قالوا "حوتة وحدة كتخنز الشواري" والحقيقة أنها "حوتات"..تتالت الأشرطة المصورة وتتالت الأحاديث والقيل والقال عن الأوضاع التعليمية بالمغرب، فهذا يسخر من تلميذته، وتلك تبدر الزمن تبديرا في استجوابات تافهة للتلاميذ حول زميلها في العمل والأخرى تشارك تلاميذها الصور المخلة بالآداب و.. وكل هذا في الحقيقة إنما يطعن في جسد هذه العملية التربوية الشريفة التي تحاول بعض الأيدي الفاسدة تدنيسها، إذ تستغلها أبشع استغلال. إن الأمر يجعلنا نتساءل عن الأسباب الكامنة وراء هذه الأفعال التافهة المخلة للمنطق الذي يجب أن يتحلى به رجل/امرأة التعليم ويجعلنا نقف لنحدق بعين مستغربة متسائلين عن ما يحصل وعن انعدام الضمير لدى البعض الذين يأبوا إلا أن يضموا إليهم الذين يشاركونهم سقف هذه المهنة الشريفة. التعليم عملية تربوية، و"التربية" أمانة كبيرة ومسؤولية يحملها على عاتقه كل من صعد منبر التعليم، ليس كافيا أن يحصل المرء على إجازة، أو أن يتخرج من مركز من المراكز حتى يكون مستحقا لأن يكون أستاذا الذي هو في الأول قبل كل شيء مربيا للأجيال وحاملا لرسالة شريفة سيسأل عنها أمام الله. فعلى الأستاذ أن يتحلى بروح الإيمان يستحضر مراقبة الله له في كل ثانية، في كل حرف ينطقه وفي كل حركة يقوم بها ويدري تمام الدراية أن البراعم التي أوكلت إليه إنما صلاحها أو فسادها يعود إليه في جزء كبير جدا.. إن أهم الأسباب التي تجعل هذه السلوكات المخلة بالأخلاق تصدر عن رجل التعليم هي بعده عن الله، ولا نحد التأثيرات السلبية على المتعلم فيما هو مباشر، فتلك التي تقف أمام المتعلمين بلباس غير محتشم –مثلا- تهدم أخلاقهم وتلوث براءتهم بطريقة غير مباشرة في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى قدوة حسنة... "إلا التعليم فعندما يتسرب إليه داء الانحراف لا يبقى لنا إلا أن نترحم على حياة المجتمع" في الوقت الذي نتحدث فيه عن النموذج السلبي الذي نجده في العملية التربوية والذي ليس أصلا ولن يكون لأن التعليم شرف وقداسة وحاشا أن يكون السقط والخبث أصلا فيه أو فرعا.. ويستحسن أن نقول أن الأمر يتعلق ببعض الشوائب.في الوقت الذي نتحدث فيه عن هذا لابدأن نتحدث عن نماذجنا السامية في مهنة التعليم أولئك الذين حملوا مشعل الأخلاق الحميدة واستناروا وأناروا بضمير يستشعر مراقبة الله ويتقيه في خلقه ومهمته، عن القدوة والنموذج الناجح في زرع الخلق الحسن في أفئدة المتعلمين. أينما حللنا فتمت الصالح والطالح وفساد شخص لا يعمم الفساد إذ لا تزر وازرة وزر أخرى فكل يمثل نفسه.. فلم نستغل حدثا وقع وأثار الرأي العام لتعميم الحكم على الميدان بالفساد، أيجوز أن أتهم كل من أصادفه في الشارع أو الحديقة أو المقهى بأنه لص أو قاتل بمجرد أن في المجتمع مجرمين. لازالت الدنيا بخير مادام على وجه الأرض من يستشعر مراقبة الله ويعمل ليجعل لقمته حلالا. لازالت الدنيا بخير ما دام على وجه الأرض من تنتابه غيرة على الطفولة ومستقبل المجتمع..خلاصة القول قبل أن أقف أمام المتعلم يجب أن أراجع نفسي لأني لست متعلقا بشخص واحد لكني متعلق بحياة مجتمع بأكمله إن صلحت أخلاقه طاب العيش فيه وإن فسدت فالعيش فيه مر لايطاق.