يعتبر إقليمالجديدة من بين أهم الأقاليم المغربية ذات الطابع السياحي ، نظرا لما تتوفر عليه من مؤهلات تساهم في جعلها تنعم بالعديد من المجالات والفضاءات المتميزة التي تدخل في إطار السياحة خصوصا الداخلية منها حيث البحر والغابة والقصبات والمآثر التاريخية والمواسم ذات الصيت العالمي وما تقدمه من فنون متنوعة كالفروسية ( التبوريدة ) التي تحظى بشعبية كبيرة وتكون مناسبة فريدة بالنسبة للفرسان لإبراز مهاراتهم في ركوب الخيل واستعمال البنادق النارية والصيد بالصقور والأهازيج الشعبية التي تبرز ثقافة أهل المنطقة في كل مناحي حياتهم ... هذه المدينة العريقة حملت عدة أسماء، فالرومان أطلقوا عليها اسم «روزيبيس»، حسب ما حكاه «بتوليميوس» عن رحلته لغرب إفريقيا. وفي القرن السادس عشر، احتل البرتغاليون المنطقة لأهمية موقعها الاستراتيجي على الساحل الغربي وشيدوا بها، سنة 1506 قلعة ومدينة سموها «مازكان». ولم يتمكن السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله من تحريرها إلا سنة 1769 بعد حصار طويل. لكن البرتغاليين قاموا بتفجير عدة قنابل عند مغادرتها فتهدمت معظم بناياتها. وظلت مهجورة وتدعى «المهدومة» إلى أن أمر السلطان مولاي عبد الرحمن بترميمها وإعادة بنائها سنة 1832 وأطلق عليها بعد ذلك اسم «الجديدة». وبعد فرض «الحماية» الفرنسية على المغرب سنة 1912، حملت المدينة من جديد اسم «مازكان»، ووصفها الجنرال «ليوطي» (أول حاكم فرنسي على المغرب) ب»دوفيل المغرب». واستعادت المدينة اسم «الجديدة» إثر استقلال البلاد. هذه المكانة التاريخية ومميزاتها العمرانية هي التي سمحت لهذه المدينة الجميلة أن تسجل ضمن التراث البشري الدولي من قبل منظمة «اليونسكو» كما أن روعة وجمال الطبيعة وما يزخر به الإقليم من شواطئ تجعله يتحول وخاصة في فصل الصيف إلى محج كبير للمصطافين والزوار من مختلف الجهات بالمملكة وخارجها بما يحرك التنمية الاقتصادية ويساهم في تحسين دخل العديد من الأسر الدكالية الأمر الذي يبرز جيدا أهمية الإقليم السياحية المتنوعة والتي ترتكز في مجملها على ثلاثة أنواع أسياسية. السياحة الشاطئية والغابوية تمتد شواطئ الإقليم الأطلسية على مساحة 120 كلم تقريبا تتميز كلها بالاستواء ومحاذاة الغابة كما هو الشأن بشاطئ ( سيدي عابد ? الدوفيل ? سيدي بوزيد... ) الأمر الذي يجعلها تحظى بالأفضلية لدى المصطافين على اختلاف الأعمار والجنس ، لأنها وببساطة تجمع بين سهولة الاختراق ، وسلامة السباحة ، واعتدال الحرارة بالإضافة إلى جودة مياهها و جمال رمالها كون أغلبها بعيدة عن مصاب نفايات المصانع وكل ما يمكنه أن يلوث مياهها أو يؤثر في جودتها ويضعف من جماليتها ، لذلك نجدها و لمدة فترة زمنية تقارب الستة أشهر تعرف توافد الزوار للتمتع بجماليتها وتبقى فترة فصل الصيف هي التي تضيق فيها شواطئ الإقليم بزوارها من السياح الأجانب والمغاربة على حد سواء بالإضافة إلى جمعيات المجتمع المدني خصوصا تلك التي تهتم بالتخييم أو تلك التي تمارس بعض الرياضات البحرية كما هو الشأن برياضة الشراع أو التزحلق عبر الأمواج حيث يشارك فيها العديد من الرياضيين من داخل وخارج المغرب ... وإذا كانت شواطئ الإقليم تساهم وبشكل كبير في تطور السياحة الداخلية ، فان العديد منها لازال يفتقد إلى تجهيزات ومرافق صحية وبنيات تحتية تساهم في خلق تنمية سياحية بها كانعدام الأمن والمراقبة المدنية و المحلات التجارية ...