مسيرة مليونية بمصر للإطاحة بمبارك تجمعت الحشود في وسط القاهرة أمس الثلاثاء للمشاركة في احتجاج مناهض للنظام في مصر ويأملون في مشاركة مليون شخص للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس حسني مبارك المستمر منذ 30 عاما. وبدأ عمر سليمان نائب الرئيس الذي عينه مبارك مؤخرا محادثات أمس الاثنين مع شخصيات من المعارضة ووعد بالإصلاح. كما أعلن الجيش أن مطالب المحتجين «مشروعة» ووعد بعدم إطلاق النار. لكن المحتجين في ميدان التحرير بوسط القاهرة الذين ظلوا مستيقظين طوال الليل في تحد لحظر للتجول تعهدوا بمواصلة حملتهم إلى أن يتنحى مبارك (82 عاما). وقال المحامي أحمد حلمي (45 عاما) إن الأمر الوحيد الذي سيقبله المحتجون هو أن يستقل مبارك طائرة ويرحل. وقال شهود انه بحلول نحو الساعة 0600 بتوقيت جرينتش أي قبل ثلاث ساعات من رفع الحظر ارتفع عدد المحتجين إلى نحو 3000 وتواصل توافد الناس على ميدان التحرير بوسط القاهرة. وبدأ المحللون السياسيون يتحدثون لا عما إذا كان مبارك سيتنحى أم لا لكن عن موعد هذا التنحي وكيف. وبعد أن تعهد الجيش بعدم إطلاق النار تحولت الموازين فيما يبدو لغير صالح حكم مبارك. وقال ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية على موقع المجلس على الانترنت «عملية الخلافة بدأت بالفعل». وأضاف «الشيء المهم الآن هو ترتيب خروج مبارك الذي يجب أن يكون كريما بأقصى ما يمكن في هذه المرحلة. حفاظا على الشرف فالجيش لا يريد أن يحدث هذا بأي شكل آخر». وستلعب المؤسسة العسكرية التي أدارت مصر منذ أطاح ضباطها بالملك فاروق عام 1952 الدور الرئيسي في تحديد من سيخلف مبارك وتوقع البعض أن يحتفظ الجيش لنفسه بقدر كبير من السلطة في الوقت الذي يطبق فيه إصلاحات كافية لنزع فتيل الاحتجاجات. وقال فواز جرجس من كلية الاقتصاد في لندن «أصبح مبارك عبئا على المؤسسة العسكرية ولذلك يواجه صعوبة تتزايد يوميا في البقاء في منصبه». وأضاف «سليمان يمثل الجيش في هذه المرحلة لا مبارك وبالتالي فإن البيان الخاص بإجراء محادثات محاولة من الجيش لاستكشاف ما إذا كانت المعارضة مستعدة للحوار». ودعت الولاياتالمتحدة وقوى غربية أخرى مبارك إلى إجراء انتخابات حرة. وحتى إذا واصل عدم الاستجابة إلى الدعوات المطالبة باستقالته فمن غير المرجح أن يفوز في الانتخابات. وقالت الولاياتالمتحدة أمس أول أمس الاثنين إن مبارك ينبغي أن يلغي قانون الطوارئ الذي استمر يحكم في ظله منذ عام 1981. كما أوفدت واشنطن مبعوثا خاصا هو فرانك ويزنر السفير الأسبق لدى مصر لمقابلة الزعماء المصريين. وقال روبرت جيبز المتحدث باسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما «يجب أن تتغير الطريقة التي تنظر وتعمل بها مصر». وقتل ما لا يقل عن 140 شخصا منذ بدأت الاحتجاجات قبل أسبوع للمطالبة بإنهاء القمع السياسي مستلهمة الى حد ما الانتفاضة التونسية التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في أعقاب احتجاجات مماثلة على المشاكل الاقتصادية وقمع المعارضة السياسية. لكن سنوات القمع في مصر لم تترك سوى قلة من الزعماء المدنيين الواضحين لملا أي فراغ يتركه مبارك. وعرض محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يصبح زعيما مؤقتا لإعداد مصر لإجراء انتخابات ديمقراطية. لكن الكثير من المصريين تحفظوا عليه على اعتبار انه رجل قضى معظم سنوات عمله الأخيرة في