الاسم دنيا، السن 12 سنة، المستوى التعليمي الثالث ابتدائي، حامل في شهرها الخامس، من أحد رجلين تناوبا على اغتصابها لمدة طويلة، لذلك فإنها لم تستطع نسبة الجنين الذي في بطنها لأي منهما. تقول إن الأول شاب ثلاثيني يعمل بجوار مسكنهم مارس عليها الجنس تحت التهديد، فيما الثاني رجل ستيني كانت تقصد بيته من أجل التنظيف قبل أن تكتشف أن عليها تلبية خدمات أخرى داخل البيت نفسه. قبل شهرين أغمي عليها حينما قصدت الصيدلية لشراء حليب الأطفال الاصطناعي لأخيها الأصغر، لتكتشف بعد ذلك أنها بدورها ستصبح أما لأنها حامل منذ خمسة شهور. في هذا الربورطاج، نعيد ترتيب قصة دنيا الطفلة الحامل. كانت الساعة تحرك عقاربها نحو الواحدة زوالا، حينما كانت دنيا مغمى عليها وممدودة على الأرض داخل صيدلية بدوار يدعى «جيري» بضواحي مكناس. كل من في الصيدلية هرول نحو الطفلة، قبل أن تسارع امرأة بدافع العاطفة إلى حمل الفتاة نحو مستشفى لا يبعد بكثير عن الصيدلية. المفاجأة جاءت على لسان الطبيب «البنت راها حاملة، ماشي معقول هادشي بنت في هاد السن تحمل.. عيطي أ لالة لجادارمية». وقفت السيدة التي لم يوقعها في هذا الموقف سوى الشفقة، مذهولة تتحسر على وضعية دنيا، في حين انعكس على وجه الطفلة انقباض مخيف وغرابة بعدما ملأ الطبيب سمعها بجمل تدل على خطورة الموقف. حاولت تجميع ذاكرتها المهشمة بالصدمة، كي تتذكر آخر يوم مورس عليها الجنس ومن ثم تتعرف على أب الطفل، لكنها فشلت ولم تقو على تذكر اللحظة التي كانت البداية في انتقالها من عالم الطفولة بما يعنيه من مرحلة للهو واللعب إلى عالم الأمومة بما يعنيه من المسؤولية وتبعاتها. بعد لحظات وجيزة، حملت السيدة الطفلة إلى مركز الدرك الملكي، ثم سردت عليهم بإيجاز ما وقع. فتح الدرك المحضر وجيء بأم الطفلة إلى المخفر على عجل. الأم التي ترددت في الذهاب إلى المخفر ستسمع من أفواه رجال الدرك قصة طفلتها، والتي لم تستوعب إلى حدود كتابة هذه الأسطر تفاصيلها. تروي أنها في كل مرة تسأل وفي نفسها شيء من الامتعاض قائلة: هل حدث ذلك فعلا ؟ قبل أن تجيب نفسها: نعم حدث وإليكم التفاصيل.
من طفلة إلى أم حملت الأم طفلتها الحامل إلى البيت، بعدما سردت الطفلة القصة الكاملة لرجال الدرك، لكن الأم لم تكتف بما قالته الطفلة في المحضر، بل أصرت على معرفة كل شيء؛ سألتها عن تفاصيل بعينها وعن تواريخ وأمور أخرى.. كانت الحسرة بادية عليها وهي تكتشف كم كانت ساذجة طوال الفترة التي تعرضت فيها ابنتها للاغتصاب من قبل رجلين دون أن تنتبه هي للأمر. «أذكر كيف لاحظت ذات يوم وأنا في العمل، أن دنيا أضحت قليلة الكلام، قليلة الشهية، قلما تبتسم. كانت قد حصلت على بعض التعليم، ولكن طموحها كان يقتصر على الجلوس بالبيت والاعتناء بإخوتها الصغار وكسب بعض المال من خدمة بعض الجيران الميسورين باستقامة ومثابرة...» تقول الأم في حزم قبل أن تمضي في سرد ما تعذر على الطفلة حكيه. وتعود الأم إلى الشهور الأخيرة من السنة