وهذا بدوره راجع إلى اللامبالاة لبعض رؤساء الجماعات المتواجدة على ترابها هذه الشواطئ بل يتم اغتصاب جماليتها أحيانا نتيجة لبعض الممارسات اللامسؤولة . يتميز إقليمالجديدة بوجود قطاع غابوي مهم يغطي جزءا كبيرا من مساحته الفلاحية كغابة الشياظمة بنواحي البئر الجديد والحوزية الواقعة بين الجديدة و آزمور وغابة بولعوان ... بالإضافة إلى الشريط الغابوي الممتد عبر مجموعة من شطئان الإقليم ، ونظرا لما تلعبه من دور اقتصادي ورياضي فقد أصبح الفضاء الغابوي يعرف حركة سياحية أسبوعية نشيطة ، حيث هناك فئة من المواطنين والأسر وبأعداد كبيرة تتوجه نهاية كل أسبوع نحو هذه الغابات قصد الاستراحة والترفيه بل وممارسة بعض أنواع الرياضات المفضلة لديهم كما أصبحت محجا مفضلا للعديد من الجمعيات الشبابية والتربوية ووجهة للطلبة في إطار الرحلات المدرسية ... مما يجعلها تعرف حركة سياحية تنموية من نوع آخر ، غير أن قلة المراقبة والأمن قد ينتج عنهما بعض الانزلاقات والانحرافات التي تضر بالزوار والفضاء الغابوي على حد سواء ( الحرائق ? الجرائم ... ) ، وتفاديا لكل سوء محتمل بات على المسؤولين والساهرين على القطاع السياحي والغابوي خلق نوع من الهدوء والطمأنينة لدى عموم الزوار بهذه الفضاءات الخضراء مع توفير الأمن والحماية لهم وكذا للمجال الغابوي من أي إتلاف أو ذمار . سياحة المدن العتيقة والمآثر التاريخية يمتاز إقليمالجديدة بمآثره التاريخية ومدنه العتيقة والزوايا ... التي لازالت تحتفظ بطابعها المعماري المتميز كما هو الشأن بمدينة آزمور ( المدينة القديمة ? الأسوار ...) ومدينة الجديدة ( الملاح ) وبعض المآثر التي لازالت شامخة تصارع الزمن وتغير الأوضاع على مختلف المستويات ، تتحدث عن حقبة من الزمن تفنن وأبدع في بنائها أهل دكالة كقلعة تيط ، وقصبة بولعوان ، وما تشكله (تازوطا) من فن معماري و أسوار الملاح ... وهي مآثر تستقطب الزوار الوافدين على الإقليم خاصة وأن البعض منها أصبح يحظى بشهرة دولية ومكانة سياحية متميزة كالمسقاة البرتغالية والأبراج الخمسة للقلعة ، وسور ضفة نهر أم الربيع والصومعة الخماسية الأركان لمسجد الحي البرتغالي ، وكذا المدافع القديمة ، وقصبة بولعوان ... سياحة المدن العتيقة والمآثر التاريخية حسب الواقع تعرف إقبالا مكثفا على مدار السنة من طرف السياح الأجانب وكذا الزوار المغاربة من مختلف أنحاء المملكة ، غير أنه إذا كانت تحتل مكانة مهمة لدى هؤلاء ، فإنها وعلى ما يبدو ليست كذلك بالنسبة للجهات المعنية بقطاع السياحة والمجال السياحي بالمدينة ، ولعل ما يفسر ذلك هو غياب الصيانة