هي الجديدة، عاصمة دكالة، التي كان الجنرال "ليوطي" وصفها، مطلع القرن العشرين، عندما كان الاستعمار الفرنسي جاثما على صدر المغرب، ب"الدوفيل المغربية". شاطئها كان مفخرة المعمر، الذي جعل من رماله الذهبية وفضائه العريض الطويل، قبلة للراحة والاستحمام، واحتضان فعاليات أنشطة ترفيهية وثقافية وفنية، على مدار السنة. كما أقام المعمر على شاطئه الصخري، فوق أمواج المحيط الأطلسي، "كازينو"، آية في الهندسة المعمارية والجمال ... "كازينو" لم يعد له أثر، إلا في الذاكرة الجماعية، وفي بعض الصور الفوطوغرافية الناذرة، بعد أن خربه "الوندال" ... الذين مروا من هنا، وطمسوا معلمة من معالم الجديدة الحضارية، ومعها صفحة مشرقة من تاريخ مزاغان والمغرب.
آه ! لو علم الجنرال "ليوطي"، ما آلت إليه "الدوفيل المغربية"، وحال الواقع الكارثي، الذي يتخبط في مستنقعه، شاطئها "المتسخ" و"الملوث"، لتقلب في تابوته. واقع لم يعد يحرك للأسف ساكنا في النفوس. وقد اختار بعضهم احتضان المهرجانات الوطنية والدولية، وتنظيم حملات، تمليها الظرفيات والمناسبات، وما يواكب ذلك من إهدار للمال العام، وبهرجة، أمام عدسات الكاميرات، ووسائل الإعلام .
إن شاطئ مزاغان بات يختزل مآسي الجديدة، وتناقضاتها الصارخة، التي يمكن استيعابها حتى من محيط الشاطئ (نور القمر)، الذي تؤثثه وحدات فندقية مصنفة. وغير بعيد ... يحسب السائح أو ألغريب عن المدينة، نفسه، وهو يلج ليلا إلى عاصمة دكالة، من بوابتها الشمالية، أنه في أوروبا، أو في إحدى عواصم دول الخليج. إذ تحتضنه الجديدة بذراعيها المفتوحتين، وتستقبله بوحداتها السياحية، وبفضاءاتها الخضراء، وبالورود والأزهار المتفتحة صيف–شتاء، وبأشجار النخيل، وبالمصابيح الزرقاء المثبتة على طول جنبات الطريق، وبمدارتها التي تنبعث منها نافورة مياه عذبة متدفقة. لكن ما أن يعرج المرء على شاطئ المدينة الممتد على طول زهاء 3 كيلومترات، حتى يستفيق من الحلم الوردي، على وقع كابوس الواقع. ولا يمكنه إلا أن يستوعب مصداقية المثل الشعبي القائل "العكر على الخنونة" !!