كل يوم أحد، تكون ساكنة جماعة أحد البخاتي الخاضعة لنفوذ دائرة جمعة اسحيم، بتراب إقليمآسفي، على موعد مع السوق القروي الأسبوعي أحد البخاتي. سوق يختزل الهشاشة والبؤس الذي تتخبط في مستنقعه المنطقة وساكنتها، في غياب تنمية بشرية واقتصادية حقيقية. فالسوق القروي أحد البخاتي يعتبر بحق نموذجا فريدا، مختلفا عن الصورة النمطية التي اعتدناها، أو تلك التي يحملها بعضنا في مخيلته حول الأسواق القروية الأسبوعية في المغرب. سوق يحسبه الزائر أو عابر السبيل، خارج أيام السوق، مركبا إداريا وتجاريا، محاطا بسور، تقسم فضاءه إلى شطرين، طريق معبدة قادمة من مركز سبت المعاريف، في اتجاه مدينة جمعة اسحيم ذات الطابع القروي-الفلاحي. مرافق عامة اصطفت بناياتها ومقراتها جنبا إلى جنب، داخل فضاء السوق المترب، في طليعتها مقر المجلس الجماعي القروي، وبناية القيادة، ومركز صحي، وفي الشطر المقابل، "حوانيت"، وصيدلية (...). في الساعات الأولى من ليلة السبت، يشرع الباعة في التوافد على السوق القروي، لإقامة الخيم، أو أخذ أماكن في العراء، بغاية عرض بضاعتهم، من خضروات، وخدمات "خاصة". وعلى بعد بضعة أمتار من مقر قيادة أحد البخاتي، ثمة محلات عشوائية خاصة بالجزارين، يعرضون فيها لحوم البهائم، التي يتم ذبح بعضها في مجزرة بالجوار، تنعدم فيها أدنى شروط النظافة والصحة. فهذه اللحوم المخصصة للاستهلاك "البشري"، لا تخضع قطعا للمراقبة البيطرية. والأخطر من ذلك أن الجزارين ينقلونها في ظروف غير صحية، ويعرضونها في محلات متسخة وملوثة. حيث يشدون "سكيطات" الأبقار والأغنام و(!!)، لا تحمل بالمناسبة طابع الطبيب البيطري المختص، إلى أعمدة حديدية صدئة، وفي أماكن متربة، عرضة لأشعة الشمس والحشرات، وتحت الأشجار التي تسقط من أغصانها، "فضلات" الطيور (انظروا الصورة). فهذه المحلات العشوائية التي لا تحترم شروط النظافة والصحة، والتي تعرض فيها اللحوم بشكل يهدد السلامة الغذائية والصحية للمواطنين، كائنة على بعد بضعة أمتار من مكتب قائد قيادة أحد البخاتي، الذي يبدو أن سعادته "خارج التغطية" أو "في حالة شرود"، غير مكترث بالصالح العام، وبمصالح رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس. سلوكات وتصرفات بعيدة كل البعد عن المفهوم الجديد للسلطة، الذي يتعين أن يتحلى به رجال السلطة، وكذا، عن ممارسة سياسة القرب، والانفتاح على المواطنين.
هذا، وقد حاولت "هبة بريس" ربط الاتصال مع سعادة رجل السلطة، على هاتفه النقال، على الساعة السابعة و30 دقيقة من مساء الأحد 2 يونيو 2013، لاستفساره، تنويرا للرأي العام، عن الظروف والشروط غير اللائقة و"غير الإنسانية"، التي يتم قيها عرض اللحوم بالسوق القروي الأسبوعي أحد البخاتي، الخاضع لنفوذه الترابي، غير أن سعادته امتنع عن الرد على الهاتف. والأكثر من ذلك أنه وضع عن قصد حدا لرنات الهاتف. ما حدا بنا إلى الاتصال بالسيد رئيس دائرة جمعة اسحيم، وأطلعناه عما بدر عن سعادة القائد. ما يتنافى والحق في الوصول إلى مصدر الخبر، وإلى "المعلومة"، والذي يضمنه دستور المملكة المغربية.
إن من حق سعادة القائد أن يمتنع عن الرد على المكالمة الهاتفية، لكن ليس من حقه أن يعرض للخطر، سلامة وصحة المواطنين، رعايا صاحب الجلالة المؤتمن عليهم، وعلى مصالحهم، من خلال الإحجام عن تفعيل اختصاصاته وصلاحياته، التي تكمن كذلك في القيام بزيارات تفقدية-ميدانية، بعيدا عن المكاتب المكيفة، والكراسي المريحة، بغاية مراقبة جودة المنتوجات الغذائية والاستهلاكية، وظروف عرضها للبيع.
وبغض النظر عما أثير سلفا من جوانب سلبية وخطيرة، فإن غياب المراقبة البيطرية، وغياب تفعيل اختصاصات وصلاحيات السلطة المحلية، ممثلة في قائد المنطقة، يعتبر بمثابة ضوء أخضر لبعض الجزارين من عديمي الضمير، لممارسة الذبيح السرية التي قد تشمل بهائم مريضة، و"النعجات"، وربما حيوانات "محرمة". كما أن بعضهم تتاح له الفرصة، دون حسيب أو رقيب، في غياب الوازع الديني والأخلاقي، لتسويق ما تبقى له من لحوم، لم يستطع تسويقها في أسواق قروية أسبوعية أخرى. ما بات يدق ناقوس الخطر، ويستدعي تدخلا حاسما من قبل سلطات الوصاية ممثلة في والي جهة دكالة-عبدة/عامل إقليمآسفي، ورئيس قسم الشؤون الداخلية لدى عمالة آسفي، وكذا، رئيس دائرة جمعة اسحيم، الرئيس الترابي والإداري المباشر، والذي يعمل تحت أمرته، سعادة قائد قيادة أحد البخاتي.