يأمل السياح الذين يزورون شفشاون، المدينة الصغيرة في شمال المملكة والمطلية حوائطها كلياً بالأزرق، في التقاط أفضل صورة سيلفي قدر الإمكان، إلا أن عليهم قبل ذلك التزاحم مع جيشٍ صغير من السياح الآخرين الساعين إلى الشيء نفسه. إذ تُعتبر مدينة شفشاون جذابة للغاية في التقاط الصور لدرجة جعلت الدليل السياحي المرموق Fodor's يخشى على مستقبلها، ذاكراً أن تلك الوجهة المعزولة صارت مُدمرة بفعل ممارسات مستخدمي إنستغرام. وقد جمع وسم شفشاون ما يزيد عن 620 ألف منشور على إنستغرام ولا يبدو أن شعبية المدينة ستتراجع، مع توافد المؤثرين والمدونين والرحالة على المدينة المغربية يومياً، مهما كان الطقس، للوقوف على درجات سلالمها الزرقاء الخلابة. تُعرف شفشاون التي بنيت عام 1471 وتضم أكثر من 42,700 مواطن، بمدينة الشاون، ولطالما كانت واحدة من أكثر مدن المغرب التي تُلتقط لها الصور. إلا أن الجيل الرقمي شهد ارتفاعاً حاداً في أعداد زوارها الذين لا يأبهون لشيء أكثر من التقاط أفضل صور تذكارية. وقد أكسبتها الألوان الزرقاء الزاهية اسم «الجوهرة الزرقاء»، وتساعد درجات سلالمها الملونة في إعطاء خلفية مذهلة للصور التي يجري نشرها عبر إنستغرام. كيف أصبحت فاتنة إلى هذا الحد؟ يُعتقد أن هذا اللون يعود إلى القرن الخامس عشر، عندما نزح اليهود والمسلمون الموريسكيون (مسلمون تحولوا إلى المسيحية) من إسبانيا نتيجة لأعمال التطهير العرقي والديني ضد غير المسيحيين. طلى هؤلاء النازحون المباني لتكون بمثابة تقرب لله ولتمثيل السلام والأمان في وطنهم التعددي، واختاروا اللون الأزرق رمزاً للسماء والجنة. وقد احتفظت المدينة بلونها المميز المعروف بعد فترة الحرب العالمية الثانية. ورغم عمل الإدارة المحلية على تجديد ألوان المنازل بين كل فترة والأخرى، لكن المدينة التي تعج بالسياح قد تدمر بسبب مهووسي إنستغرام وفق صحيفة The Daily Mail البريطانية. إذ أضافها الدليل السياحي Fodor في وقتٍ مبكر من هذا العام إلى قائمته للأماكن التي «دمرها إنستغرام». على النقيض تماماً، يقول بعض سكانها إن الاهتمام المتزايد بالمدينة جعلها تزدهر. فعلى سبيل المثال، حوَّل أحد سكان المدينة -مدينة شفشاون القديمة- المبدعين بيته إلى «متحف»، ويطلب من السياح 5 دراهم مقابل الدخول. وقد قال لموقع Business Insider الأمريكي في وقت مبكر من هذا العام: «يأتي كل هؤلاء الناس ويلتقطون صوراً لمنزلي يضعونها على إنستغرام ويوتيوب وفيسبوك. لقد صار شهيراً». وأضاف: «تمكنتُ من إصلاح منزلي وبدء تجارة بسبب ذلك». في المقال نفسه بالموقع الأمريكي، ذُكر أن السكان المحليين تعلموا اللغة الإنجليزية لخدمة السياح على نحو أفضل، وأن البعض منهم حاول تعلم الصينية كذلك لأن الأماكن السياحية تثبت شعبيتها في الشرق الأقصى