والترميم للبعض منها التي توجد حاليا على باب الاندثار والنسيان أو الانهيار المستمر أمام صمت الجهات المسؤولة ، علما أن هذه الأماكن التاريخية بإمكانها أن تذر أموالا طائلة تعود بالنفع على المنطقة بأكملها إن هي نالت من الاهتمام والصيانة ما تستحق ورد الاعتبار لها كالاهتمام مثلا بقصبة بولعوان وجعلها منارة سياحية تتهافت عليها الوفود السياحية والبعثات الاستكشافية والرحلات الدراسية، والعمل على إعادة ترميمها وفق التصاميم الأولى للاحتفاظ بالخصائص المعمارية والعمرانية وبالتالي البحث عن استثمارات خارجية خاصة وأن دولة البرتغال تضع في مخططاتها الثقافية، مد يد المساعدة والعون لتراثها التاريخي ولمآثرها العمرانية التي مرت منها منذ نهاية القرن الثامن عشر ، فقصبة بولعوان يمكن أن تكون عمودا فقريا لمنتوج سياحي دكالي متميز يرتكز أساسا على قيمته التاريخية والمعمارية بالرغم من اندثار أجزاء كبيرة منها، فالقلاع والحصون والمباني الأثرية هي ثروة حضارية تساهم في تنمية السياحة، وما تمت الإشارة إليه بخصوص قصبة بولعوان ينطبق على الزوايا و القلاع ... وغيرها من المآثر التاريخية . سياحة المواسم والمهرجانات يحق لإقليمالجديدة أن يفخر بالمواسم والمهرجانات ذات الطابع السياحي التي تقام به حيث يتحول إلى قبلة للعديد من الزوار من مختلف أنحاء المعمور قصد متابعتها و التعرف على التقاليد العريقة لسكان المنطقة وثراتهم الثقافي، وبما أن أرض دكالة كانت تحتضن بين أركانها فقهاء وعلماء و أولياء عرفوا بتقواهم وورعهم وحيث أن علاقة المواطن بالأضرحة في المفهوم الشعبي علاقة ولاء وخنوع، فهو يقيم لها قداسيات خاصة احتراما وتبجيلا، لما يكنه لها من عقيدة لا يمكن زحزحة عمقها في دواخله، ومن تم بدا تشجيع المواسم التي أصبحت تقليدا سنويا قصد التواصل والتلاقي وإقامة الأعراس والتباهي ببعض المنتوجات الفلاحية، وإبراز بعض التقاليد والعادات. وبذلك أصبحت المواسم مجالا للفرجة والترويح عن النفس حيث تعرض العديد من اللوحات الفنية كالفروسية المعروفة بين الأوساط الشعبية بالتبوريدة وإقامة الحفلات الشعبية بمشاركة فرق الشيخات ذات الحضور الفني الشعبي في الوسط الفلاحي من خلال فن العيطة بمختلف أنواعها والحضرة و فن الملحون الذي يعقد مهرجان خاص به «ملحونيات» ليتطور الحضور الفني خلال الثلاث سنوات الأخيرة بالاقليم حيث تعرض مختلف أنواع الأغنية العصرية التي يحتضنها مهرجان «جوهرة» لتشكل اليوم هذه المهرجانات والمواسم فضاءات سياحية يزداد عدد زوارها سنة بعد أخرى حيث يمكن القول أن أزيد من مليون ونصف من مرتادي موسم مولاي عبد الله أمغار يحطون سنويا رحالهم به، يمكن للمرء أن يمتع ناظريه بجمال الخيام المنصوبة على مسافة أربعة كيلومترات وأزيد كما يشد انتباهك منظرها العفوي وهي تأوي بين أدرعها الزوار لمدة أسبوع من الزمن، فموسم مولاي عبد الله بالإضافة إلى أنشطته الدينية والتراثية من فروسية وصيد بالصقور هو كذلك صورة لنمط عيش قبائل دكالة، حيث تكون فنون الطبخ واللباس