كان لأمطار الخير التي تهاطلت على مدينة اكادير الوقع السئ على احتفالات العمال في عيدهم الأممي، الأمطار التي لم تشهدها مدينة الانبعاث في فاتح ماي منذ عشرات السنين، دفعت ببعض النقابات إلى إلغاء الاحتفالات، ومنها من اختار إغلاق باب مقر نقابته وبإحكام كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد العام للشغالين، ومنها من شغلته صراعاته الداخلية وانشقاقات تياراته المختلفة، فعدل عن التظاهر كما هو الشأن بالنسبة لنقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والتي تم جمدت عضوية أعضائه مكتبها المحلي بنقابة الجماعات المحلية، بعد إقدام بعضهم على احتلال شقق بعمارات أنزا من جهة، و الصراع القائم في نقابتها التعليمية من جهة ثانية، ومنها من غابت أخباره بله احتفالاته عن شوارع المدينة لسبب مجهول. وتبقى نقابة الكونفدرالية الديمقراطية ونقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الجناح النقابي للعدالة والتنمية هما النقابتان اللتان خرجتا للاحتفال والتظاهر في الشارع بمشاركين يبدو ان عددهم في تراجع بالقياس مع السنوات الفارطة. النقابتان نظمتا تجمعاتهما الجماهيرية بشكل منفصل، قبل ان يسيرا أعضاؤها في مسيرتين منفصلتين كذلك جابتا عددا من شوارع المدينة. في هذا السياق، قال رشيد ايت العزيز في كلمة باسم الكتابة العامة للاتحاد الوطني للشغل إلى أنه:" كنا نريد أن يكون اليوم يوم احتفال ويوم عيد ويوم فرح، لكن أبت قوى الشر والظلم والظلام إلا أن تنغصه علينا وعلى الشعب المغربي، أبت إلا أن تزرع الشك في المستقبل، وأن تزرع الخوف وأن تسعى إلى الفتنة" مضيفا بأن "جوابنا على مخططكم اللئيم أن الشعب المغربي كله بجميع مكوناته وحساسياته السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية يقول كلمة واحدة : إن الإرهاب لا يرهبنا وإن التآمر لن يثنيا عن المضي نحو المستقبل ، نحو الديمقراطية، نحو الكرامة نحو العدالة الاجتماعية، وأضاف بان الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ينظم مسيراته وتظاهراته هذه السنة تحت شعار :" دستور ديمقراطي من أجل مغرب الكرامة والتنمية والعدالة الاجتماعية "، مؤكدا بأنه اختار أن تكون هذه المناسبة بداية في برنامج من أجل تفعيل التزاماته عندما انخرط في مبادرة نداء الإصلاح الديمقراطي ، وهو يجدد التزامه بمواصلة النضال على الواجهة الاجتماعية من أجل تحقيق مضامينه أي من خلال النضال والمطالبة بإصلاح ديمقراطي واجتماعي عميق وشامل، يقطع إلى غير رجعة مع عوامل التردد وكل أشكال التحكم من خلال إقرار دستور ديمقراطي يعزز الفصل ما بين السلطات، والقضاء على كل الامتيازات وكل أشكال الريع والنهب للثروات الوطنية والتصدي للمزاوجة غير المشروعة بين السلطة والمال، وإقرار إصلاحات سياسية ومؤسساتية يكون من شأنها إقامة نظام انتخابي يسهم في عقلنة المشهد السياسي مع ضمان شروط النزاهة والشفافية الصرامة في مواجهة آفات الفساد الانتخابي المستشرية، فضلا عن دمقرطة الاقتصاد الوطني من خلال بناء اقتصاد وطني عصري منافس ومقاولة وطنية ومواطنة منافسة والتصدي لاقتصاد الريع والمنافسة غير الشريفة وإقامة دولة الحق والقانون، إضافة الى بناء سياسات اقتصادية منتجة لفرص حقيقية لفرص الشغل وذات توجهات اجتماعية، والوقف الفوري لمسلسل التراجعات والخروقات في مجال حقوق الإنسان، ووضع حد لاعتقال الصحفيين ووضع حد للعقوبات السالبة للحرية في حقهم، مع إقامة ميثاق اجتماعي يفضي لسلم اجتماعي موضوعي قائم على الاستجابة للمطالب الموضوعية لمختلف فئات الشغيلة بناء على حوار اجتماعي مأسس حقا وصدقا. هذا، ورفعت شعارات معبرة في ذات التظاهرة والتي عرفت مشاركة مكثفة لأعضاء العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح فضلا عن أعضاء ومنخرطي مختلف المكاتب النقابية التابعة للاتحاد، عرفت رفع شعارات من قبيل: الضرائب والرشوة ...جيب الشعب راه خوا، البطالة هاهي ... والحكومة فينا هيا، صامدون صامدون...للارهاب رافضون، الارهابي انسان مريض ... في مراكش ومدريد، حكومة الفاسي الفاسي ... الكوارث والمآسي، الهمة كون تحشم...راه الشعب كيفهم، الهمة تلاح تلاح... راه الشعب باغي ارتاح، والبام اجمع الباكاج ... راه اهلكتنا ديكاج، ما بغينا موازين...ردو الفلوس للمساكين، أش ندير بشاكيرا ... بغينا خبزة و كوميرة، وغيرها من المطالب. من جهته قال عبد الحق حيسان عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بان :" احتفالات هذه السنة تأتي في ظل الثورات العربية التي تشهدها جل دول العالم العربي، أيضا تأتي في إطار ثورة حركة 20 فبراير بالمغرب، وأيضا في إطار الحوار الاجتماعي حيث الحكومة لم تنفرد هذه السنة بتصريح انفرادي. حيسان أضاف بأن:" فاتح ماي هذه السنة اتى بعد التفجير الإجرامي الذي شهدته مدينة مراكش والدي ندينه بشدة، بالاظافة الى امطار الخير التي تهاطلت على المدينة. وأكد حيسان بان مدينة اكادير عرفت هذه السنة تسريحات جماعية للعمال وقمع الحريات العمالية في العديد من القطاعات خصوصا قطاعات التصبير والفلاحة والبناء، مضيفا بأن فاتح ماي تميز كذلك بانخراط جميع الكونفدراليين هذه السنة في حركة 20 فبراير التي تضم شبابا يطالبون بالتغيير إن على المستوى المحلي او الوطني و المطالبة كذلك بمحاكمة بعض المفسدين المحليين. وكان بيان للمكتب التنفيدي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل قد أكد بأن الكونفدرالية تناضل من اجل مراجعة شاملة وعميقة للدستور وفرض إصلاحات اجتماعية تضع حدا للاحتقان الاجتماعي، فضلا عن فرض الحريات النقابية، والرفع من الحد الأدنى للأجر، وكذا دعم الشباب المغربي في نضاله من اجل الشغل، والحرية والكرامة، والديمقراطية. وكان البرلماني المقرئ الادريسي ابو زيد قد حل ضيفا على احتفالات عيد الشغل بأكادير وألقى كلمة قوية لنا عودة إليها في مقال لاحق.