الخارج. وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حتى الآن من أكثر جماعات المعارضة تنظيما في مصر. وسيتركز اهتمام واشنطن وحلفاء مبارك في أوروبا وفي إسرائيل على مدى قدرة الجماعات الإسلامية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين على اكتساب نفوذ في أي نظام سياسي مصري. واتخذت جماعة الإخوان المسلمين التي تقول إنها تسعى إلى ديمقراطية تعددية موقفا متحفظا من الاشتراك في الاحتجاجات التي يقودها شبان ومهنيون من سكان الحضر. لكنها تحاول الآن القيام بدور أكبر وتسعى إلى تشكيل ارتباط مع البرادعي. وقالت أمس الاثنين أنها تدعو الناس إلى مواصلة الاحتجاجات حتى رحيل المؤسسة بأسرها «بما فيها الرئيس وحزبه ووزرائه وبرلمانه». وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعتاد أن يسود الهدوء حدوده الجنوبية منذ اتفاقية السلام المبرمة مع القاهرة عام 1979 أن مصر ربما تتحول إلى دولة دينية متشددة مثل التي قامت في إيران في نفس العام. وظهر سليمان نائب الرئيس على شاشات التلفزيون الرسمي وقال في كلمة أول أمس الاثنين إن مبارك طلب منه أن يجري محادثات مع كل القوى السياسية لبدء حوار بخصوص الإصلاح. لكن بعض المحللين يرون أن ظهور سليمان في التلفزيون يشير إلى محاولة الجيش ترتيب مخرج لمبارك بكرامة. وربما تكون انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في سبتمبر أيلول المقبل فرصة ليقول مبارك انه لن يعيد ترشيح نفسه مجددا. لكن مثل هذه الخطوة ربما تنطوي على سوء تقدير لقدر رغبة الشارع في رحيله. وقال المحلل فيصل عيتاني «لن ينجح ذلك. هذه خطط للتسويف. لا أعتقد أن مبارك يدرك خطورة الوضع جيدا. إذا استمرت هذه الأزمة وقتا أطول فربما يحدث انهيار آخر للنظام». وقال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن كل الخطوات التي اتخذها مبارك تهدف لكسب الوقت وتهدئة المناخ العام في الشارع وإبعاد المحتجين والتهوين من شأن الثورة مضيفا أنه يتعين على الرئيس أن ينهي حكمه ويرحل لأنه لا يوجد أي خيار آخر. وفي الإسكندرية ثانية كبرى المدن المصرية تجمع آلاف المحتجين بالقرب من محطة القطارات الرئيسية وحمل كثيرون منهم طعاما وأغطية قائلين إنهم سيشاركون في «مسيرة المليون». وقال مسؤولون إن حركة القطارات ستتعطل أمس الثلاثاء بسبب حظر التجول الذي ربما يحول دون اشتراك بعض الناس في الاحتجاجات. ومع استمرار قطع خدمات الانترنت في مصر أطلقت شركة غوغل خدمة خاصة تتيح للناس بث رسائل على موقع تويتر من خلال الاتصال برقم هاتفي وترك رسالة صوتية. وتتيح الخدمة -التي قالت غوجل إنها طورت على يد مهندسين من تويتر- للناس الاتصال برقم هاتفي وترك رسالة صوتية. وقالت غوغل إن الرسالة الصوتية تتحول تلقائيا إلى رسالة تبث عبر تويتر. وفي الوقت نفسه تسابقت حكومات أجنبية كي تكفل سلامة مواطنيها الموجودين وسط الاضطرابات في مصر. وسحبت شركات يعمل بعضها في مجال التنقيب عن النفط والبعض الاخر في تجارة الجملة أو صناعة السيارات العاملين الأجانب فيها بعد أن تسببت المواجهات في توقف الحياة الاقتصادية. وفي الأسواق الدولية ارتفع سعر برنت خام القياس الأوروبي إلى أعلى قليلا من 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2008 بسبب مخاوف من احتمال امتداد الاضطرابات إلى دول منتجة للنفط مثل السعودية. ورشح محللون دولا صغيرة مثل اليمن والسودان وسوريا والأردن لمظاهرات غضب شعبية.