شكرا لنوارس البحر وهي تسرق ذاكرتي السوداء وتنثرها زبدا فوق موج البحر الذي حملني على امواجه العاشقة ورمى بي في عرضه بلا قوارب نجاة لأتماثل للغرق بكامل حزني المطبق على الشمس .. شكرا للبواخر وهي تمخر عباب الحزن الأسود وتذروه في قلب المطر .. شكرا لاسطنبول وهي تحتفي بالعشاق على طاولة فلنتاين الذي فرش سجادته الحمراء وشرع بوابة الوهم بوجه النازحين حزنا ليمنحهم الأمان من جديد .. العشاق الصغار يلونون الشوارع المغسولة أبداً بالمطر .. تتبعهم أشباح الخيبات والنصال حيثما حطّ الحب رحاله وحطّت البلاد أوزار حربها فوق البيوت والشرفات المبللة بالإنتظار .. المستعر زيفا من ورق واصابع من نصال عبثت كل هذا الخراب على البياض .. كم بدت المسافة بيني وبيني بعيدة حتى خلتني إمرأة أخرى سكبها المطر الهادر من سماء سقطت من الجنان حنوا على جحيمنا الأرضي ليستظل بها الفقراء الى الحب وينفثوا تحت زرقتها بقايا الحرب والدخان الذي اقتصّ الحلم من الأعماق . موجع هو المطرحين يرتطم بالجحيم المستعر ذكريات تؤصد النوافذ من شاشة الأفق وتقوّض النهار على أكتاف ليل طويل .. لكن هذه البلاد منحتكِ حضنها الأزرق حين انصتت لتشظيكِ وسط ضجيجها المزعوم .. لذلك كانت كريمة معكِ وهي تحملكِ على زرقة موجها .. وحين مدت لهجرتكِ بساط خضرتها ليسير تحت ارتباك خطواتكِ وهَمَسَت في سر حزنكِ أن الأفق فسيح وإن الرؤية اوسع من العبارة عادت اليكِ طفولتكِ البعيدة ورحتِ تنشدين مع شجن النوارس أغنياتكِ القديمة مأخوذة بلحظة الخلق ورعشة الولادة الأولى التي اعترت جسدكِ قبل أن ترتسم في مساماته خرائط هزائمكِ الشاهقة ..؛ كم كان دمي مغريا ليُهدَر بين الفصول قصصا بنهايات مفتوحة على اتساع الوهم والجرح .. قلت للشفق الذي كان يقتصّ مني القََََََََسَم بأيام عارية السواد أن الأرض تدور وإني اخاف أن ادور معها كي لايسقط قلبي الثلجي تحت اقدام الربيع . . وأقسمت فيما أقسمت عليه تحت إقرار الشفق والفجر الآسر بخيوله البيضاء حيث هاجر دمعي ان درب الجحيم معبّد بالقصائد وإن الشعر إثم القلب وإن التوبة قاب قلب او أدنى .. كان البحر يغوص في أعماقكِ بحثا عن جزر لم يقتلعها الزوال بعد فإذا به يقذف بكِ على جناح موجة موديا بذاكرتكِ المتوردة بالطعنات العظيمة . . ساترا عورات قلبكِ بما تيسّر من رذاذ مايزال حتى هذه اللحظة المتأخرة من الحزن يعمّدكِ بالنسيان المقدس حتى وأنتِ ماكثة في محراب دمعكِ / نزفكِ العصي إلا على الورق .