الماضية حينما «طرق باب البيت شاب يعمل في الشارع الذي يقع به البيت، بعدما تأكد من أن البيت خال تماما إلا من الطفلة، بعدما انتظر حتى تتجه والدتها إلى عملها الذي لا تعود منه إلا عند المساء، في حين ذهب باقي إخوتها إلى مدرستهم.. في البداية ظنت دنيا أن أحد الجيران يرغب في شيء أو في مساعدة». وتضيف الأم المفجوعة أن سذاجة الطفلة دفعتها إلى فتح الباب، لتفاجأ بالشاب يدفع الباب ويهجم عليها إلى داخل البيت. ولم يترك الشاب للطفلة المجال للصراخ أو طلب النجدة، بعدما هددها بذبحها بالسكين إذا سمع صوتا آخر غير ذاك الذي يصدره هو من اللذة. رضخت دنيا لما دعاها إليه الشاب، بعدما تأكدت أنه لا جدوى من المقاومة. تركته يجردها من ملابسها وهي تستمع في الغرفة إلى حركة الجيران بالخارج، حركة العالم الهادئة التي لم تنتبه لها من قبل. ودقات قلبها الخائف من أن تأتي أمها على غفلة فتكتشف المستور وتسيء بها الظن. بعد انكشاف الأمر بمخفر الدرك ستحكي الطفلة لأمها ما كانت تختزنه بين جوانحها؛ إذ إن ذلك الشاب سيعاود عدة مرات الاعتداء جنسيا على دنيا مستغلا غياب والدتها. لقد كان يسلك سلالم البيت متسللا حتى لا يحدث أي ضجة. يطرق الباب ويهددها بالقتل إن هي فكرت في عدم فتحه. تفتح الباب خائفة فيدخل ثم ينتزع ملابسها مباشرة في هدوء فيستسلم جسدها وهو في حالة إرهاق شديد لرغبة الشاب. لم تعرف تماما ماذا كانت تفعل غير أنها تحمي نفسها من بطش ذلك الرجل المخيف، حسب روايتها. اتخذ الرجل من دنيا عادة، يمارس على جسمها الجنس كيفما يشاء ومتى يشاء وبالطريقة التي يشاء بها، يعبث بجسدها وبأعضائها الحساسة كيفما اتفق وفقا لرغباته المكبوتة، وحتى إن فرغ من ذلك فر هاربا من البيت بعد حرصه على أن لا يلمحه أحد من الجيران. إلى جانب الاعتداء الجنسي الذي كانت تتعرض له دنيا، بشكل مستمر من الرجل السالف الذكر، تعرضت الطفلة إلى اعتداء آخر. رجل ستيني هذه المرة كانت تقصد بيته بهدف تنظيفه مقابل مبلغ مالي. في البداية كان كل شيء يبدو هادئا. تقصد البيت صباحا فتجد صاحب البيت في انتظارها يحدثها بلهجة كانت تعتقد من خلالها أنه يعتبرها مثل ابنته، قبل أن تدرك السر من وراء تلك المعاملة الطيبة، خصوصا عندما كانت تلمح خلسة نظراته الفضولية والمتلصصة على جسمها. في اليوم الثالث بعد الزيارة الأولى لبيت الكهل، عندما كانت الساعة تحرك عقاربها نحو 12 زوالا، كانت هي جالسة في مقعد بدت شبه ضائعة فيه نتيجة شعورها بالغربة وسط بيت فاره وبارد بعد أن جلس بجانبها رجل لم يستطع معها صبرا. في ذلك اليوم حدث ما حدث، تقول الأم قبل أن تردف: «الشارف حتى هو نعس مع بنتي، كانت كتمشي تغسل ليه لماعن أو هو كيشدها أو يتعدى عليها، هادو بجوج ضيعو ليا بنتي مانسمحش ليها، أو أنا عندي يقيني في الله وفي العدالة تاخذ ليا حقي في هاد المجرمين..»، تقول الأم بلهجة حانقة، قبل أن تشير إلى أن الخوف جعل دنيا تتكتم على الأمر وترفض عن الإفصاح عنه حتى لوالدتها.
