قال الدكتور إدريس لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدوليين ومدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات بكلية الحقوق بمراكس، إن الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى ال19 لعيد العرش المجيد ، يعتبر دعوة إلى الانكباب على القضايا الحقيقية للمواطن بدل الدخول في نقاشات واهية أو متاهات غير مجدية. وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن الخطاب باعتباره آلية لتواصل المؤسسة الملكية مع الشعب ومع مختلف الفاعلين ، يعد تأكيدا على العمل الجماعي بين مختلف الفاعلين ودعوتهم إلى التجاوب مع مطالب المواطنين والمتغيرات الاجتماعية ، مع التركيز على ضرورة تطوير أداء الأحزاب السياسية من خلال استقطاب نخب جديدة وكفأة وتطوير أساليب العمل.
وأبرز أن الخطاب الملكي ركز في جزء كبير منه على الشق الاجتماعي ، حيث كان هناك نقد واضح للبرامج التنموية المعتمدة مع التأكيد على أن هذا النقد الملكي لا يعني الاستهانة بالجهود المبذولة وإنما يسعى إلى استحضار جانب النجاعة أي الاستجابة للحاجيات المطروحة وكذا التجاوب مع الأولويات المطروحة في هذا الصدد.
وقال في هذا الصدد ، "كان هناك تأكيد على مجموعة من الأولويات في إطار الملف الاجتماعي حيث أكد على دعم التمدرس وتجاوز الهدر المدرسي وهذا فيه إشارة ايجابية إلى الرغبة في تجاوز المعضلات والإشكالات التي تواجه المنظومة التعليمية في أبعادها المختلفة وخاصة أن الكثير من التقارير تؤكد على حجم الكلفة التي يخلفها الهدر المدرسي بالنسبة للمجتمع ككل".
كما تضمن الخطاب الملكي ، يضيف المتحدث ، " دعوة إلى اطلاق النسخة الثانية من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للوقوف على مجموعة من النواقص التي شابت النسخة الأولى التي تعد استمرارا لهذا المشروع الذي يسعى في جزء كبير منه الى التجاوب مع الانتظارات الاجتماعية وتعزيز التنمية في أبعادها الانسانية ".
وأشار إلى أن الخطاب الملكي طرح أولوية أخرى مرتبطة بتطوير منظومة التغطية الصحية بالنظر إلى الحالات التي واكبت التجربة الأخيرة المرتبطة بنظام "راميد" والتأكيد على أن هذا الجانب يحظى بأهمية كبيرة لدى المؤسسة الملكية، إلى جانب الإشارة إلى ضرورة اعتماد حوار اجتماعي مبني على المسؤولية والتواصل البناء وعلى استحضار مصالح الجانبين.
الخطاب الملكي ركز كذلك ، يقول الأستاذ الكريني ، على جانب مهم وهو الشق الاقتصادي بالتأكيد على تطوير أداء المقاولة لكسب رهان الاستثمارات في عالم منفتح ومتغير انطلاقا من كون الاستثمار تعتبر مدخلا مستداما لتحقيق التنمية مما يستدعي تطوير أداء المقاولة باعتبارها مدخلا لدعم الاستثمار وأيضا لكسب رهان التنافسية خصوصا وأن المغرب يعتمد سياسة اقتصادية منفتحة ويسعى دائما إلى استقطاب الاستثمار الأجنبي داخل المغرب.
وأبرز أن تركيز صاحب الجلالة على الجانب البيئي والتأكيد عليه فيه استيعاب الجيل الجديد لحقوق الانسان في علاقته بالحق في بيئة سليمة والذي رسخه دستور 2011 ، معتبرا أن هذا التأكيد كان بمثابة تذكير بضرورة ايلاء الأهمية للماء خصوصا وأن المغرب ومنذ عقود نهج سياسة مهمة على المستوى البيئي بشكل عام وعلى مستوى احداث السدود والاهتمام بالفرشة المائية .
وسجل أن الخطاب الملكي لم يخل من اشارات إلى قضايا مرتبطة بالسياسة الخارجية من خلال التأكيد على الوحدة الترابية للمملكة وأهمية التلاحم بين المواطن والمؤسسة الملكية لكسب رهانات كبرى اعتاد المغرب كسبها كلما كان هذا التلاحم والتنسيق.
واعتبر أن تذكير الخطاب الملكي بالتزام المغرب انسجاما مع المقتضيات الدستورية بالانفتاح على محيطه العربي والإسلامي وسعيه إلى دعم السلم والأمن الدوليين والتأكيد على المبادرات التي قامت بها المملكة من خلال احداث مستشفيات عسكرية في عدد من مناطق التوتر ، يعد تأكيدا على تشبث المغرب بالتضامن العربي وخدمة القضايا الانسانية العادلة وتعزيز السلم والأمن الدوليين والمبادرات البناءة.
وأشار الأستاذ الكريني ، من جهة أخرى، إلى أن " المؤسسة الملكية بالنظر لمكانتها السياسية والدستورية ودورها كساهر على حقوق المواطن والسير العادي للمؤسسات ، بتأكيدها على تجاوز الخطابات العدمية تنبه المواطن ومختلف الفاعلين إلى ضرورة توخي الحذر من هذه الخطابات الهدامة التي يمكنها أن تنعكس بالسلب وتخلق حالة اللااستقرار داخل المجتمع ".