مما لا شك فيه أن قطاع التكوين المهني يلعب دورا كبيرا في المجتمع والمرافق الحيوية للدولة إذ يرفع من تنافسية المقاولات بتكوين جيل بشري قادر على التفاعل إيجابيا والإنصهار داخل السوق الدولية التي انخرط فيها المغرب للرفع من الإستثمارات المباشرة الخارجية وكذا إنجاح مخطط الإقلاع ...زد على ذلك الدور الإجتماعي الكبير الذي يلعبه هذا القطاع التكويني في إدماج الشباب في سوق الشغل وصرفهم عن السلبيات الجانبية اللصيقة بالمجتمع وكذا المساهمة في مسلسل ورش التنمية البشرية . لكن الحقيقة المرة هي غياب الإرادة السياسية لدى المسؤولين عن هذا القطاع ونظرتهم الفوقية في التعامل مع الملفات الإجتماعية العالقة للشغيلة التكوينية بالإضافة إلى السياسة الإرتجالية التي تتحكم في السير العام لهذا القطاع لأنه يتكون من فاعلين تربويين و متدربين.....وتغييب حق أحد هذه الأركان يعد تدميرا لهذا القطاع المترابط ..ولعل متعاقدوا التكوين المهني جزء من هذه المعادلة التربوية التي لن تستقيم إلا بشروط عملية أفضل ..
يشتغل عدد ضخم من المتعاقدين في التكوين المهني ((حوالي2400 متعاقد))، منذ دخول هذا النظام حيز التنفيذ إذ ساهم بأضرار مادية ومعنوية جسيمة لهذه الفئة من الأساتذة..حيث أنهم يسيرون في ظلام دامس لغياب الأفق المستقبلي أو كما وصفهم الأمين العام للإتحاد المغربي للشغل الميلودي مخاريق في برنامج حوار على الأولى بشغيلة الرصيف(( الموقف))...وقد كان هذا التصريح أحسن تعبيرا للوضعية المؤلمة والحرب النفسية الغير معلنة التي تعيشها هذه الفئة،إذ يشتغلون في ظل الإجهاز على المكتسبات المشروعة مثل تغييب شهادة العمل وبيان الأجرة والإقتطاعات المادية المجحفة وعدم الوفاء بالإلتزامات المادية فيما يخص الساعات الإضافية الليلية واليومية.
وأمام هذه السياسة التعسفية من الإدارة الوصية وعلى رأسها الشيخ المعمر في قطاع التكوين المهني العربي بن الشيخ الذي يجيد سياسة شد الحبل والتسويف والمماطلة وعدم الوفاء بالعهود...تم تكوين تنسيقية وطنية لمتعاقدي التكوين المهني تحت غطاء نقابي،فخاضت معارك نضالية مهمة ابتداءا من نهاية سنة 2010 وبمعنى أصح أنها لم تستغل الحراك الشعبي الراهن، لأن وقفاتها هذه السنة كانت استمرار اللمعارك النضالية المشروعة السابقة، ونظرا لحساسية المطالب الإجتماعية التي تمثل أكثر من 2400 أسرة استجابت الحكومة لفتح قنوات اتصال مع هذه التنسيقية..فأعطت وعودا بإدماج كلي للمتعاقدين هذه السنة وتسوية وضعياتهم ...لكن سرعان ما أصبحت الجهات المعنية تسبح في العموميات وتعطي بيانات غامضة وفارغة المحتوى...
وأمام هذه الوضعية الصعبة يجب على الدولة أت تحسم في الملف بشكل نهائي وواضح...بغية مردودية وأداء تكويني أفضل، وإلا سيبقى الهدف من عملية التكوين المهني /المتدربون..معلقا بين سندان الوقفات ومطرقة التسويف.