منذ أحداث تونس شهدت البلاد العربية تغيراُ ملحوظاُ في رؤسائها حيث اتجهت إلى ظهور ما يسمى ب “موجة التغيير” في الأنظمة العربية الفاسدة والعمل على خلعها من كرسي الحكم وإنهاء ولائها للأنظمة الغربية بعد سنوات طويلة عاشتها تلك الزعامات في فرح ومرح وسعادة ونهب الأموال وفتح المشاريع الضخمة، إلا أن تلك الرفاهية قد ذهبت بلمحة البصر من رئيس إلى مخلوع. محمد البوعزيزي الشاب الذي أعطى كلمته وصوته, ذهب و ليته يعود ليرى أن جسده لم يذهب سدىً, وحرقه أعطى الشعوب المظلومة قرار الحسم النهائي رغم ما يتمتع به الرؤساء من حصانة بوليسية ومساندة داخل الدولة وخارجها وتحكمهم بزمام الأمور فكلمة الشعب وإرادته أصلب من تلك القوة. فلا بد لتلك الأنظمة أن تعلم بأن إهانة الشعوب لن تدوم طويلاً ولن تسكت عن المطالبة ولن تتراجع عن إسقاط الأنظمة التي شتتت شعوبها والعمل على إذلالها وتقييد حرياتها, اليوم لن يكون هناك أي قرار يلغي حرية الشعوب في التعبير وإبداء الرأي، فالشعب هو الذي يقرر وسيتخذ القرار وما على الأنظمة الاستبدادية إلا الزوال. فموجة التغيير ما زالت مستمرة في حقها وإصرارها في تحقيق غاياتها نحو الحرية والنهوض مجدداً نحو نظام جديد برئيس وحكومة وتغيير مواد الدستور، هكذا هي مطالب تلك الشعوب التي هبت بعد الصيحة الأولى والتي نجحت بإسقاط الرئيس التونسي المخلوع بن علي حيث اتجهت تلك الثورة بنجاحها إلى مصر عبر ميدان التحرير, فصمود ثوار 25 يناير في هذا الميدان والوقوف وقفة رجل واحد وصوت واحد ومطلب واحد استطاعت الثورة أن تخطو خطوات الثورة التونسية وما حققته الثورة بإسقاط النظام التونسي, حيث نجحت الثورة المصرية في السير بهذا الطريق مما مهد الطريق من أوسع أبوابة للثورات العربية التي لا تزال مستمرة أحداثها في اليمن وليبيا وسوريا فالحرية قادمة لتلك الشعوب. مهما أصر الرئيس اليمني في التعنت وبقاءه على كرسي الحكم ومهما قدم من تنازلات بعدم الترشح أو التوريث, لم يدرك أن الشعب اليمني لن يقبل بوجوده في اليمن في حال خلعه من الحكم ومحاسبته عن جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب, فالواجب عليه أن يلبي مطالب شعبه بالتنحي ويحترم إرادته, فتلك الشعارات الرنانة قد فات أوانها من زمن بعيد ولن تنفع بعد الآن, ولا بد أن يتعظ بما حدث مع الرئيس المصري المخلوع, فلا زعيم عربي خرج حتى اللحظة بإقناع شعبه بتنفيذ تلك الإصلاحات التي يريدها الشعب حيث أنه لم يتعظ من الثورات التي سبقت وأسقطت زعمات أخرى فما نوع القلب والتحجر الذي يملكونه. وليبيا التي تشهد حرب كر وفر مع كتائب القذافي فسقوطه أصبح وشيكاً ولا مفر منه خلال الأيام القادمة, وسينتصر الشعب على عنصريته وهمجيته التي أظهرها منذ بدء الثورة التي كشفت بدورها سياسة القذافي اتجاه شعبه الذي أبقاه طوال تلك المدة الطويلة قائد وملك ملوك أفريقيا, فهو أشبة بفتى الأدغال في غابات الأمازون وأفريقيا. والموجة مستمرة في سوريا والسعي لإحداث تغيرات سياسية واقتصادية وإلغاء بعض القوانين دون اتهام البعض وخاصة أبناء الشعب الفلسطيني المقيم داخل الأراضي السورية وعدم إلقاء التهم عليهم دون أية أدلة تثبت ذلك ، نحن نعرف أن هناك مؤامرة خارجية لزعزعة الاستقرار في سوريا ، لكن لابد من إيجاد الحلول المناسبة للخروج من الأزمة الداخلية لمنع تلك المؤامرة من حدوثها وتفاديها على أرض الواقع, وتنفيذ الإصلاحات فالرئيس الأسد في خطابة أمس لم يقنع الشعب السوري الذي ثار عليه وخرج في مسيرات ضد خطابه الذي لم يأت بأي جديد؟ والغريب هنا؛ إلى متى سوف يقنع كل رئيس عربي نفسه بأنه مختلف عن من سبقه من الرؤساء المخلوعين؟! وأن وضعة مختلف وأن ما يحصل بغيره لن يصله هو؟! أما آن الأوان بأن يدركوا بأنهم أصبحوا جميعاً في مزبلة التاريخ ولن يرحم الشعب أياً منهم ولن يقف حتى يتخلص من آخرهم. [email protected]