كل مغربي اعتقل هذه الأيام بالجزائر يدخل السجن تحت يافطة كبيرة علقت فوق رأسه «التهمة: زعزعة الأمن والاستقرار الجزائري». نموذج هذه الأخبار هو ما تتناقله بعض صحف الجارة الشقيقة منذ ترشح بوتفليقة للرئاسيات، وآخرها الشروق اليومية التي أوردت خبر اعتقال «رعايا»، كما تصفهم، وضعوا خططا «جهنمية» ضد الدولة الجار. الخبر الأخير يبدأ بالأوامر التي وجهها «وكيل الجمهورية لدى محكمة عنابة بإيداع الرعية المغربي (كذا) الذي ألقت القبض عليه السلطات الأمنية بحر الأسبوع الماضي على مستوى شارع بوزداد حسين بعنابة رهن الحبس المؤقت عن تهمة المساس برموز الدولة». أدلة وحجج، مثيرة للسخرية، حجزت لدى المتهم «الرعية المغربي» الذي لم تتكرم عليه الصحافة الجزائرية بصفة «المواطن»، ومن بين أهم هذه الحجج حيازته لصور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهي أدلة تؤشر على «ضلوعه في المساس برموز الدولة من خلال الدعوة إلى السخرية بمصالح الأمن ومؤسسة الجيش الوطني الشعبي». الشخص الذي يتهمه الأمن الجزائري ب«زرع البلبلة وسط المواطنين»، ليس سوى مواطن مغربي بئيس مقيم في الجزائر ويعمل في قطاع البناء بمدينة عنابة. حذاقة الأمن الجزائري كشفت على أن للبناء المغربي شركاء، حسب الصحيفة الجزائرية، هم «تسعة مغاربة تتراوح أعمارهم بين 26 و36سنة دخلوا التراب الجزائري بطريقة قانونية لكنهم كانوا يعملون في نفس المهنة، دون تصريح حيث أحيلوا أمام وكيل الجمهورية لدى المحكمة». ورغم أن المواطنين المغاربة دخلوا الجزائر بشكل قانوني إلا أن التهمة هنا تتحول من ممارسة نشاط مهني دون ترخيص إلى الانتماء ل«شبكة دولية للتحريض على زرع البلبلة والفوضى في الأراضي الجزائرية مستغلة الأوضاع السياسية المتبوعة بفوز الرئيس بوتفليقة بعهدة رابعة لتعبئة الجماهير الجزائرية على العصيان المدني وزرع الفوضى والبلبلة». ذكاء المخابرات المغربية لم يتوقف عند حدود تجنيد البنائين للتآمر على النظام الجزائري، وهذا ما توحي به الصحف الجزائرية، بل أيضا صار يستعين بالشيعة، وهذه قضية ثالثة من قضايا الهرطقة الجزائرية، حيث نشرت الصحف مرة أخرى خبر اعتقال «رعية» مغربي (كذا) يعمل «مفتشا لرابطة دينية ذات طابع شيعي مساندة للملك محمد السادس، وتهدف إلى ضرب استقرار أمن الجزائر، كما ألقي القبض على جاسوس مغربي آخر بمطار رابح بيطاط الدولي لضلوعه في شبكة للتجسس ضد الأمن الجزائري»!! البارانويا الجزائرية حولت المواطنين المغاربة الذين رمتهم الأقدار إلى الجزائر بحثا عن قوت يومي لإعالة أسرهم، إلى عملاء وعناصر استخباراتية تستهدف رئيس العهدة الرابعة. في المرة القادمة من الأجذر بالمخابرات المغربية عوض تجنيد البنائين أن تستعين بأخصائيين نفسيين لعلاج هذه البارانويا.