من هو والد الجنين؟ في الأسابيع الماضية قدمت عناصر الدرك الملكي المتهمين إلى محكمة بمكناس، وتفاجأت أسرة الطفلة الضحية بقاضي التحقيق يطلق سراح المتهمين، وقيام مسؤول قضائي بمحكمة الاستئناف بمكناس بطرد فعاليات حقوقية وجمعوية تبنت ملف الطفلة القاصر. الكل تساءل عن السبب، لكن لا أحد يملك الجواب، كل ما يعرفه الناس المحيطون بدنيا هو أنها اغتصبت من طرف رجلين وأنها حامل من رجل واحد لكن من هو يا ترى؟ أيكون الرجل الستيني حارس السيارات؟ أم الشاب العشريني العامل بجوار بيت دنيا؟ أم رجل آخر؟. للإجابة عن كل هذه الأسئلة ولقطع الشك باليقين لا يبقى أمام دنيا سوى إجراء تحاليل الحمض النووي لإثبات نسب طفل الطفلة دنيا. فما هو الحمض النووي؟ هو المادة التي تحكم وراثة لون العين، لون الشعر، وكثافة العظام وغيرها من الصفات البشرية والحيوانية، وعملية إجراء التحاليل هي تقنية تستخدم من قبل علماء الطب الشرعي للمساعدة في تحديد هوية الأفراد على أساس الحمض النووي الخاص بهم والذى يتم أخذ عينات منه بعدة طرق سواء عن طريق الشعر، اللعاب وخلايا الفم، الأظافر، الدم. هذا الأمر لن يتأتى للطفلة دنيا ووالدتها بسهولة ما دامت العملية جد مكلفة ولن تقوى الأم على تحمل مصاريفها بالنظر إلى وضعيتها المادية البسيطة. كما أن هذه التحاليل بدورها تقتضي صدور حكم قضائي، من قبل هيأة المحكمة التي تنظر في النازلة. في انتظار ذلك، سيظل التساؤل مطروحا حول نسب الجنين المستقر في أحشاء دنيا. «ماتقيش ولدي» تدخل على الخط بعدما علمت بقصة دنيا، عبرت العديد من الفعاليات المدنية بالرباط ومكناس عن استنكارها للاعتداء الذي تعرضت له الطفلة، إذ طالبت رئيسة جمعية «ماتقيش ولدي» في مراسلة وجهتها إلى مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بتدخل الوزارة المعنية في قضية اغتصاب الطفلة القاصر الذي أدى إلى حملها، دون اعتقال مغتصبيها. واستنكرت جمعية ما تقيش ولدي، إطلاق النيابة العامة سراح المتهمين بالرغم من كون الضحية قاصرا في عمرها الثاني عشر وحاملا في شهرها الخامس، وهو ما اعتبر غير مفهوم من طرف أقارب الطفلة والجمعيات التي تتابع الملف. القضية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تطورت حينما حاول ممثل الجمعية بجهة مكناس، رفقة ممثل جمعية أخرى استفسار رئيس محكمة الاستئناف حول جديد القضية، غير أن الأخير كان رده غير متوقع، وقام بطردهما ورفض مدهما بأي معطيات حول سير القضية، وهو ما اعتبرته الجمعية إهانة في حق الفاعلين الجمعويين في قضية حساسة. الطفلة دنيا اليوم تعيش في وضعية نفسية صعبة، ازدادت صعوبة بعدما علمت بالتطورات الأخيرة لقضيتها، وخاصة بعد إقدام المسؤول القضائي على طرد الناشطين الجمعويين اللذين قدما لها ولأسرتها الدعم والمؤازرة.
3 أسئلة : مهدي مساعد محام لدى هيأة الدارالبيضاء : «الحمض النووي سيكشف عن نسب الجنين» * كيف يمكن لهذه الطفلة أن تثبت دعواها؟ النازلة المذكورة هي نازلة جنائية بالأساس قبل التطرق إلى مدونة الأسرة. وإجراءات ثبوت النسب والقانون المطبق هو الفصول 484 وما يليها من القانون الجنائي. الفصل 484 من القانون الجنائي «يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات من هتك دون عنف أو حاول هتك عرض قاصر تقل سنه عن ثماني عشرة سنة أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية سواء كان ذكرا أو أنثى». الفصل 485 «يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكرا كان أو أنثى مع استعمال العنف، غير أنه إذا كان المجني عليه طفلا تقل سنه عن ثماني عشرة سنة أو كان عاجزا أو معاقا أو معروفا بضعف قواه العقلية فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة». الفصل 486 «الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها» ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات. غير أنه إذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثماني عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة « * ماهي عقوبة المتهمين المفترضة ؟ هنا أستحضر الفصل 487، الذي يقول، إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيا عليها أو خادما بالأجرة عندها أو عند أحد من الأشخاص السالف ذكرهم، أو كان موظفا دينيا أو رئيسا دينيا، وكذلك أي شخص استعان في اعتدائه بشخص أو بعدة أشخاص فإن العقوبة هي السجن من خمس إلى عشر سنوات، في الحالة المشار إليها في الفصل 484، السجن من عشر إلى عشرين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل 485، السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 485، السجن من عشر إلى عشرين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل 486، السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 486. أما حالة دنيا فهي واقعة اغتصاب قاصر من طرف من له سلطة عليها نتج عنه افتضاض البكارة والحمل، وبالتالي فينبغي تطبيق أقصى العقوبات وهو السجن من 20 إلى 30 سنة حسب مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 487 والفقرة الأخيرة من الفصل 488. * من يتكفل بإثبات هوية والد الطفل المحكمة أم أهل الضحية؟ المعنية بالأمر يمكنها التقدم كطرف مدني من أجل التعويض عن الضرر المادي، والمعنوي ضد الجاني. وبالنسبة لواقعة إثبات الاغتصاب، فيتم بناء على خبرة طبية تقوم بها المعنية بالأمر. أما بالنسبة لواقعة هوية والد الجنين فذلك يتم بناء على خبرة طبية يقوم بها المعنيون بالأمر.