" كانوا غادي ايخليونا فالعطش ساعة حصلوا .." ، تلك واحدة من التعابير ، التي أعرب بها أهالي جماعة " إداوكَنيظيف " الجبلية ، بإقليم اشتوكة أيت باها ، عن ارتياحهم وتنفسهم الصعداء ، بعد أن تم إعلان توقيف لصوص " بومبا ديال البير " التي كانوا يتزودون منها بالماء الشروب . منطقة " إمحيلن " ، كانت الوجهة البعيدة ، التي قصدها أربعة أشخاص ، كونوا عصابة لسرقة آلات ضخ المياه من الآبار ، في هذه المنطقة العذراء من الدائرة الجبلية ، ورغم أن المسافة الفاصلة بين موقع سكناهم بجماعة " القليعة " ، التابعة لعمالة إنزكان أيت ملول، وبين جماعة إداوكَنيظف بأيت باها ، هي مسافة بالغة الأهمية ، ولا يمكن للسيارة أن تطويها تحت عجلاتها إلا بعد ساعة ونصف ، على الأقل ، فإن ذلك لم يكن كبوة أمام فرس اللصوص ، الذين استعملوا سيارة ذات موضع للحمولة ، من أجل نقل الغنيمة . واستعان الأربعة بمفاتيح خاصة لتفكيك " البومبا " ، حتى يسهل شحنها في السيارة ، ولم يغادروا المكان ، إلا ومعهم المروحية الهوائية كذلك. حينما كان الليل يرخي سدوله على المكان ، ظلت الفرصة لتنفيذ العملية ، سانحة ، خصوصا وأن معظم أهالي المنطقة ، يغلقون أبواب منازلهم ، حالما ترفع الشمس أذرعها في المساء ، خلال فترة البرودة. العملية تمت بنجاح ، هذا ما اعتقده منفذوها ، على الأقل في اللحظة ذاتها . بسرعة دارت عجلات السيارة ، والمسار كان باتجاه مدينة بيوكرى ، بيد أن رياح العجلات كانت تجري بما لاتشتهيه سفن ركابها ، وحينما وصلوا إلى منطقة " إمي مقورن " انفضح كل شيئ .. خطوات قليلة ، كانت تفصلهم عن دورية روتينية لعناصر المركز الترابي للدرك الملكي ببيوكرى ، إشارتهم بالتوقف ، كانت كافية لتنشر الارتباك لدى الركاب الأربعة ، وقسمات وجوههم أرسلت للدركيين رسالة واضحة ، مفادها : كاينة شي حاجة ماشي نورمال .. دنت عقارب الساعة من الحادية عشرة ليلا ، من مساء السبت الأخير ، توقفت السيارة بعد محاولة فاشلة للفرار ، علامات اضطراب كانت بادية على الأربعة ، لم تكن في صالحهم وحفزت رجال الدرك الملكي على تفتيش دقيق للسيارة ، ليقفوا على مفاجأة لم يستطع ركاب السيارة تفسيرها ، بمبرر منطقي . ظل سائقوا السيارات القادمة من كل الاتجاهات ، يتفرسون بعيونهم ، تفاصيل المكان ويحاولون استطلاع ما يجري ، ولم يكن يدور في خلدهم ، وقتها ، أن القضية فيها كبوة قاصمة لظهر عربة لصوص آلات ضخ مياه بسطاء بالجبل . وعلى عجل ، تم اقتياد الجميع إلى مركز الدرك الملكي ببيوكرى ، ومعهم المحجوز ، هناك حيث بدأ شوط ابتدائي من التحقيق مع الموقوفين ، فيما تم إيداع السيارة بالمستودع البلدي لمدينة بيوكرى . كان المحققون ، في محاولة منهم للإمساك بخيوط دقيقة للقضية ، يستشعرون جسامة التصريحات المدلى بها ، والتي تشكل خيوطا رفيعة ، لوضع نقطة النهاية على آخر صفحات الملف ، قبل إحالته أول أمس الإثنين ، على محكمة الإستئناف بأكادير ، لتنظر في النازلة ، وتعمق البحث مع المتابعين الأربعة ، الذين كانوا يندبون حظا أحالهم على طريق" إمي مقورن" ، حيث كانت عناصر الدرك الملكي في وضع اليقظة . صباح اليوم الموالي ، تقاطرت على المركز الترابي للدرك الملكي ببيوكرى ، أفواج من أهالي المنطقة ، التي استفاقت على حدث عملية السطو ، منهم من لم يجد بدا من إلقاء بضع كلمات تنويه في حق الدركيين ، والآخرون تبادلوا التهاني فيما بينهم ، وسط مركز الدرك الملكي ، فالأمر بالنسبة لهم ، يعد مسا بنعيم الهدوء ، الذي ظلوا ، ولأعوام ، يرفلون فيه ، ومحاولة لانتهاك حقهم في مادة الماء الشروب ، التي تمثل البئر ، موضع العملية ، منبعها الأساسي والذي لايمكن ، بالنسبة لهم ، التجرؤ على ركوب مغامرة الاقتراب منه ، بسوء .