تمتع المصريون خلال مظاهرات ميدان التحرير طيلة 18 يوما (هي عمر ثورتهم) بنوع من الفكاهة والسخرية، انعكس ذلك في اللافتات الكثيرة التي كان يحملها المتظاهرون بعد أن كتبوا عليها كلمات خفيفة الظل تطالب الرئيس مبارك بالرحيل، حالة الفكاهة لم تختف بعد انتهاء الثورة والإطاحة بالنظام؛ فمع إلقاء نائب الرئيس عمر سليمان كلمته «التاريخية» التي تضمنت قرار تنحي مبارك، لفت نظر كثير من المصريين وجود شخص كان يقف خلف النائب خلال الكلمة المتلفزة، ليتساءلوا بعد أن هدأت الأمور قليلا عن هوية ذلك الرجل، خاصة أنه كان يقلب بصره يمينا ويسارا أثناء الكلمة التي لم تستغرق سوى ثوان معدودة، كما اتسمت ملامحه بالجدية والصرامة البالغة، مما جعل هناك فضولا لمعرفة من تكون تلك الشخصية الغامضة، وسر تواجدها في مثل هذا الموقف. وكنوع من «المزاح السياسي» تكونت عشرات المجموعات على موقع ال«فيس بوك» للتساؤل عن هوية هذا الرجل، أغلبها حمل اسم «الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان» ضمت آلاف الأعضاء، تسابقوا في الكشف عن هوية الرجل من خلال التعليقات، فالبعض رجح أنه السكرتير الخاص لنائب الرئيس، وآخرون أشاروا أنه ضابط في الجيش المصري، ووضع آخرون صورا لشخصيات قريبة الشبه بالرجل منهم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، والإعلامي اللبناني جورج قرداحي، والمدير الفني السابق لفريق الأهلي المصري لكرة القدم حسام البدري. كذلك كان الحال في موقع «تويتر»، حيث شهد مئات المشاركات التي تحاول الإجابة عن هوية هذا الرجل. على جانب آخر، أثارت تعليقات هذه المجموعات غضب البعض، خاصة بعد الكشف عن صاحب الشخصية، الذي تكشف أنه المقدم أركان حرب حسين شريف، قائد المجموعة 64 قتال من القوات الخاصة، بعد أن قام ابنه من خلال صفحة خاصة على موقع ال«فيس بوك» بالتعريف به وطالب فيها الجميع بالاعتذار لوالده ولأسرته جميعها عن حالة التهكم والسخرية التي سادت خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى شعوره بالحرج تجاه والده الذي لم يكن له ذنب في ذلك. وبالفعل استجاب كثيرون وكونوا مجموعات أخرى للاعتذار للرجل، أبرزها «أعتذر للمقدم أركان حرب حسين شريف وكل أسرته» والتي ضمت 47 ألف عضو، أبدوا اعتذارهم وتقديرهم لشخصيته، وأرجعوا ما حدث إلى خفة دم المصريين وليس إلى التقليل من شخصه، فيما جاءت المشاركات مثل «الرجل يحمل كل معاني الاحترام التي تعودنا عليها من ضباط الجيش»، «لكل رجال القوات المسلحة التقدير منا فهم حماة الثورة وحماة الوطن»، «أعظم راجل في التاريخ يا ريتني أنا اللي وقفت ورا عمر سليمان»، بينما فضل آخر تقديم النصيحة لمن يتهكمون من خلال ذكر الآية القرآنية: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون».اللافت أن المجموعات المتكونة في الجانبين عملت طرح تساؤلات أخرى حول اللواء عمر سليمان، البطل الحقيقي في هذا المشهد، وعما يفعله في الوقت الحالي، وهل سيكون له دور في المرحلة القادمة.. والدافع وراء طرح هذه الأسئلة هو تواري النائب السابق عن الأنظار منذ إلقاء هذا الخطاب وتنحي الرئيس مبارك.