التناغم المنشود بين عذوبة اللحن وقوة الكلمة لتأسيس المعنى الحقيقي للإبداع الفني الأمازيغي التراثي ، شكل خلفية تتحكم في هيئة تنظيم الدورة الأولى لمهرجان اللوز ، التي تتواصل بمركز مدينة " تافراوت " الساحرة . أحواش جبال سوس الشامخة أضحى لها موعد فني لاستعراض سائر الإيقاعات التي تلهب حماسة جماهير هذا الموروث العريق والضاربة جذوره في أعماق التاريخ المحلي لأهل سوس . فقد اختارت " جمعية اللوز " تيمة " أحواش " باعتباره إرثا ثقافيا أمازيغيا ساهم في صون اللغة الأمازيغية من الضياع ، بحسب ما قدمه المنظمون خلال أشغال الندوة الصحفية المقامة صباح أمس بمدرسة " محمد الخامس " بالمدينة ذاتها ، إذ جنح المنظمون إلى صياغة برنامج فني تؤثثه فرق أحواش أمازظيغية ذائعة الصيت . سهرة ليلة أمس ظل الجمهور العريض يرقص على إيقاعات فرقة أحواش " باني " بمشاركة مدهشة للمايسترو اللامع " ايحيا بوقدير " و الرايس " أحمد بنوكريم " . وكانت مناسبة كذلك لإعادة الاعتبار لواحد من رموز هذا الفن بربوع سوس ، كان مبدعا لقصائد تظل خالدة وشاهدة على تاريخ حافل بالمنجز الفني الراقي ، ويتعلق الأمر بالفنان " عبد الكبير شوهاد " ، فضلا عن حضور شاعر متألق تغنت بقصائده أرقام مهمة داخل معادلة المشهد الموسيقي السوسي المعاصر ، هو الشاعر " عبد الله أوزال " . وبما أن إبداع الأفذاذ هنا لا حدود له ، فقد تألق مرة أخرى المايسترو " ايحيا بوقدير " و " أحمد بنوكريم " مع فرقة أحواش " بنات أركان " ممثلة عن فن أسداو بصيغة المؤنث . متعة حقيقية كان دبيبها يسري في نفوس السواد الأعظم من الجماهير الحاضرة ، خصوصا أبناء المنطقة المغتربين وزوارها،حين واصل الكوميدي الشهير " رشيد أسلال " تقديم عرضه الفني الساخر حول عدد من المفارقات التي يرزح تحت وطأتها المجتمع المغربي في الظرفية الراهنة وهو ما خلق تفاعلا ملفتا للجمهور اتجاه العرض المقدم . المهرجان ، فتح ، بتوفق ، مجالا واسعا لتقديم الإبداع المحلي النسوي في سائر أشكاله وأنماطه ، فنا وفكرا وعلما . في هذا الصدد كان للمتبعين من الفاعلين الجمعويين والباحثين في التراث المرتبط بذاكرة أهل تافراوت ، لقاء مع الأستاذة فاطمة أيت سالم ، إبنة المنطقة ، التي قدمت عرضا متميزا للتعريف بتاريخ منطة علم وتصوف وفكر ، هي منطقة " تمكَيدشت " التي حضر إسمها في كتب التاريخ السوسي العريق باعتبارها فضاءا لنشاط الزوايا والروحانيات ويقام بها موسم سنوي خلال أيام عيد المولد النبوي الشريف ، يحج إليه المئات من رجال العلم والفكر وعموم ساكنة المناطق المجاورة . نحو آفاق تنموية بسواعد أبناء تافراوت وعلى صعيد آخر ، وانطلاقا من اعتبار " أحواش " نمطا فنيا وتعبيريا ارتبط بالجماعات البشرية العاضة بالنواجد على الحب الأزلي للأرض باستغلالها وزراعتها من خلال أشكال التضامن والتعاون المترسخة في أعراف ساكني هذه الربوع ، فقد دفع هذا الواقع المحتاج للتحصين والاكتشاف ، منظمي المهرجان ، إلى إقامة نشاط علمي بحضور طلبة كلية العلوم بجامعة ابن زهر – أكادير ، ومسؤولي الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني ، حيث قدموا جميعا حصيلة عملية التشخيص المجالي لمحيط تافراوت ، وهو العمل الذي جاء بعد جهود كبيرة بذلها الطلبة الباحثون من خلال اطلاعهم على مخططات التنمية بعدد من الجماعات المحلية أعقبوها بسلسلة من اللقاءات مع الفعاليات الجمعوية والتعاونيات المحلية،وتمكنوا في النهاية من تحديد واقع ثلاث قطاعات تنموية أساسية بالمنطقة : الفلاحة التي تسغل سواعد محلية كبيرة ، والصناعة التقليدية والسياحة . المشاركون في هذه الندوة العلمية ، شددوا على ضرورة تقديم مقاربات فعالة لحلحلة إشكالية تسويق المنتوجات المحلية،خصوصا تلك المرتبطة بالموارد الطبيعية ، بمساعدة من مكتب التسويق والتصدير الذي من المنتظر أن يوقع عقودا خاصة في الإطار ذاته مع عدد من التعاونيات المحلية ، من خلال تحمل تكاليف النقل إلى الدارالبيضاء في حال توفر منتوجات ذات الجودة المنشودة ، فضلا عن الاستفادة من تجارب ما يطلق عليه ب " المتاجر التضامنية " وتحرير إشهاد من المكتب نفسه حول طبيعة المنتوج وحول ما إذا كان منصفا ليكون قابلا للترويج. وتتواصل فعاليات هذا المهرجان الذي يقام بشراكة مع المجلس البلدي لتافراوت وبدعم من مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين المحليين ، حيث سيتم ، بداية من الثامنة مساءا ، تنظيم حفل خاص بالتميز الدراسي من أجل تشجيع المتفوقين والاحتفال بنهاية السنة الدراسية ، هذا بالإضافة إلى إقامة مقابلة تكريمية للفريق المحلي " نهضة تافراوت " الذي حقق هذه السنة إنجازات متميزة . في العرض الفني لسهرة اليوم الإثنين ، تلتقي جماهير تافراوات وزوارها ، مع إيقاعات راقية لفن أحواش ، تيمة الدورة ، بصيغة المؤنث : أحواش بنات اللوز بمشاركة الشاعر " لحسن أجماع " ، بالإضافة إلى إبداعات من مجموعة أحواش إمجاض ، ومجموعة أركان تافراوت ، وليستمتع الجمهور المرتقب ، كذلك ، مع تنشيط الفنان الفكاهي المتألق : إبراهيم أزنزار . الجمهور التافراوتي له موعد خاص إذن ، يرى فيه المنظمون مقاربة لتنشيط الدورة الثقافية والفنية للمنطقة وربط المغتربين بأرضهم الأم ، وفق غاية تروم إلى بناء مستقبل واعد لتافراوت بسواعد أبنائها المتميزين . جمهور عريض من أبناء تافراوت وزوارها كانوا في الموعد خلال سهرة أمس الأحد