"، و "جماعة جيش الأمة"، و "جماعة جيش الإسلام". وأنصار بيت المقدس، وجند محمد، وجميعها تضم ناشطين سابقين في فصائل إسلامية ووطنية فلسطينية. فالجماعات السلفية الجهادية المحلية في قطاع غزة تسعى إلى تثبيت أركانها ولكن تخشى أن تتعرض لخسارة في حال اندلاع مواجهة عسكرية دامية يكلفها المزيد من الضحايا من أفراد تنظيمها العسكري الناشئ من جديد، والذي يطالب بالدعم وباستعادة الأسلحة المصادرة من قبل الحكومة المقالة في قطاع غزة. ومع مواصلة الدعم العسكري عبر الأنفاق ونمو أفراد الجماعة بشكل كبير في رفح، وتبنيهم عدد من العمليات الجهادية التي أخذت طابع تاريخي وإسلامي قديم يبين مدى اعتناق وتسلح هذه الجماعة بقيم ومبادئ وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى بمعايشتهم لحقبته التاريخية رغم الفارق الزمني والتطور التقني العسكري. ويبقى معيار هذا الهجوم النوعي ومدى نجاحه معياراً يمكن دخول الجماعة الحقل الحزبي الفلسطيني، وعندها ستحظى بقاعدة جماهيرية محلية ودولية. يفهم من ذلك أن التجربة الديمقراطية الفلسطينية أثبتت أنها سيئة الحكم حتى داخل الفصيل الواحد هناك نزاعات وسيطرة على النفوذ، ولا يمكن الشراكة والتعايش السلمي بينهم، لاسيما في ظل عدم التوافق السياسي والفكري وغياب برامج المقاومة التي تسير وفق المصالح والإملاءات الإقليمية. وهذه الصراعات دائماً يدفع ثمنها المواطن الذي يبحث عن الأمن والاستقرار وعلاقاته الاجتماعية التي تفككت وتفسخت نتيجة الصراعات الحزبية والفكرية. رغم أننا نتفق في المذهب والهدف والمصير، لذلك التطرف دائماً يثير القلاقل ويثير الفتن، فنحن ننتمي إلى دين معتدل وخير الأمور الوسط. ومعركتنا ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي جني ثماراً كثيرة من استمرار الانقسام والاقتتال الداخلي الفلسطيني.