في مثل هذا الشهر من السنة الماضية، أبحر قارب إسمه ” نبراس الشباب ” في بحر أمواجه عاتية هوجاء، في بحر أقل ما يقال حينها عنه أنه كان حكرا على فئة دون غيرها، في بحر ممتد لا متناهي الأبعاد، عندما يصل المرء إلى عتبته يتقرفص على تلك الصخور وينشد “لا أركب البحر إني أخاف منه النوائب، طين أنا وهو ماء والطين في الماء ذائب”. لم يبق قارب ” نبراس الشباب ” المتواضع حبيس الرمال على الشاطئ، ولم يبق قابعا بين تلك الصخور السوداء الداكنة في انتظار من يجره إلى الأعالي، بل كانت لديه رؤية أبعد من ذلك ورغبة أكيدة في الذهاب بعيدا بقيادة طاقم شاب لديه طموح وعزيمة لتحقيق ما عجز عنه الكبار . كان الحلم الرئيسي هو الإبحار في الأعماق والسير قدما إلى الأمام ، ليكون ” نبراس الشباب ” إسما على مسمى. لم يكن الأمر في بدايته بالنسبة لي سهلا، بقدر ما تخللته مصاعب شتى، فالبعض كان ينظر إلي نظرات حقد واحتقار، لأنني سأشاركه المتاعب، ويعلم الله ماذا سيقع لو كنت سأشاركه الأفراح. الحمد لله أننا اليوم في الساحة بقاعدة لا بأس بها من القراء، ندون بأناملنا ما تجود به قرائحنا، ونترجم ما يكتنز بدواخلنا، وما تتكتم عنه مجتمعاتنا. فشكرا لكل من وقف إلى جانبنا واعترف لنا بالجميل. عمود ” بعين الاعتبار ” يغتنم الفرصة ليبعث لجميع محبيه تحية أطيب من المسك، إنه العمود ولد يوم ولد ” نبراس الشباب ” وأبى إلا أن يسير معه في سيرورة واحدة، يشاركه الأفراح والأقراح، الضحك والبكاء، الرخاء كما الشدة. ” بعين الإعتبار “، بطبيعة الحال ليس بعد في مستوى الكبار، لكن لا يمكن أن نصنفه في خانات الصغار، ولست أفتخر عليكم بكلامي هذا، وأتمنى أن تصدقوني إذا قلت لكم أنني أكثر الناس تواضعا في العالم، ولا أحمل أبدا على عاتقي ما لا أحتمل. فلكم مني سادتي باقات حب ومودة وشكر نابع من أعماق قلبي. شكرا للذي وضع في تقته الكاملة، وأعطاني فرصة صقل أفكاري البسيطة لتشع أمام الأنظار. شكرا لكل من يسخر في ما أكتب، فسخريتك تزيدني شحنات إضافية من العزيمة. شكرا لكل من يرد على مقالاتي بتعليقات رقيقة جميلة تجعلني أبتسم خجلا. شكرا للذي وصفني بالمراهق والبئيس، لأنني انتقدت الأفعال اللاأخلاقية لإخوانه الشواذ الجنسين في موسم ” سيدي علي بن حمدوش”. شكرا للذي وصف ما أكتب ب ” خربشات “. شكرا للذي نعتني باللص والتافه، لأنني انتقدت تصرفات متطفلين على تراث ” بوجلود” الذي يعشقه ويهواه . شكرا للذي كتب لي ” كن حذرا “، لأنه يدري جيدا أن القلم في هذا البلد قد يزج بك وراء القضبان. شكرا لأستاذة اللغة العربية التي تقول لي دوما ” ما شاء الله على أسلوبك في الكتابة يا محمد “. شكرا للذي طلب مني الإبتعاد عن الميدان لأنني أقرب إلى راعي غنم. شكر للذي نصحني بشراء دراجة هوائية من أجل بلوغ الجامعة. شكرا للذي يعلق بطلاسيم لا أفهم مغزاها، الرسالة وصلت. شكرا للذي يكتب لي دوما “بررررررافو”. شكرا للذي وبخني، شكرا للذي صفعني، شكرا للذي لكمني، شكرا للذي شتمني وبصق على صورتي ولعن أصلي. شكرا للتلميذ، والطالب، والأستاذ. شكرا للمثقف الذي انتفخ رأسه علما. شكرا للأمي الذي يكتفي بمشاهدة الصور، والرسومات، والفيديوهات. للجميع أعتذر إذا كنت في مستوىً لا يروقهم. للتواصل مع الكاتب: [email protected]