اذا كانت التوجهات الحديثة التي تبنتها وزارة التربية الوطنية في إطار الرؤية الإستراتجية والمذكرات الصادرة في شأن الاهتمام بالأنشطة التربوية باعتبارها جزءاً حيوياً من تطوير المنظومة التعليمية،و الارتقاء بجودة التعليم سيما و أنها الفرصة السانحة لاستغلال الطاقات و المواهب الكامنة لدى متعلمينا استغلالا موجها و هادفا . فالشأن التربوي، يعتبر قضية إستراتيجية في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، يتعين شحذ الهمم والعزائم لربح رهاناتها، ولم يعد الأمر يحتمل المزيد من هدر الأموال وتحطيم الآمال، بالترقيع والارتجال. إننا مطالبون اليوم، أمام تواتر الانتقادات اللاذعة، وسياط تقارير المنظمات الدولية الدامية، عن ضحالة سياساتنا التعليمية ومراتبنا المتدنية، بإعادة ترتيب أولوياتنا ورص صفوفنا، استرجاع أنفاسنا الضائعة وما أفرغ من طاقات هائلة في التجارب الفاشلة،انسجاما مع هده الرؤية انخرطت ثانوية بئر أنزران مند سنوات في برمجة أنشطة تربوية موازية ، حققت بها التميز على المستوى المحلي والجهوي والوطني ، بل وصل صداها الى المستوى العربي من خلال المشاركة المتميزة في مسابقة المناظرات بتونس سنة2016 ، إضافة غالى تطوير مهارات المتعلمين على كافة المجالات من خلال نوادي المؤسسة،وهدا ما يشهد عليه الجميع على المستوى المحلي والوطني، لكن من المفاجآت الصادمة هده السنة تحويل قاعة الأنشطة بالمؤسسة الى قاعة للتدريس بحجة توسع بنية المؤسسة، وكأن قاعة الأنشطة فضاء هامشي ، اد بعد سنوات من الاشتغال عليها وتجهيزها من طرف جمعية الآباء ، كمتنفس للتلاميذ وكفضاء للابداع وتنمية مهارات المتعلمين من خلال الخزانة المدرسية وخشبتها المشجعة على صقل المواهب . فمن المسؤول على هده الكارثة التربوية؟ لماذا وقع الاختيار بالضبط على قاعة الأنشطة لثانوية بئر أنزران ؟ هل هناك مخطط إلغاء الأنشطة الموازية داخل المؤسسة ضدا في رؤية الوزارة؟ هل يتحمل أصحاب إلغاء الأنشطة التربوية الموازية نتائج فعلتهم؟ هل يعلم أصحاب هدا القرار أن من تداعيات إلغاء الأنشطة الثقافية والتربوية ، بروز العديد من مظاهر العنف داخل المؤسسات التربوية نتيجة تقلص حجم الأنشطة الثقافية بالخصوص التي كانت تجمع التلاميذ والأساتذة وتخفض من حدّة التوتر بينهما وخصوصا في الدروس الرسمية خصوصا ادا استحضرنا موقع المؤسسة وروافدها المتنوعة التي تتميز بالهشاشة والفقر. هل يعلم أصحاب هدا القرار أن الأنشطة التربوية ليست كما جرى الاعتقاد بأنها مجرد برامج اعتباطية، لسد الفراغ والتسلية، فإلى جانب رفع الضغط النفسي، الناجم عن كثرة الدروس وجفافها، تعدد فروض المراقبة المستمرة غير الخاضعة للبرمجة، الاكتظاظ والشغب... هي مجموعة أشغال تكوينية ذات مغزى تربوي نبيل وهادف، تتكامل وتتقاطع مع أنشطة القسم التعليمية، وتسعى إلى خلق دينامية جديدة لنشر الوعي ودعم المنهاج الدراسي وتحقيق مراميه، بإعطاء هامش أكبر للمبادرات الفردية والجماعية. وبشكل عام، تشمل الأنشطة التربوية مختلف مجالات التنشيط: البيئية، الاجتماعية، الثقافية والرياضية... هل يعلم أصحاب القرارأن الانشطة التربوية أن هي ممارسات تعليمية- تعلمية، تدفع بالمتعلمين صوب الانخراط في تنظيم أعمال ذاتية أو جماعية داخل الثانوية ، وخارجها عبر شراكات مع جمعيات ثقافية ومؤسسات تعليمية وطنية وأجنبية، للتعود على التعاون والتنافس الشريف، في جو من الالتزام وتحمل المسؤولية، وذلك لبناء الخبرات، تعزيز المكتسبات وتعميق المعلومات، في المجالات المعرفية والحسية الحركية والوجدانية الاجتماعية.... هل يعلم أصحاب هدا القرار الظالم أن قاعة الأنشطة هي فضاء للانفتاح على المحيط الاقتصادي والاجتماعي، ومواكبة التطورات الجارية في عالم التربية، بدل تجمهر بجوار المؤسسات لا يفيد إلا في توارث عادات سيئة وإنتاج سلوكات مشينة، في غياب البنيات التحتية الحاضنة والواقية من أي انزلاق ممكن، وتهدف كذلك إلى شحذ الفكر وتكسير قيود النفور والجمود، وتعنى بما يبذله هؤلاء المتعلمون من جهود عقلية أو بدنية، تتناسب مع قدراتهم ورغباتهم في إثراء ثقافتهم، خدمة لنموهم الذهني والبدني، ولتكريس التعلم الذاتي والعمل التشاركي... هل يعلم أصحاب القرار الجائر أن الأنشطة التربوية فضلا عما توفره من متعة عبر تفجير طاقات التلاميذ نشاطات مجدية: رسوم، نحت، موسيقى، عروض مسرحية، أسابيع ولقاءات ثقافية، مسابقات ومقابلات رياضية... بدل الانصراف إلى السلوك العدواني المدمر والتصرفات الطائشة...ويعمل التنشيط المدرسي على غرس القيم الأخلاقية السامية وإذكاء روح المواطنة الصادقة. أسئلة كثيرة نطرحها في هذا المقال كتعبير عن صوت منشطي الأندية بالمؤسسة وتلاميذها، خصوصا أنهم يحسون بالغبن والظلم حيت استتناء جميع الثانويات بالمديرية إلا ثانوية بئر أنزران ، وكأنها الحقلة الأضعف وحقل تجارب ، فالمسالك التي ترفضها مؤسسات أخرى ترسل الى بئر أنزران ، مما ساهم في وصول بنية إلى مستوى قياسي لا يوازي عدد قاعات التدريس المحدودة أصلا ، فتفتقت عبقرية المسؤولين بالمديرية عن حل عبقري وهو تحويل المتنفس الوحيد للمؤسسة إلى قاعة للتدريس ، علما ان طبيعة قاعة الأنشطة لا تتلاءم مع الشروط الضرورية لقاعة التدريس، إضافة إلى كونها في الاصل خزانة المؤسسة ، فهل بهده القرارات نحقق الجودة؟ إننا أمام جريمة تربوية مكتملة الأركان في حق الناشئة ، لذلك ندعو السيد وزير التربية الوطنية ومدير الأكاديمية و النقابات التعليمية والمنتخبين وجمعيات حقوق الطفل والمجتمع المدني وكافة الغيورين إلى تحمل مسؤولياتهم والعمل على وضع حد لهذه القرار الجائر من خلال إرجاع قاعة الأنشطة الى وظيفتها التربوية التنويرية التتقيفية .