يوسف خليل السباعي - صحفي وكاتب روائي كنت أحب جيدا أن أبدأ حديثي في مقهى " الزهراء"، ونحن نتناول فطورنا، بمقطع من قصيدة زجلية جميلة للشاعر والزجال عبد العزيز الموصمادي، هكذا: غضبان ومغبون منك و عليك من جهة .. قلبي محروق وخ هكداك فرحان بيك.. بينتنا عاهد و واعد متين نهديك بوراق مسرج بالغيرة وصّاوني عليك.. حتى الوالدين الطعام اللي شركناه عاد الدخيرة والله ما ندوزك حتى يوم الدين.. دينك نخَالصو وخّ ف الأخيرة غضبان ومغبون منك و عليك من جهة.. قلبي محروق وخ هكداك فرحان بيك.. عبد العزيز المصمادي يلقي إحدى قصائده الزجلية
وكان عبد العزيز الموصمادي يضحك، ويمتعنا بمقاطع جميلة من هذه القصيدة التي كتبها بكل جوارحه عن " الباريو"، الحي الذي سكنه وسكن فيه، على الرغم من اغترابه وعيشه لسنوات في غرناطة بإسبانيا. الآن، عندما أدخل إلى " الزهراء"، لا أجد أثرا له. عبد العزيز الموصمادي الشاعر المرهف الحس، الذي كان يبدأ كلامه مع الجميع، هكذا " كيف حالك أيها الجميل… أيها الشاب اللطيف" عوضا عن صباح النور أو صباح الخير أو أي شيء آخر… كان الجمال عنده شعرا وسلوكا. صديقنا، ألم به مرض خبيث، وهو يعالح الآن في مستشفى بسبتة، كل ما نتمناه له الشفاء العاجل. وبقيت لأسابيع وأنا أسأل عنه، أسأل خصوصا رفيقه وصديقه الحميم مصطفى زروالة الذي لم يخبرني، إلى أن أرغمته على الكلام، فأخبرني بمرضه وهو يبكي متألما. إن عبد العزيز الموصمادي شاعر وزجال بارع، يختار كلماته من الحياة، ومن ما بقي راسخا في الذاكرة الشعرية والزجلية والثراتية ، وهناك كلمات من واقع الحياة التطوانية، كلمات تتدفق عطرا، وجمالا وعذوبة وقساوة أيضا… كلمات تنبعث من أغوار تكابد الألم والفراق والحب والغدر ، إلخ، وتتغنى بالحياة والجمال، تجعل من يستمع إليها أويقرؤها يعيش نغمها، وشجنها وحيويتها. لم تكن تفارق عبد العزيز الابتسامة، كما أنه يملك ثقافة واسعة، وموهبة فذة، وحسن هندام. رقيق كالوردة، وواضح كالشمس، غير أنه كاتم لسيرة، حال المرض الخبيث دون أن يسردها… في عيد الكتاب لهذه السنة، جمعتنا مائدة واحدة أنا وهو والشاعرة المتألقة فاطمة الزهراء بنيس، حيث قدمنا شهادات إبداعية، وكان عبد العزيز الموصمادي أكثرنا انفعالا بالكلمة الزجلية والمسار اللذين وهبهما حياته…