تعرف أدوية الحموضة خلال شهر رمضان إرتفاعا ملحوظا في جل صيدليات المغرب و ذلك راجع إلى بالأساس إلى الإنتاجات التلفزية التي تعرض على المغاربة طوال الشهر الفضيل و التي تعرف منذ سنوات طويلة إسفافا كبيرا و إنحدارا مستمرا في جودة الأعمال الفنية بالإضافة إلى ضعف الأداء المميز لجل هذه الأعمال التي أقل ما يوصف بها أنها أعمال " حامضة " و لا ترقى إلى مستوى العرض العام بالجملة و يحتاج المغاربة في بلعها تناول جرعات من أدوية الحموضة الشديدة . إن الإستفادة من أموال الدعم السينمائي و التلفزي في ظل هذا المستوى الساقط يعتبر تبذيرا للمال العام و تلاعب بأقوات الشعب في أعمال رخيصة تنكس الذوق العام للمغاربة و لا تنميه .لقد بدا واضحا أن الفن الدرامي و الفكاهي في المغرب يعرف أزمة عميقة على مستوى جميع أطوار العمل الفني زاد من إنحداره القاموس اللغوي المنحط الذي تستخدمه هذه الأعمال و كذا طرائق عرض الجسد و استعمال الديكورات و الأزياء التي لا تذكر الإنسان بشئ إلا أجواء البورديلات و البيران . إن هذه الإنتاجات التلفزية و مستواها الساقط يهدد تماسك الأسر المغربية أخلاقيا و يعمل معاول الهدم في القيم التي تربى عليها كل المغاربة و إحتضنها المجتمع المغربي منذ قرون خصوصا و أن سلطة التلفاز على العقول و الأذهان كبيرة جدا و هذا ما يقرره بشكل جلي الفيلسوف الفرنسي بيير بورديو في كتابه " التلفزيون و أليات التلاعب بالعقول " و الذي اعتبر تأثير التلفزيون على المتفرج بمثابة السلطة التي يرزخ تحتها و تشكل طريقة تفكيره و توجهه بإرادة تامة منه .إن ربط الإنتاجات التلفزية برقابة القانون أصبح يفرض نفسه بشدة خصوصا و أن أموال الدعم المخصصة لهذه الأعمال تصل الى الملايير كل سنة دون أي جودة تذكر و كان من الأولى أن تنقل هذه الأعمال لمناقشتها تحت قبة البرلمان ما دامت انها تصنف في خانة المال العام التي تقتطع من أموال الضرائب و كذلك العمل على سن قوانين صارمة و تتبع محاسباتي لأوجه و مراحل صرف هذه الأموال فلا يعقل أن يستفيد فلم تافه مدته 75 دقيقة من دعم يصل الى 500 مليون سنتيم بينما تكلفته الحقيقية لا تتعدى 5 أو 6 مليون سنتيم خصوصا و أن الدراما و السينما المغربية حكاءة بطبعها و ليست ذات طبيعة حركية " أكشن" تحتاج ألى إنفاق كبير كما نشاهده في بعض التجارب الأخرى . يجب تكريس مبدأ المحاسبة في هذا المجال حتى لا يتحول الفن أداة للريع و الإغتناء خارج كل الضوابط .لا يعقل أن تعرف الدولة حركية محاسباتية ملحوظة " محاكمة و متابعة 35 برلماني و مسؤول سابق بما فيهم وزراء " و تغض الطرف على المنتجين و المخرجين التلفزيين و السينمائيين الذين يستفيدون من المال العام بدون وجه حق بل و يسهمون في إضمحلال الذوق العام للمغاربة و تقديم قدوات للشباب لا تخاطب فيهم غير الغرائز و الأنصاف السفلية من أجسادهم . أصالة المجتمع و عقيدته و منظومة قيمه يجب أن تجسد على شاشة تلفازه حتى تنعكس هذه القيم في نفوس الناشئة و الشباب ما دام أن الشاشة مرأة للمجتمع و عاكسة له و لا يمكن تمويل برامج تلفزية ةتعاكس هذه القيم أو تخاصمها و من أراد إنتاج غير هذه القيم فليبحث له عن اموال اخرى غير أموال دافعي الضرائب المغاربة.