احتضنت مدينة تاركيست، حاضرة قبائل "صنهاجة سراير"، يوم الأربعاء 8 أكتوبر 2014، ندوة تحت عنوان: "ربط الريف بالشرق بين تطلعات الريفيين و حسابات السياسيين"، و ذلك في سياق النقاش العمومي الذي أعقب صدور مسودة التقطيع الجهوي التي أثارت ردود فعل متباينة و حادة خصوصا في منطقة الريف عموما و إقليمالحسيمة خاصة و الذي يرفض غالبية سكانه إلحاقهم بالشرق نظرا لعدم وجود أي علاقات اقتصادية او اجتماعية او ثقافية او جغرافية... هذه الندوة التي نظمتها جمعية "أمازيغ صنهاجة الريف" عرفت مشاركة أكاديميين و برلمانيين و سياسيين و فاعلين مدنيين محليين من أجل الخروج بتصور واضح و صادر عن مختلف الفاعلين المجتمعيين و ذلك في إطار مقاربة تشاركية منفتحة على مختلف الفعاليات. في البداية، استعرض الدكتور امحمد بودواح، الأستاذ بجامعة ابن طفيل-القنيطرة، المراحل التي مر منها التقسيم الجهوي بمنطقة الريف منذ عهد الحماية إلى الآن، مستحضرا خصوصيات كل تقسيم و المعايير التي تحكمت فيه و الاختلالات التي أسفرت عنها في ظل غياب إرادة سياسية فعلية لاعتماد جهوية فعلية تؤسس للامركزية حقيقية تنطلق من تطلعات السكان و حاجياتهم. و في معرض حديثه عن مشروع التقسيم الجهوي الجديد، فقد أكد الأستاذ بودواح ان هذا المشروع لا يخدم مصالح ساكنة الريف عموما و "صنهاجة" خصوصا، مبرزا أن إلحاق مناطق "صنهاجة" التابعة لإقليمالحسيمة بالشرق سينعكس سلبا على المنطقة و سيكرس عزلتها. كما دعا إلى ضرورة المطالبة بجهة خاصة بالريف تضم أقاليم الناضور و الدريوش و الحسيمة، مشددا على مطلب إحداث عمالة "صنهاجة" و عاصمتها تاركيست. من جهتها، أكدت سعاد شيخي، البرلمانية عن حزب العدالة و التنمية، أن النقاش حول الجهوية جاء في سياق عدة متغيرات يعرفها العالم، و ان التنمية الشاملة تمر عبر التنمية الجهوية، على غرار تجارب الدول الأوروبية في هذا المجال، كما استعرضت مضامين دستور 2011 في مجال الجهوية من حيث الاختصاصات و تنظيم الجبايات و صلاحيات رئيس الجهة و علاقته بممثلي وزارة الداخلية، مشيرة إلى ان مسودة مشروع الجهوية قدمت للأحزاب السياسية لتقديم ملاحظاتها. و لم تخفي الأستاذة سعاد شيخي مساندتها لمطلب إحداث عمالة "صنهاجة" التي سيكون مركزها مدينة تاركيست، حتى تكون لبنة في جهة الريف التي طالبت بإحداثها و بعدم جعل الريف دائما تابعا لجهة أخرى، لأن المنطقة تتوفر على إمكانيات بشرية و اقتصادية تؤهلها لتكون جهة قائمة بذاتها، داعية شباب منطقة "صنهاجة" لاختيار نخب سياسية جديدة و شابة لها غيرة على المنطقة و قادرة على الدفاع عن هموم السكان عوض النخب الحالية التي أثبتت انها تدافع عن مصالحها الشخصية فقط. من جانبه، قال الأستاذ محمد الناجي، الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالحسيمة، بأن الجهوية الموسعة يجب أن تكون مبنية على أسس منطقية تحترم فيها رغبات الساكنة بكل ديمقراطية، مشيرا إلى ان إلحاق منطقة "صنهاجة" و إقليمالحسيمة عموما بالشرق سيسهم في تهميش المنطقة أكثر مما هي عليه حاليا. و قد حذر الأستاذ الناجي من تفعيل هذا التقسيم و بالتالي إلحاق الريف بالشرق حيث شبه خريطة جهة الشرق و الريف بالديناصور نظرا للشبه الكبير بينهما، حيث شرح موقف حزبه المساند لإحداث عمالة "صنهاجة" و إلحاق الريف كله بجهة طنجة-تطوان. و قد أكد الكاتب الاقليمي لحزب الوردة أنه لا يجب تعليق آمال كبيرة على هذه الجهوية لأنها إدارية فقط و لا تصل لتطلعات الساكنة. الدكتور محمد الأعرج، البرلماني عن حزب الحركة الشعبية و الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله-فاس، حاول من جهته الاجابة عن عدة تساؤلات تشغل الفاعل السياسي و الحقوقي و المدني و المواطن العادي، منها: أية جهوية نريد؟ سياسية، اقتصادية أم إدارية. أي تقطيع جهوي نريد؟ و أي منطلقات لإشكالية الجهوية؟ و قد دعى الأستاذ الأعرج إلى فتح نقاش إيجابي من كل الأطراف السياسية و المدنية و الأكاديمية للوصول إلى جهوية عادلة تعبر عن طموحات الساكنة بعيدا عن الحسابات السياسية، كما شدد على خلق نخبة جهوية قادرة على تحمل المسؤولية في ظل الجهوية المتقدمة و إعادة النظر في اختصاصات الجماعات المحلية و العمالات و الجهات حتى تتكامل فيما بينها. رشيد الراخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، أكد في أول زيارة له لمنطقة "صنهاجة سراير" الأمازيغية على أن التقسيم المقترح يكرس الجهات المركزية و الجهات الهامشية، حيث شبه التقسيم الجهوي الجديد بالتقسيم الاستعماري الأوروبي لافريقيا و انه تم باستعمال المسطرة و قلم الرصاص، بعيدا عن مصلحة الساكنة، مبرزا ان إلحاق الريف بالشرق هو قرار عنصري يروم إلحاق الأمازيغ بالعرب و هدفه تشتيت الريف حتى لا يكون جهة قائمة بذاتها. رأي المجتمع المدني الصنهاجي كان حاضرا بقوة في هذه الندوة، إلياس أعراب: نائب رئيس جمعية "أمازيغ صنهاجة الريف" عبر عن موقف جمعيته المطالب بإحداث عمالة "صنهاجة" و الرافض لإلحاق منطقة "صنهاجة الريف" و إقليمالحسيمة للشرق، مطالبا بإحداث جهة خاصة بالريف تضم أقاليم الناظور و الدريوش و الحسيمة في انتظار إحداث عمالة "صنهاجة"، أو إلحاق الريف بجهة طنجة-تطوان لأن سكان المنطقة يتوجهون غربا و ليس شرقا. عبد اللطيف أظبيب، رئيس كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية، أكد من جانبه على ضرورة إحداث عمالة "صنهاجة" من أجل إخراج المنطقة من الواقع المرير الذي تعيشه، حيث دعا السياسيين الريفيين إلى توحيد جهودهم للتصدي لهذا التقسيم و ذلك عبر تشكيل لوبي قوي يدافع عن مصالح المنطقة، كما لم يخف أظبيب أمله بجعل "صنهاجة" و "غمارة" في جهة واحدة نظرا للعلاقات السوسيو اقتصادية التي تجمع القبيلتين.