خريبكة: بقلم صالح قمران البارصا التي شغلت الناس، سحر كروي تجاوز الحدود حتى أضحى إدمانا كرويا كونيا، بكل لغات العالم ،هتفوا باسمها وأحبوا لاعبيها، قميصها يحمل شعار اليونيسيف، شعار الطفولة العالمية في بعدها الإنساني ،حبها عذري غجري، تجاوز أساطير الحب والعشق والوله، هي أشهر من عذابات روميو وجولييت وآهات قيس بن الملوح مجنون ليلى.
البارصا هي هذا الكل المتجانس، هي هاته البوتقة التي انصهرت فيها معادن النجاح الرياضي ،في بلاد توارت فيها مكرهة شهرة عادات شعبية ضاربة في عمق التاريخ الإيبيري- الإسباني كمصارعة الثيران، فميسي ، كزافيي، إنيستا، بويول، بيكي هم أشهر من مصارعي الثيران وعلماء الذرة وقادة الفردوس المفقود ونجوم السياسة والسينما، هم أشهر من بيكاسو ودالي وليوراندودافينتشي، لو عاشت الموناليزا أيام البارصا لضحكت لجمال أدائها الكروي وتجهمت في وجه راسمها ومن يمسك الريشة لتأثيث فضاء اللوحة بسحنتها الباسمة، هي البارصا، المغناطيس الكروي الذي جر المغنية اللبنانية –الكولومبية "شاكيرا" لتتعلق بقلب كروي إسمه بيكي، فجمال البارصا أكثر فتنة ووسامة من كل ملكات جمال الكون.
البارصا هي قصة نجاح خرافية، البارصا الملهمة، في لقائها الكروي العالمي مع مانشستر يونايتد– فريق الشياطين الحمر– بقيادة المدرب العجوز الداهية السير أليكس فيرغسون، تعملقت البارصا كعادتها واشتد زئيرها الكروي الفاتن وقدمت فرجة كروية ساحرة انتزعت تصفيقات الجماهير العاشقة للمستديرة وبلغت يومها الحناجر مبلغها بالتهليل لهاته الكرة التي كانت ليلتها في ثوب العروس وكان اللاعبون صناع الفرجة الكروية عرسانا في ليلة زفاف كروي فاق ليالي ألف ليلة وليلة تشويقا وسحرا.
في هي الليلة الكروية الأوربية المشهودة، تلمست الجماهير العاشقة تفاصيل الثوب الإنساني للرياضة، فأبيدال اللاعب الفرنسي الذي مر من مرحلة طبية وصحية حرجة ربما لم تندمل بعد ندوبها وجراحها وكلومها، كان نجما لامعا في سماء إنسانية الكرة، هي دروس البارصا، ففي عز التتويج بأغلى كؤوس القارة العجوز، وفي غمرة نرجسية الفوز وحب الظهور وأنانية الأنا، ووسط أمواج هادرة من أضواء الصحافة والإعلام وملايين من الأعين والمتلصصين والباباراتزي، عمد النجم الرياضي العالمي بويول- صخرة البارصا وقلب الأسد- وبلمسة احترافية عز نظيرها، وبخضوع تام لسلطان النفس الزكية الطاهرة المؤنسنة، إلى تقديم شارة العميد لأبيدال ليتسلم الكأس الغالية، كأس التتويج الأوربي، كأنه يمنحه بهذا السلوك ضمادة الشفاء الرياضي وصك النقاء الإنساني، هي إذن زاوية إنسانية الرياضة التي يجب أن تسود، هي دروس وعبر تحيلنا إلى معادلة مفادها أن النصر الجماعي هو نتاج مجهود فردي وأن التتويج الفردي وراءه عرق جماعي.
هي قيم البارصا التي تعلمنا من سلوك ربما يبدو عابرا عند البعض أن الاحتراف يتجاوز دفاتر التحملات وكراسات الشروط وخزائن المال والأرصدة ومتون القوانين والأنظمة ليسمعنا صوتا كاطالونيا يقول أن الاحتراف تربية وسلوك وعقليات.
هي البارصا المتوجة دائما، هي البارصا التي أبهرت الجميع في لحظة تتويج أبيدال، في هاته المرة تزينت بإكليل وتاج التضامن الرياضي وارتدت ثوبا على مقاسها، إنه ثوب إنسانية الرياضة.