يبدو أن الجزائر التي كانت تراهن على احتكار وقيادة مسارات التسوية المحتملة للأزمة المالية وتقدم نفسها كقوة إقليمية غير قابلة للتجاوز، في ما يخص المأزق المالي، أضحت ميدانيا تفقد تدريجيا كل أوراق القوة والضغط التي ظلت تلوح بها ضمن معادلة موازين القوى الإقليمية.
فسياسيا يبدو جليا أن مجموعة غرب إفريقيا مدعومة بالاتحاد الإفريقي هي من تقود ميدانيا الجهود العسكرية التي تدعمها باريس وواشنطن لإعادة استتباب الأمن بالشمال المالي في المقابل يقتصر الدور الجزائري زهاء 30 ألف من عناصره لتأمين حدوده المشتركة مع مالي والتي تتجاوز 1400 كلم من أي تسرب للخلايا الجهادية الفارة من ملاحقة قوات التحالف.
وستتحمل الجزائر لوحدها حسب المتتبعين تكاليف تأمين حدودها الجنوبية وتبعات التدخل العسكري الحاسم المنتظر دون أن تجني أي مكاسب دبلوماسية أو إستراتيجية من شانها خدمة مشروع أجندتها في منطقة الساح.
يأتي ذلك بموازاة إعلان طنجة، الذي تبناه منتدى ميدايز الذي اختتمت أشغاله مساء السبت الماضي بطنجة، والذي دعا إلى تشجيع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على تولي القيادة في تسوية الأزمة المالية، ومجموع الدول المجاورة بما فيها دول المغرب العربي والقوى الدولية الكبرى إلى تقديم الدعم اللوجيستيكي لدول هذه المجموعة، بهدف تمكين دولة مالي من المحافظة على وحدتها الترابية ومكافحة التهديدات الإرهابية وشبكات المافيا.
وفي مقابل تراجع الجزائر يبدو ان المغرب بدأ يحتل مكانة اساسيا وهو بذلك مرشح للحب دور اساسيا في ازمة مالي وذلك من خلال اشتغال الدبلوماسية المغربية على أكثر من واجهة.
وكان المغرب على لسان وزيره المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني قد قال ضمن فعاليات المنتدى أن المملكة تدعم حلا سياسيا متفاوضا بشأنه في شمال مالي.
وقال العمراني في تصريح للصحافة عقب مباحثات أجراها مع مسؤولين من دول إفريقية وأجنبية على هامش منتدى "ميدايز" إن المغرب "واثق من قدرة الشعب المالي على الوصول إلى حل سياسي متفاوض بشأنه مع الحركات التي لا تلجأ إلى استعمال العنف، إلى جانب الاستمرار في الضغط العسكري على الحركات الانفصالية والإرهابية التي لا تحترم سيادة هذا البلد".
وأضاف أن "المغرب سيعمل على مصاحبة الشعب المالي في بناء مستقبله السياسي والديمقراطي على أسس متينة من شأنها تمكين هذا البلد من الاضطلاع بدوره كاملا في المنطقة".
من جهته رحب رئيس الوزراء المالي بدعم المغرب و "مساهمته في مجلس الأمن الدولي" بصفته عضوا غير دائم فيه. وأبرز المسؤول المالي الذي حضر فعاليات المنتدى أن العمل العسكري "لاستعادة" مالي سيجري "قريبا جدا"، موضحا أن قرار الأممالمتحدة في هذا الشأن سيصدر "خلال أسبوع"، لمنح الضوء الأخضر للتدخل العسكري بالمنطقة. ميدانيا يبدو أن الجزائر التي كانت تراهن على احتكار وقيادة مسارات التسوية المحتملة للأزمة المالية وتقدم نفسها كقوة إقليمية غير قابلة للتجاوز في ما يخص المأزق المالي أضحت تفقد تدريجيا كل أوراق القوة والضغط التي ظلت تلوح بها ضمن معادلة موازين القوى الإقليمية.