ناقشت ندوة احتضنتها مدينة تاركيست، تحت عنوان "ربط الريف بالشرق بين تطلعات الريفيين وحسابات السياسيين"، الجدل الدائر بشأن مسودة التقطيع الجهوي، خصوصا في منطقة الريف عموما، وإقليمالحسيمة خاصة، وتعاطي سكانه مع مسألة إلحاقهم بالشرق. هذه الندوة التي نظمتها، مساء أمس، جمعية "أمازيغ صنهاجة الريف"، عرفت مشاركة أكاديميين وبرلمانيين وسياسيين وفاعلين مدنيين محليين، من أجل الخروج بتصور واضح من لدن مختلف الفاعلين المجتمعيين، في إطار مقاربة تشاركية منفتحة على جميع الأطياف. أضرار إلحاق الريف بالشرق الدكتور امحمد بودواح، أستاذ بجامعة ابن طفيل- القنيطرة، استعرض في البدء المراحل التي مر منها التقسيم الجهوي بمنطقة الريف منذ عهد الحماية إلى الآن"، مستحضرا "خصوصيات كل تقسيم، والمعايير التي تحكمت فيه، والاختلالات التي أسفرت عنها". وسجل بودواح "غياب إرادة سياسية فعلية لاعتماد جهوية تؤسس للامركزية حقيقية تنطلق من تطلعات السكان"، مبرزا أن "التقسيم لا يخدم مصالح ساكنة الريف و"صنهاجة"، وأن إلحاق مناطق "صنهاجة" التابعة لإقليمالحسيمة بالشرق سينعكس سلبا على المنطقة ويكرس عزلتها". ودعا المتدخل إلى ضرورة المطالبة بجهة خاصة بالريف تضم أقاليم الناضور، والدريوش و الحسيمة، مشددا على مطلب إحداث عمالة "صنهاجة" وعاصمتها تاركيست. ومن جهتها، أكدت سعاد شيخي، البرلمانية عن حزب العدالة و التنمية، أن النقاش حول الجهوية جاء في سياق عدة متغيرات يعرفها العالم، وأن التنمية الشاملة تمر عبر التنمية الجهوية، على غرار تجارب الدول الأوروبية في هذا المجال. واستعرضت المتحدثة مضامين دستور 2011 في مجال الجهوية من حيث الاختصاصات، وتنظيم الجبايات، وصلاحيات رئيس الجهة، وعلاقته بممثلي وزارة الداخلية"، مشيرة إلى أن "مسودة مشروع الجهوية قدمت للأحزاب السياسية لتقديم ملاحظاتها". ولم تُخْف شيخي مساندتها لمطلب إحداث عمالة "صنهاجة" التي سيكون مركزها مدينة تاركيست، حتى تكون لبنة في جهة الريف التي طالبت بإحداثها، وبعدم جعل الريف دائما تابعا لجهة أخرى، لأن المنطقة تتوفر على إمكانيات بشرية واقتصادية تؤهلها لتكون جهة قائمة بذاتها". دعوة إلى جهوية عادلة وقال محمد الناجي، الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالحسيمة، إن الجهوية الموسعة يجب أن تكون مبنية على أسس منطقية تحترم فيها رغبات الساكنة بكل ديمقراطية، مشيرا إلى أن إلحاق إقليمالحسيمة بالشرق سيسهم في تهميش المنطقة أكثر مما هي عليه حاليا". وحذر الناجي من تفعيل هذا التقسيم من خلال إلحاق الريف بالشرق، حيث شبه خريطة جهة الشرق والريف بالديناصور، نظرا للشبه الكبير بينهما، حيث شرح موقف حزبه المساند لإحداث عمالة "صنهاجة" وإلحاق الريف كله بجهة طنجة- تطوان. وأكد الكاتب الإقليمي لحزب "الوردة" أنه لا يجب تعليق آمال كبيرة على هذه الجهوية، لأنها إدارية فقط، ولا تحقق تطلعات ساكنة المنطقة" وفق تعبيره.. أما الدكتور محمد الأعرج، البرلماني عن الحركة الشعبية والأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، فحاول من جهته الإجابة عن عدة تساؤلات تشغل الفاعل السياسي والحقوقي والمواطن العادي، منها: أية جهوية نريد، سياسية، اقتصادية أم إدارية، وأي تقطيع جهوي نريد. ودعا الأعرج إلى فتح نقاش إيجابي من كل الأطراف السياسية والمدنية والأكاديمية للوصول إلى جهوية عادلة، تعبر عن طموحات الساكنة بعيدا عن الحسابات السياسية، كما شدد على خلق نخبة جهوية قادرة على تحمل المسؤولية في ظل الجهوية المتقدمة، وإعادة النظر في اختصاصات الجماعات المحلية والعمالات و الجهات حتى تتكامل فيما بينها. عمالة صنهاجة رشيد راخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، أكد أن التقسيم المقترح يكرس الجهات المركزية والجهات الهامشية، حيث شبه التقسيم الجهوي الجديد بالتقسيم الاستعماري الأوروبي لإفريقيا، وأنه تم باستعمال المسطرة وقلم الرصاص، بعيدا عن مصلحة الساكنة". رأي المجتمع المدني كان حاضرا في هذه الندوة، حيث عبر إلياس أعراب، نائب رئيس جمعية "أمازيغ صنهاجة الريف"، عن موقف جمعيته المطالب بإحداث عمالة "صنهاجة" والرافض لإلحاق منطقة "صنهاجة الريف" وإقليمالحسيمة للشرق. وطالب أعراب بإحداث جهة خاصة بالريف تضم أقاليم الناظور والدريوش والحسيمة في انتظار إحداث عمالة "صنهاجة"، أو إلحاق الريف بجهة طنجة - تطوان، لأن سكان المنطقة يتوجهون غربا وليس شرقا" وفق تعبيره. عبد اللطيف أظبيب، رئيس كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية، أكد من جانبه على ضرورة إحداث عمالة "صنهاجة" من أجل إخراج المنطقة من الواقع المرير الذي تعيشه، داعيا السياسيين الريفيين إلى توحيد جهودهم للتصدي لهذا التقسيم، وذلك عبر تشكيل لوبي قوي يدافع عن مصالح المنطقة.