يتساءل بعضُهم عن سرّ عدم اعتقال الخائنةِ أميناتو حيدر على الرَّغْم من دعوتها إلى الانفصال ومن تأسيس ما أسمته (الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي) وعلى الرَّغم من تصريحها الأخير والمستفزّ من قلب مطار العيون، ومن علاقتها العضوية المعلنة بجبهة البوليساريو… زيادة على تصريحاتٍ وأفعالٍ أخرى يجرّمها القانون المغربي… قلتُ: على الرغم من كل هذا، لا زالت هذه (الناشطة الحقوقية) كما يسمونها، تتقلَّبُ في البلاد بحريّة كاملة مجترّةً شعارات الثورات البائدة.. والسؤال هو: لماذا لم تُعتَقَل هذه المرأة وهي على هذا القدر الكبير من التحدّي والخيانة والتحريض على العصيان والانفصال وحمل السلاح وتهديد الأمن القومي المغربي؟ في تقديري هناك أسباب موضوعية متعددة: أميناتو حيدر ومن يوجِّهها من الجزائر يعلمون جيّداً أن هذه الأفعالَ الإجرامية استفزازيةٌ محضة؛ وأنّ الهدفَ منها -ربّما- هو أن تُقْدمَ السلطاتُ المغربيةُ على اعتقالها. فالاعتقال هو ما يخططون له ويسعون إلى تحقيقه؛ ولو حصل هذا الاعتقالُ لكان هديةً مجانية للعدوّ من أجل إفساد النصر المُظَفّر في الكركرات وفي مختلف المحطّات الدبلوماسية المغربية الناجحة. الاعتقال سيكون مادة دسمة للخصوم تَجعل من المغرب دولةً منتهكةً لحقوق الإنسان وقامعةً للحريات… فعِوَضَ أن نبقى في موقع قوّة وأصحاب حجّة سنتحوّل إلى موقِع ضعف وحَرَج. وعلى الرَّغم من الشوشرة والإزعاج الذيْن تُحْدثهما تصرفاتُ "أميناتو" وتصريحاتُها فإن الرِّبْح في ترْكها حرةً طليقةً -إلى حين- أكبرُ من اعتقالها وأكثرُ نفْعاً…. وهكذا فإنّ عدم الاعتقال فوَّتَ على الانفصاليّين الدعايةَ الخارجيةَ والترويجَ لقضيتهم الخاسرة عبر الجمعيات الحقوقية الدولية وغيرها… ثمّ إنّ تركَها طليقةً لا يؤثر شيئاً على الأرض، على العكس من ذلك، فإنّ الدَّولةَ المغربيّةَ تجْني مكاسبَ حقوقيةً من وراء هذه الاستفزازات…. أي أنّ ما خطط له أعداءُ المغرب بتحريك عرّابة الانفصال عاد بمكاسبَ سياسيةٍ وحقوقيةٍ على الدولة المغربية وليس العكس. وهذا ما يُسمّى (انقلاب السحر على الساحر) أو انقلاب الغول على راكبه. كما أنه ليس في عدم اعتقال أميناتو أيُّ خوف أو ضعف… فالدولة الخائفة لا تحسم موضوع قطع الطريق في الكركرات بتلك الطريقة الصارمة والآمنة. وفي المقابل ها هي ذي هجماتُ العدوّ لا تعْدُو هجماتٍ إليكترونيةً كارتونيةً "تفبرك" الفيديوهاتِ والأخبارَ الزائفة وتجْترُّ شعاراتِ الوهم والنصر الخيالي… وتجيِّشُ الذباب الإلكتروني للسّبّ والشتم وتزوير الوقائع… أما على الأرض، فالأمر مختلف. على الأرض، الصحراء مغربية، والاعترافات الدولية بمغربية الصحراء تتوالى تَتْرى، والجيش الملكي باسطٌ سيطرته على تراب المملكة من طنجة إلى الكويرة، والمواطنون مطْمَئنّون في بلادهم، والمرور من معبر الكركرات آمن وسَلِس، رَغْماً عن أنفِ الأعداء. والمؤسسات الأمنية تعمل باحترافية عالية… فمَنِ المنتصرُ ومن المنهزم يا أميناتو حيدر؟ ارفعي شعارَ النصر نيابةً عنّا. فالنصر ما ترَيْنه على الأرض لا ما تسمعينه من أبواق الوَهْم ومنابر الزّور الجزائرية. محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ.