لم تخل احتجاجات الشبان المصريين بميدان التحرير في وسط القاهرة للمطالبة بإسقاط حكم الرئيس حسني مبارك من الفكاهة المعهودة عن الشعب المصري كما لم تخل من مشاهد الحياة الطبيعية مثل التجارة وحتى الزواج. ويعتصم المتظاهرون في الميدان الذي أصبح مركزا للاحتجاجات وتعهدوا بتكثيف معركتهم للإطاحة بمبارك لكن الرئيس البالغ من العمر 82 عاما يصر على بقائه حتى انتخابات سبتمبر لأنه يرى أن بديل ذلك سيكون «الفوضى». ومع حرص بعض المصريين على العودة إلى الحياة الطبيعية تحاول الحكومة على ما يبدو التشديد على التهديد الذي تشكله الاحتجاجات على الاستقرار والاقتصاد وأن تظل قوية. وبعد الإعلان مساء السبت الماضي في الإذاعة الداخلية للمعتصمين بالميدان أن اليوم سيكون «أحد الشهداء» ازدحم الميدان بما يزيد على 100 ألف متظاهر. وفي اليوم الثالث عشر للاحتجاجات المطالبة بإسقاط مبارك عقد شاب وفتاة قرانهما بوسط ميدان التحرير وسط متابعة ألوف المصريين الذين احتشدوا هناك. وكان العروسان يرتديان ملابس الزفاف التقليدية وجابا الميدان بعد إتمام مراسم القران وسط تصفيق ومباركة وتهنئة المتظاهرين. كما انتشرت اللافتات التي تحمل الطابع الفكاهي وظهر في الساحة عدد كبير من الباعة المتجولين الذين يبيعون أعلام مصر. وقال محمود وهو بائع للإعلام انه قرر النزول للميدان «ليسترزق» بعد أن أعاقته الأحداث التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية عن مزاولة عمله كبائع متجول. وأضاف أن سعر العلم يتراوح بين ثلاثة وخمسة جنيهات. وشاهد مراسل رويترز عددا من باعة السجائر والبسكويت والمياه المعدنية في الميدان. وداعب بائع للبسكويت المشاركين في الاعتصام بالقول «تعالوا اشتروا كنتاكي» وذلك في إشارة تهكمية إلى مقولة يتناقلها أنصار مبارك بأن المحتجين في ميدان التحرير عملاء ويتقاضون 100 يورو يوميا بالإضافة إلى وجبتي دجاج من سلسلة مطاعم كنتاكي الشهيرة. وينفي المعتصمون صحة هذه المزاعم ويقولون إنها من صنع التلفزيون المصري الحكومي الذي نددت به لافتة في الميدان كتب عليها «الكذب حصري على التلفزيون المصري». وكانت قنوات شبكة تلفزيون النيل التابعة للتفلزيون الحكومي رفعت شعارا منذ فترة يقول «كله حصري على التلفزيون المصري». وكانت الفكاهة طابع العديد من اللافتات المناوئة لمبارك ونظامه. وشاهد مراسل رويترز اليوم في ميدان التحرير شابا تبدو عليه مظاهر الإرهاق من المبيت منذ عدة أيام في الميدان وهو يحمل لافتة تقول «ارحل بقى عشان استحمى» وكان آخر شعره طويل يحمل لافتة تقول «ارحل بقى عشان احلق». كما شاهد شابا يحمل صورة لمبارك في زي لاعبي كرة القدم ويشهر حكم المباراة البطاقة الحمراء في وجهه وذلك في إشارة إلى مطالبته بالرحيل. وأنشأت مجموعة على موقع فيسبوك الاجتماعي الشهير على الانترنت تحت عنوان «خفة دم الشعب المصري في المظاهرات» وتضم أكثر من 30 صورة للافتات تحمل الطابع الفكاهي ووصل عدد أعضائها لأكثر من 37 ألفا. وكان للفيسبوك وموقع تويتر دورا فاعلا في إطلاق شرارة هذه الانتفاضة يوم 25 يناير الماضي وهو يوم عيد الشرطة التي كثيرا ما واجهت اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في عهد مبارك وخاصة في ظل حبيب العادلي وزير الداخلية السابق الذي أحاله النائب العام للتحقيق قبل أيام ومنعه من السفر. ومن بين هذه الصور التي تضمنتها المجموعة صورة لرجل يحمل طفلا على كتفه ويحمل لافتة كتب عليها «ارحل كتفي وجعني». ونقلت صورة أخرى مشهدا لرجل يحمل شهادة دراسية للرئيس المصري ومكتوب عليها «راسب وليس للمذكور إعادة». وتضمنت صور أخرى مشاهد لأشخاص اتخذوا من أوان ودلاء أدوات واقية للرأس عندما هاجمهم أنصار مبارك يوم الأربعاء الماضي وحتى صباح الخميس في ليلة دامية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصا وإصابة المئات.