على إثر الوعكة الصحية التي ألمت بفضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على مستوى المتانة والمسالك البولية في يوم 6 مارس2010. كان قد نقل على جناح السرعة وتحت الوصاية الملكية من الملك عبد الله بن عبد العزيز العاهل السعودي إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض. وقد كللت العمليتان بنجاح كبير حيث أشرف على علاجه طاقم كبير من الدكاترة المتخصصين على رأسهم الطبيب الاستشاري الماهر الدكتور خالد العثمان بتوصية من العاهل السعودي الذي أمر بتوفير كل أسباب العلاج والراحة لفضيلة الشيخ، كما كلف المراسم والتشريفات الملكية بمتابعة ذلك شخصيا، كما لم يتوقف في السؤال والاطمئنان عنه. إن وجود العالم في الأمة هو وجود لمصباح ينير لها الطريق، وموجه يحدد لها بين الصواب والخطإ، بين ما هو من الشرع وبين ما هو من الضلال وما تهوى الأنفس. وهو الذي يقيس لها مدى درجة القرب أو البعد عن الصراط السوي: صراط الأنبياء والصالحين والمحبين لأمتهم والغيورين عليها، والذين يذودون عن حماها ويدافعون عن حرماتها. وفي علاقة صلح لا مثيل لها بين البلاط والعلماء، زار الكثير من الأمراء سمو العلامة في مشفاه مثل الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود وآخرون من أمراء الأسرة الحاكمة. كما زارته وفود وأفواج من العلماء الذي تقاطروا على مستشفى الرياض من كل حدب وصوب ومن مختلف الأقطار العربية والدولية. ومن البلد المضيف زاره مفتي الديار السعودية عبد العزيز آل الشيخ، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن حميد، وكثير من العلماء من مختلف مدن المملكة كالدكتور صالح آل محفوظ والأستاذ محمد عبد الله هاشم والدكتور صالح باقلاقل والدكتور علي بادحدح والدكتور علي حمزة العمري...وكثير من الأدباء والعلماء والرموز. وبعد ما امتثل الشيخ العلامة يوسف القرضاوي للشفاء أقام الدكتور محمد أحمد الصالح مأدبة غذاء استدعى لها الكثير من العلماء والسفراء والوجهاء والأدباء ورؤساء الجامعات..كما أقام الدكتور محمد أحمد الرشيد وزير التربية السابق وليمة عشاء بمناسبة شفاء الدكتور يوسف القرضاوي وقبل مغادرته للسعودية في اتجاه قطر. وقد جمع هذا العشاء بين الكثير من رجال العلم والأدب والتربية والسياسة والإعلام.. ومما تجدر الإشارة إليه هو تحول غرفة الدكتور يوسف القرضاوي في مستشفى الرياض إلى قاعة مؤتمرات وندوات يأتيها الأمراء والعلماء والأدباء وكبار المسؤولين وعامة المسلمين..وبعد هدف الزيارة والاطمئنان على العلامة كانت تتحول هذه الزيارات إلى مناقشات وحوارات حول قضايا الأمة والاستفتاء في أمورها وقضاياها الشائكة. وقبل مغادرة العلامة السيخ يوسف القرضاوي للديار السعودية في اتجاه قطر، قام بزيارة لمعرض الكتاب على كرسي متحرك رفقة وكيل وزارة الإعلام والثقافة ووفد مرافق من الإعلاميين والمثقفين والعلماء والسياسيين. توجهت الزيارة بإجراء حوارات هامة مع فضيلته بعد غياب دام قرابة أربعة أيام. وكما هي طبيعة وأخلاق العلماء اغتنم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الحوار الذي أجرته معه القناة الثانية السعودية ليبعث عبرها كلمة شكر إلى العاهل السعودي على ما تفضل به من عناية وتوصيات من أول دخول العلامة إلى المستشفى إلى وقت خروجه منه صحيحا معافا. كما تقدم بالشكر لكل الأطباء والقائمين بالمستشفى. ولم يفته أن يتقدم بالشكر لكل العلماء والأدباء وتلاميذه ومحبيه وعامة المسلمين في كل أرجاء الأرض الذين سألوا عنه، ودعوا له، واهتموا لأمره. هذا الدكتور العظيم صاحب المواقف الجريئة التي رفعت راية الأمة الإسلامية عالية، هذا الموجه الكبير الذي لا يخاف سلطانا ولا يهاب أميرا..ولا تأخذه في الحق لومة لائم..هذا الذي لا يزال يدافع عن قضايا الأمة الحرجة في الوقت الذي انكمش فيه العلماء..والذي تكلم في اللحظة الحاسمة التي خرصت فيها ألسنة العلماء..هذا الذي وقف بعزة ضد الغرب الصليبي عندما سب خير البرية فحرك قطيعا من العلماء وملايين من المسلمين ليهبوا عن بكرة أبيهم دفاعا عن شرفهم وشرف أمتهم وشرف نبيهم.. هذا الذي وقف ولا يزال في صف القضية الفلسطينية ولم يتخلى عنها رغم تخاذل الكثير من أبناء الأمة بما فيهم العلماء.. هذا الجبل الشامخ، عندما زار بلدي، وبالضبط عندما زار مدينة مراكش في أحد السنوات، لم تستقبله هيئة ولم تأبه به وزارة ولا علمت بزيارته نيابة، ولولا شباب المغرب على رأسهم الطلبة الذين قللوا من هذا العار الذي لحق بوزاراتنا وحكوماتنا وعلى رأسها وزارة الأوقاف التي تعرف أكثر من كل باقي الوزارات قيمة عالم كبير في حجم الدكتور يوسف القرضاوي.. فمتى تستدرك بلادي العزيزة فداحة هذا الخطإ وتتخذ من السعودية قدوة لها فيما قامت به من عناية واحتفاء واهتمام بهذا العالم الكبير عالم الأمة يوسف القرضاوي؟