على عكس ما صرح به كثير من الملاحظين الذين تتبعوا فعاليات النشاط الديني المنظم بالبقاع "المشيشية" الطاهرة ، تحت رعاية سامية "سخية" عكس ذلك رأى آخرون من لهم خبرة دقيقة بما تعيشه الزاوية الوزانية من مراحل توصف بأوصاف ليس هذا مقام ذكرها ، فالملاحظون الذين عبروا لنا عن إعجابهم بموكب الأشراف الوزانيين و من حضر من مريدين ، لم يحكموا سوى على مظاهر تميز بها الوزانيون عن غيرهم نظرا لانتفائها في ذلك الجمع الموسمي "الرسمي" ، و بالتالي فإن كل ما نطقوا به في حق الزاوية و العائلة الوزانيين من عبارات الإعجاب و الاستحسان ، مبني على غير الحقيقة التي يرجى إيجادها و إحضارها ، على اعتبار أن الزاوية الوزانية مثلا لا يعقل أن يمثلها عدد قليل جدا من المشاركين سواء على مستوى القاعدة أو على مستوى "القيادة" و النخبة ، و لا يعقل أيضا أن يمثلها أشخاص لا يحظون برضى غالبية الوزانيين ، و إلا فسنكون قد حجمنا و قزمنا مؤسستي الزاوية و العائلة في حجم مجحف مبخس لقيمة وقامة الإسمين العظيمين ، يعني أن الصواب أن نحسب الحضور المذكور فئة من الوزانيين زاوية و عائلة لا غير . إن الوضعية العامة للزاوية الوزانية الآن و منذ مدة جامدة خامدة ، لا تصنع و لا تبدع ولا تستثمر و لا تشجع و لا تنمي ، بل تقبر و تبعد و تنفر و تشوه ، مما يجعل كل الأشراف و معهم الملاحظين في حيرة من أمرهم في ما يخص تحليل هذا المشهد و تشريحه قصد التوصل لحلول ناجعة تجمع الأغلبية الساحقة على ضرورة العمل من أجله مهما كانت القوى "التقليدية" شرسة في الدفاع عما تعتبره "مكتسبات" حققتها أثناء تغلغلها في "البيت الوزاني" الشريف الأصيل . حقيقة لقد كان الحضور الملفت للأنظار "ومضة" جمعت أذهان المشاهدين من العامة و الخاصة ، حيث تناسلت أسئلة كثيرة ذات الصلة بالزاوية و العائلة ، سمعنا بعضها مباشرة ، من قبيل من هي الزاوية الوزانية و ما تاريخها و من هم رموزها الأحياء منهم و الأموات ؟ و لم لا نرى حضورها في المحافل الدينية و الاجتماعية و الثقافية المختلفة بهذا الشكل أو أكثر ؟ و غيرها من الأسئلة ، حقيقة خاضت بعض المجالس الخاصة في الموضوع ، فضلا عن أنها كانت مادة دسمة للحاضرين فيما بينهم بمدخل مقام مولاي عبدالسلام . و الذي جعل بعض المتتبعين يقف وقفات عميقة فيما يخص موضوع الزاوية و العائلة الوزانيين ، الحجم الذي آلت إليه بعد قرون من العطاء و النماء و التوسع ، و الحال الذي أصبحا فيه على مستوى تدبير شأنهما الداخلي و الخارجي ، في ظل كما أكد من لهم دراية بالموضوع في ظل "جثوم" فئة قليلة جدا على كل شؤونهما و خاصة على شؤون الزاوية ، حتى أصبحت مرهونة في يد عدد أقل من أصابع اليد الواحدة ، ينطقون باسمها و يمثلونها في الداخل و الخارج و يتصرفون في "صناديقها" و يفتون في أمورها و يوزعون المهام و "المقام" على من شاؤوا من زبانية و حاشية و يتحكمون في الأضرحة و المقامات ، بل و حتى في الأراضي و الممتلكات .. و هلم جرا و ذكرا لما هم فاعلون في مربعهم المغلق . يظيف أحد الظرفاء بالقول ، ماذا لو استدعت الزاوية كل فروعها و كل المناطق التي يتواجد فيها الأشراف الوزانيون لحضور هذا الموسم ، "موسم الدعاء" ، كيف كنا سنجد مشاركة الزاوية الوزانية ؟ ليردف آخر بالقول ، أكيد أن الحضور سيكون أكثر تأثيرا و رسالية من غيره ، بما سيحمله من دلالات قوية موحية بتجذر الزاوية و العائلة و معبرة عما يكنهما لعامة خلق الله و خاصته من حب و إخلاص و ما يحملانه من رسالة صوفية صافية تربوية أخلاقية و اجتماعية و علمية ، بطبيعة الحال ستبدو جلية من خلال محيى المشاركين و على واجهة الملصطقات و اللآفتات و على الألسن اللآهجة بالأذكار و الأمداح و الأناشيد . فهل يمكن أن نقول بأن هذا مستحيل تحققه في ظل احتكار "الفئة" الجاثمة على قيادة الزاوية ؟ . و هل يمكن أن ييأس المغاربة و غيرهم من الحصول على مرادهم الروحي و المعنوي مما يعرفونه عن الزاوية و مشايخها من عظمة و سر ، في ظل التردي الملحوظ ؟ أما إذا طرحنا سؤالنا بالشكل الأجدر طرحه كالتالي : بأي حق يحتكر المربع المحيط بشيخ الزاوية الشأن العام للزاوية ؟ و بأية صفة و مرجعية ينطق أفراد المربع المغلق باسم الزاوية و أحيانا باسم الأشراف الوزانيين ؟ و لماذا يخشى هذا المربع من الانفتاح على الرأي العام "الوزاني الداخلي" لمصارحته بتفاصيل الشأن الإداري و الأدبي و المالي و التدبيري للزاوية ؟ في خضم هذه الأسئلة و أخرى تتناسل طبيعيا ، استحضر ملاحظ في حديثه حضور نخبة من الأشراف الوزانيين بمسجد المركز ، حيث تليت برقيات و لهجت ألسن بأدعية ، ظهر في المحفل أن لنا نخبة عظيمة عظمة الإسم التي تحمله المتصل بسدة ليست عالية بغير الله متمثلة في الجد الأكبر مولاي عبدالله الشريف و من أتى من بعده بلا استثناء منهم الشيخ السامي "مول السوق الحامي" ، هذه النخبة لا يقبل عقل و لا منطق بأن تنزل دركات في منحدر ما ، لا يليق بمعدنها الأصيل و منهلها الصافي ، بل الأجدر بألا تتواجد مثل هذه النخبة الخيرة من أحفاد مولاي عبدالله الشريف إلا في محافل العز و التناظر و الفكر و الإبداع و التحرر و السمو ، و إن حضرت حيث المناسبة دعاء فبشكل و جوهر مخالفان تماما للسائد الذي تمجه الأرواح السامية و تعافه العقول الراقية . فأنى لنا إذن أن نقنع السائلين و الملاحظين أيضا بحقيقتنا الصافية قبل أن تكدرها الأيادي العابثة منها مربع السوء التخريبي ، و أنى لنا أن نوضح للرأي العام حقيقة مولاي عبدالله الشريف و حقيقة كل ورثة سره العظماء ، بما سطروه من ملاحم بطولية على جبهات الحياة المختلفة ، و أنى لنا أن نبحث عن مبررات مقنعة للتناقض الصارخ ما بين حقيقة الزاوية الوزانية و معها العائلة الوزانية الشريفة ، و بين واقع مأساوي مؤلم يذوب له الجبين و يشفق عليه الباكون على ميت كان بالأمس عظيما ؟؟؟ ماذا لو عادت الزاوية الوزانية إلى منهاجها النبوي الحقيقي ، إذن ؟ .. فلنكثر من مواسم "الدعاء" .. ف الموتى يبعثهم الله .