الدكالي حاضرة بقوة بالإضافة إلى عدد من العادات والتقاليد التي تشكل منتوجا سياحيا متميزا وتبرز خصوصية المنطقة الثقافية والاجتماعية ... تتعدد مظاهر الموسم بين الأنشطة الدينية بضريح الولي الصالح والمسجد التابع له والاحتفالية بمختلف فضاءات هذا الموسم، ويتميز باستمرار أنشطته، فإذا كان النهار يخصص لألعاب الفروسية والصيد بالقصور فإن الليل يشهد حفلات فنية شعبية بالخيام وتراث الحلقة بملعب الفروسية . إضافة إلى موسم مولاي عبد الله أمغار الذي أصبح وطنيا ، هناك مواسم أخرى أخذت لنفسها شهرة كبيرة كموسم سيدي مسعود بن احسين بجماعة أولاد افرج وموسم مولاي بوشعيب السارية بآزمور وهي مواسم تساهم وبشكل كبير في السياحة الداخلية نظرا للحضور القوي للمواطنين وما ينتج عن ذلك من رواج اقتصادي بالمنطقة . تعرف مدينة الجديدة بالإضافة إلى المواسم إقامة مهرجانات على مدار السنة من أبرزها مهرجان « جوهرة « بالجديدة ومهرجان « ملحونيات « بآزمور وكذا الجديدة مهرجان الضحك و معرض الفرس الذي أصبح دائع الصيت حيث اكتسب شهرة عالمية كما يعرف مشاركة مجموعة من الفرق و الجمعيات الاجنبية المهتمة بمجال الفرس ...ترتدي إبانها مدينة الجديدة عاصمة دكالة حلة جديدة تراعي خصوصيات المنطقة وثقافة سكانها، فخلال فصل الصيف تستعد عاصمة دكالة لاستقبال زوارها الراغبين في التمتع بجمال شواطئها ... وبالموازاة مع ذلك يقام المهرجان الصيفي تقدم من خلاله أفضل العروض الفنية والتنشيطية التي تمثل متنفسا للزوار و مجالا للقضاء على الروتين و نسيان عناء ومشاق العمل وما تحمله الطلبة من معاناة في الإعداد والاستعداد لاجتياز الاختبارات كما تعد مناسبة للعائلات في تغيير الأجواء وقضاء فترة زمنية كلها لعب ومرح وتعارف على الآخر. على سبيل الختم بالرغم من تزامن موسم الصيف هذه السنة مع الشهر الفضيل رمضان ، فان إقليمالجديدة تحول في هذا الوقت وفي ظل موجة الحرارة التي تجتاح البلاد إلى منتجع سياحي يؤمه المصطافون وعشاق السفر من كل حدب وصوب ، ليشهدوا حضورا تاريخيا ومعالم طبيعية وجغرافية ، وليستحضروا مشاهد عاث فيها الإهمال والنسيان فتحولت مع ذلك إلى أطلال مهجورة تسكنها الغربان والبوم ، بالمقابل عرف الإقليم نقلة نوعية في المجال السياحي من خلال مشاريع وإجراءات رأت النور من قبيل المشروع السياحي مزاكان والقرى السياحية ومشروع الحوزية وآزمور على ضفاف نهر أم الربيع إلى جانب انجاز الطريق السيار وعدد من الفضاءات الخدماتية وغيرها ... للزوار. الأمل كل الامل أن يكون صيف الإقليم مثاليا، تتجند فيه كل الطاقات لأجل إنجاحه، إن على مستوى الأنشطة والمهرجانات أو التظاهرات على مختلف مستوياتها موازاة مع المواسم، أو على المستوى الأمني حيث انتشرت الاعتداءات على المواطنين والسرقة بمختلف أنواعها طالت السيارات والممتلكات ى... وعموما فالمنطقة غنية بمواقع سياحية طبيعية وتاريخية هي في حاجة إلى مزيد من الاهتمام والتأهيل من طرف كل الفاعلين في هذا المجال حتى تحقق ما هو منتظر منها .