منذ بداية القرن الواحد والعشريين وفي ظل التحولات التي شهدها المجتمع المغربي أدى الاستخدام اللانظامي للانترنيت والهواتف النقالة إلى انتشار العديد من الظواهر الجديدة والاستخدامات المتنوعة لها, مما يستدعي تدخل الدولة في تقنينها وإعادة النظر في توجهاتها وغاياتها والقواعد القانونية التي عقدتها مع المؤسسات والمقاولات الاتصالية والتواصلية. وكذا مراجعة النظر في المخططات التعليمية وعلاقتها بالاتصالات الرخيصة. لقد اشتغل الناس بالعروض التي تديرها الشركات المغربية للمستهلكين, فصار التعبير والكشف عن مساوئ ومزايا الخدمة الاتصالية والتواصلية بالمغرب أمر يشوبه التعقيد والالتباس, وذلك نظرا لارتباط المواطن بهذه الشركات أيما ارتباط, وهو الشيء الذي اثر على تطور المجتمع في نظمه الأخلاقية والاجتماعية والثقافية والنفسية... وسنقتصر الحديث هنا فقط حول سعر تعبئة الانترنيت وعلاقتها بالتنشئة الاجتماعية للأطفال والقاصرين والشباب ومدى تقدم أو تأخر منظومة الأخلاق والتعليم بالمغرب ؟ ان الناظر والباحث في مثل هذه القضايا, يطرح تساؤلات عديدة, تجعل من المشكلة بؤرة لمفارقات اجتماعية وثقافية وأخلاقية, بحيث أصبح مشكل الاتصالات بالمغرب, مشكل ساكن لا يعار له أي اهتمام, سوى تضارب الغايات ومصالح الشركات من جهة, والسكوت من طرف المثقفين والمسؤولين من جهة أخرى. فمع انخفاض ثمن الجوالات والحواسب كمظهر من مظاهر العولمة, نجد في مقابل ذلك انخفاض سعر تعبئة الانترنيت باعتبارها الأكثر خطرا وسلبية من الهواتف النقالة. فكيف يعقل أن الدول المتقدمة سنت قوانين وحدود لمستخدمي الانترنيت, وسخرت رداراتها وأجهزتها التقنية والفضائية لمعرفة سلوكيات واختيارات المستخدمين للانترنيت, وكذا معرفة المواقع الأكثر استخداما وولوجا لدى مواطنيها, حتى يتسنى لهم مناقشتها ومقاربتها بالميادين والقطاعات الأخرى. وأمام واقع الاستفحال والإهمال من طرف المسؤولين بشأن الاستخدامات الخاصة بالانترنيت في المغرب, برزت أشكال ومظاهر جديدة في العالم الافتراضي للانترنيت, وأثرت بشكل مباشرة في مختلف الميادين الاجتماعية والثقافية بكل منظوماتها, والى يومنا هذا لم نرى أو نسمع أي تحركات أو نقاشات حول واقع الهوية في علاقتها بالثورة المعلوماتية والإعلامية وأثاره المستقبلية في تطور وارتقاء المجتمع. فمقولة " تسهيل الولوج الى المعلومة " هي من المقولات التي تعطي الشرعنة لكل المتعلمين والمتمدرسين كحق من حقوق التعلم, لكن يبقى السؤال مطروحا: هل حقا هذه المعلومات مرتبطة بالتربية والتعليم ام هي عكس ذلك ؟ ان موضوع الانترنيت كظاهرة عالمية اليوم. باتت تكشف عن مساوئ تندد بالتفسخ الاجتماعي والانحلال الخلقي, وباتت مهدا لكل الخلافات والفتن التي تضرب في الخصوصيات والقيم والمعايير الاجتماعية للمغاربة, وأصبحت بالتالي موطنا لبث البواعث النفسية والهواجس الخاصة بالأفراد. وهو ما نشاهده ونسمعه كل يوم, من ضياع الشباب والقاصرين في متاهة الانترنيت اللامحدودة والرخيصة وما أسفرت عن ذلك من مواقع وروابط تنخر أعراض الأسر والعائلات. بالإضافة, إلى الصفحات والمواقع البشعة التي يديرها الشباب حاليا وهي كلها تخرج عن الأخلاق العامة التي ينص عليها الدستوري المغربي. من جهتي ارى ان الحل الذي يمكن أن ينقص من حدة هذا المشكل, هو رفع سعر الانترنيت مع مراعاة بطبيعة الحال كل من الزمن والمكان والفئات العمرية. أو بالأحرى, وضع قوانين جديدة تنظم وتوجه بشكل ملزم كل السلوكيات التي ترتبط بمديري ومستخدمي الحاسوب وبثها إعلاميا لدى كافة المواطنين باستخدام كل الوسائل والطرق المناسبة لذلك.