عرف عن كوكب الشرق أم كلثوم خفة دمها ودماثة خلقها.. وكذلك لذعة لسانها مع الفضوليين ، من جمهور و صحافيين وغيرهم . في إحدى وصلاتها الغنائية ، انشغل واحد من المتفرجين كان في الصف الأول بالتحدث إلى امرأة بجانبه.. وكان للرجل شنب طويل.. فأوقفت أم كلثوم الغناء ، وسألته : هذا شنب عيرة ولا مربيه (أي مستعار أم حقيقي) ؟ فأجابها الرجل : ” لا والله يا ست مربيه .. فردت عليه : ” بس هو متربي أحسن منك . “ ذكرني هذا الموقف بوضع جمهورنا وفننا في الوطن العربي ، من المحيط إلى .. الخليج وتساءلت مع نفسي : ترى لو كانت أم كلثوم ما تزال بجوارنا اليوم .. وغنت في إحدى حفلاتها الرائعة ، كيف سيكون رد فعلها أمام جمهور عريض” متربي “على الابتذال وقلة الحياء حتى في رمضان ؟.. كيف سيكون رد فعلها اتجاه فن ساقط وفنانين من جمع المخنث – عفوا- المذكر السالم. أعتقد أن تدني الذوق لدى جماهيرنا العربية ، إلى مستوى الحضيض ، هو السبب في ظهور قنوات فضائية تبنت لها احتضان موجة من مطربي العلب الليلية ، أصحاب الفيديو كليب- بضم الكاف وفتح اللام وكسر الياء- .. ولولا إقبال الناس على المنتوج الفاسد ، في كل المجالات ، لما كان لمروجيه وجود. يا سلام على الست أم كلثوم..!! عاشت في زمن الصدق الفني .. ذابت وذوبت الملايين في أحاسيس ومشاعر مغناة ، نابعة من قلب مفعم بالحب والتقدير والاحترام للكلمة واللحن والأداء.. لربما كان هذا من أهم عوامل نجاحها وخلودها إلى جانب الأهرامات العظيمة . أما اللآن فقد أصبح من الصعب أن تجد ما يروقك كإنسان متذوق .. فالأمر أشبه ما يكون بدخولك إلى محل للألبسة المستعملة بحثا عن قطعة جديدة..!. آخر الكلام : في رمضان المقبل إن شاء الله ، ستدور حرب طاحنة بين الفضائيات العربية ، من أجل التسابق على مشاهد مل المشاهدة ، ومتتبع هجر المتابعة ، وإنسان عربي يحتاج وقتا كبيرا ليعيد الثقة في ما تقدمه الشاشة الصغيرة.