نظرية فوكوياما تنهار، لأن الفرنسيين خرجوا للشارع لكي يحتجوا على السياسات الليبرالية وتغول الرأسمال العالمي؛ وكأننا في بلدان الجنوب؛ مجرد هوامش في التاريخ ننساق مع المراكز. كم من احتجاج عرفه الشارع في منطقتنا؟ لكن لم نُعلن كشعوب أسقطت نظرية ما. كنّا قد طرحنا مقالا منشورا في إحدى المنابر الإعلامية: بداية اللاتاريخ: المابعد التاريخ- نهاية علم التاريخ؛ وقد قدمنا رؤية لما يسمى بالتاريخ العالمي؛ وهو التاريخ الذي يقوده الأقوى أو المنتج تحقيبات العالم ويذيبها في تحقيبه*؛ وهو ما يُفعّل حاليا مع حركة السترات الصفراء في فرنسا؛ وما يؤكد هذا الكلام الأن؛ هو ما يُرى من إعادة ترديد عبارة : سقوط نظرية نهاية التاريخ لفرنسيس فوكوياما لدى فئات عريضة من مجتمعتنا؛ على الرغم أننا لسنا مصدرها نظريا ولا عمليا؛ وهو ما يخضعنا لا شعوريا للتبعية ربما حتى كفئات مثقفة وناقدة للبلدان المستعمرة سابقا(بفتح الميم) بعد ما يسمى بالاستقلالات السياسية؛ وعلى ما يبدو أن أُكل التاريخ العالمي الذي حاول أن يسطره أيضا فرنسيس فوكوياما في إخضاعه حركة التاريخ العالمية لنظريته؛ يجد واقعه العملي، رغم سقوط وانهيار نظريته ؛ النظرية التي يظهر أنها نفدت لوجدان الكثير أواخر تسعينات القرن الماضي، وكادوا يصدقونها، حتى من الذين يؤمون لديالكتيك صلاتهم. ولعل هذا الرد الظاهر في الشارع الفرنسي لتجلي حقيقي لما نقول؛ أما امتدادات ما بعد نظرية : نهاية التاريخ؛ بالديموقراطيات الليبرالية؛ فإن ما جاد به الشارع الفرنسي يبشر بعودة اليسار الإنساني؛ كما صرح احد المتظاهرين من ذوي السترات الصفراء: حينما قال: نريد اقتصاد إنساني؛ نحن نحتج على سياسات ماكرون؛ أما الزيادة في الراتب وتخفيض أسعار البترول؛ ليست بمطالب تستحق الاحتجاج، فهي حقوق مكتسبة؛ هذا التصريح يؤشر لمؤشرات أخرى: صور غيفارا ؛ نسخ كتب الرأسمال؛ طبيعة الاحتجاجات؛ وإن الاسم الأصح لهذه المرحلة العالمية هو: المابعد تاريخ؛ وهي مرحلة انتقالية للبحث عن أنظمة اقتصادية واجتماعية وسياسية بديلة، قد تفتح الباب لليسار الإنساني أو الثقافي لا ربما، لكنها لن تعيد اليسار التاريخي، لأنه مات في مرحلته، وربما بداية يسار إنساني واقعي، يُخضع الواقع للتاريخ ولا يتجمد في التاريخ ليُخضع به الواقع؛ كما فعلت الأنظمة الاشتراكية فيما سبق فنفجرت فيما بعد.