استطلاع آراء المواطنين سياسيا هو جزء من الممارسة الديمقراطية الخلاقة.. خاصة إذا ما بني على قواعد علمية وشفافة.. في إطار دينامية متواصلة.. تجعل منه مقياسا مستمرا للتوجهات والمتغيرات.. اتجاه عدد من القضايا والتطلعات المجتمعية.. لكن هذا الاستطلاع يفقد مصداقيته ويطغى عليه الشك وتصبح أهدافه وغاياته ملتبسة.. إذا ما كان اللجوء اليه بشكل استثنائي وموسمي حيال مواضيع معينة وفي توقيت معين.. بدون تحديد مرتكزاته الاخلاقية وقواعده التقنية القائمة على الدقة والشفافية والتجرد والاختيار العلمي للعينات المستهدفة من طرفه… نتائج "استطلاع الرأي" الذي نشر مؤخرا بخصوص العلاقات الجنسية "الرضائية" بين البالغين.. وتصويره للمغاربة كرافضين لالغاء تجريم هذه العلاقات الجنسية الرضائية..لا يمكن تصنيفه الا ضمن السباق ضد الساعة لوأد النقاش المتميز الذي ساد داخل المجتمع المغربي مؤخرا بخصوص هذا الملف.. والذي عبر من خلاله المغاربة عن وعي عميق ومتميز بضرورة تجاوز هذا الاختلال القانوني والعائق المهول لسيادة الحرية داخل المجتمع… ويمكن القول أن هذا " الاستطلاع " يفتقد لادنى الشروط العلمية النزيهة والشفافة.. التي يتطلبها انجاز مثل هذه الاستطلاعات.. كما يفتقد للدافع الاخلاقي والمنطقي لانجازه ونشر "نتائجه" في هذه الظرفية بالذات.. والمغرب مقبل على استحقاقات انتخابية يقوم أحد أوجه المنافسة فيها على استغلال بيِّن للدين ومكانته داخل المجتمع من طرف بعض الفرقاء "السياسيين" تقديم نتائج استطلاع رأي حول موضوع مهم ومصيري داخل المجتمع.. بدون تقديم سنده وشرح تفاصيله وأسسه التي بني عليها..وكيفية اختيار العينات المستجوبة.. والطرق العلمية التي وضعت بها الاسئلة وووو، يدفع الى التساؤل حول الغايات والاهداف الكامنة وراء هذا العمل والمستفيدين منه… استطلاعات الرأي يلزمها قانون يضبطها وهو ما لا يتوفر في المغرب رغم المطالبة به منذ مدة توقيت اختيار موضوع الاستطلاع مهم جدا ..ولذلك فتخصيص وقت محدد ثم لا يتبعه بعد مدة استطلاع في نفس الموضوع والاكتفاء باستطلاع أنجز في ملابسات معينة نوع من الانتقائية والتوجيه .. مثلا يمكن في وقت قضية "الريسوني هاجر" تنظيم استطلاع رأي حول الاجهاض وستكون نتيجة مخالفة في حالة عدم وجود واقعة مماثلة.. ربما قد نجد جزء من التفسير لهذا الامر في الحالات السابقة لخروج هذه "ذات المؤسسة التي انتجزت الاستطلاع " بمثل هذه الاستطلاعات في نفس التوقيت السابق للانتخابات.. وهو ما يقوي الشك والرفض لنتائج هذا الاستطلاع.. ويدفع الى مزيد من الاحتراس من مثل هذه الخطوات غير المحسوبة والتي قد يكون لها أثار على التنافس السياسي السليم