الشيخ ) ويستمر مسلسل الكذب والبهتان مع أحد أكبر الجرائد اليومية في المغرب، ففي الوقت الذي تصل فيه مبيعاتها إلى حد المائة ألف عدد يوميا، تسقط فيه اليومية بشكل فاضح من خلال صحافييها ومهنييها غير المحترفين. فالصحافة علم وفن وإبداع، ولا يمكن أن يكون الصحفي حاطب ليل هوايته جمع الأخبار وإذاعتها، بل مهمته الأساسية هي التنقيب والتحقيق والبحث عن المعلومة ومصادرها. ولطالما شبهوا مهنة الصحفي بالجاسوس مع فارق، وهو أن الجاسوس يشتغل في السر ضمن دائرة مغلقة، أما الصحفي فهو باحث عن المعلومة لكن دون الحاجة إلى أن يواري هويته وشخصيته. إن ما تقدمه المساء هذه الأيام من مادة إعلامية يكشف في الحقيقة أزمة وخللا في التعاطي مع ملفات كبيرة، ويبدو أن خبرة هذا الطاقم الصحفي قليلة تصل إلى حد الانعدام من خلال التلبيس والتدليس الذي تمارسه، فليس كل من لاك كلاما هو بالضرورة فاقه لما يقول. وقد كان مقالي المعنون ب " جريدة المساء وخبر اغتصاب الأستاذ لتلميذته " يروم إلى محاولة التنبيه إلى أن الجسم الصحفي يفتقد المهنية والحرفية في هذه القضية بالذات التي نعرفها، وقد سبق لنا أن طرحنا وجهة نظرنا بخصوصها، لنفاجأ بمقال آخر وفي نفس الجريدة العدد 1712 لصاحبه المعطي قبال تحت عنوان:" لا للتسيب والاغتصاب " وضمن سياق توهيمي يريد أن يسرد لنا خلاله الصحفي السابق بعض النماذج من حالات الاغتصاب سردا كرونولوجيا رغم ضيق الوقت، ليقف بنا عند حادثة زاوية الشيخ فيقول:" وبزاوية الشيخ، إقليمبني ملال، اعتقلت مصالح الشرطة أستاذا مبرزا «في تاحرميات» استغل جنسيا فتاة في الثالثة عشرة من عمرها لمدة 3 سنوات. واتضح فيما بعد أن دروس الدعم التي كان يقدمها إلى الفتاة في البيت المنزلي يتقاضى ثمنها مضاعفا! يجب التنويه في فضيحة العار هذه بالسلوك المتزن للأب الذي احتكم إلى العدالة ولم يحمل السلاح لتصفية الأستاذ المبرز. ". في الحقيقة يبدو أننا في زمان لم نعد نعرف إلى أي واقع ننتمي، فالمقال معنون بلا للتسيب والاغتصاب، وفي الوقت نفسه يمارس على القراء سلطته المتسيبة، إذ التسيب هو كل فعل يخالف الشرع أو القانون، والصحفي هنا سيبته أنه يحترف الكذب وسنكشف عوراته الواحدة تلو الأخرى. أما عن الاغتصاب فجريدة المساء قد اغتصبت عقولنا ولم نعد نرى غير سواد هذا المشهد الإعلامي القاتم مع دعوته للتحرير. الكذبة الأولى: يقول الصحفي " اعتقلت مصالح الشرطة "، والذين يخبرون مدينة زاوية الشيخ يعرفون أنها تابعة للدرك الملكي وليس فيها جهاز شرطة. ففضيحة الصحفي مدوية، فهو ينقل الخبر ويوهم القراء أنه عارف بخبايا المدينة، وهو نوع من التدليس المشهور. فعجبا من أناس لا يكلفون أنفسهم وسع المجيء إلى مكان الحادث وتقصي الخبر والتحقق من المعلومات، ولا يرعوون من أن ينصبوا أنفسهم ملائكة على الأرض يحاكمون ويجلدون. الكذبة الثانية: يقول الصحفي متهكما بأسلوب نيني أن الأستاذ مبرز في " التحرميات "، ونسي هو أنه صحفي بلبوس كاذب. فممارسته للكذب مكشوفة للعيان. وربما وهو عين الحقيقة أنه لا يعرف الأستاذ هل هو مبرز أم لا؟. والذي يعيب الكثير من الصحافيين وهذه عادة أصبحت ممزوجة هو محاولة تقليد الأساليب. فلكل قلم عنوان ولكل عنوان نفسية تمتزج بروح صاحبها، فلن يصبح الصحفي عين رشيد نيني محاولا تقمص أسلوبه أو شخصيته. الكذبة الثالثة: يقول الصحفي أن الأستاذ استغل الفتاة جنسيا لمدة ثلاث سنوات. فهل يا ترى كان معاينا لهذا الاستغلال؟ وهو لا يعرف الزاوية هل فيها شرطة أم درك؟. قضية الاستغلال الجنسي أو الاغتصاب أو سمه ما شئت هي قضية العدالة. ووحده القاضي هو من له الصلاحية الكاملة أن ينطق بهذا الحكم بناء على ما توفر لديه من معطيات، فعلى ماذا تم بناء هذا الحكم. إنه ببساطة الوهم وأضغاث أحلام. فكثيرة هي الأماني التي تحركنا، وما كل من حركته الأماني صادق بالفعل. الكذبة الرابعة: لقد ألجمنا صديقك المصطفى أبو الخير وقلنا له إن أكبر كذبة هي أن الأستاذ كان يقدم دروس دعم للتلميذة. ونحن نعرف خلفية هذا الإصرار على هذه التهمة، وهو تحويل القضية إلى قضية أستاذ تلميذة، بدل إنسان راشد مع قاصر. لن تنطلي علينا الحيلة، وسنكشف المزيد من كذبكم ولو كنتم الجريدة الأولى في العالم. فالأستاذ لا يقدم دروسا وكلفوا أنفسكم عناء السفر وستكتشفوا بأنكم تحاملتم في أحكامكم ونصبتم أنفسكم في المكان الخاطئ. أما الثمن الذي أخذه باهظا هو وضع نفسه في هذه الورطة والوصاية على هذه البنت والتعامل معها بوصية الأب وشهادة الثانوية. الكذبة الخامسة: ينوه الصحفي الذي لا يعرف موقع زاوية الشيخ في الخريطة المغربية بسلوك الأب المتزن، وكأنه حضر الحادثة. وأدعوه مجددا لزيارة المدينة وتقصي الأخبار، فليس كل من قرأ الكتاب فهيم، ولا كل من كتب مقالا هو بالضرورة صحفي. فسلوك الأب المتزن كان هو إشباع الأستاذ ضربا وأمام الملأ، دون أن يكون هناك أي ردة فعل على هذا السلوك المتزن ولم يلتجئ الأب إلى العدالة إلا بعد أن رفض الأستاذ أي محاولة للصلح. وربما تفاجئكم الأيام المقبلة بما لم تتوقعوه. وختاما: فالصحافة مسؤولية وليست مداعبة لورق وقلم. وأتمنى من الله أن تسكت الأقلام المغرضة إلى حين ينطق القضاء بكلمته. فالأخ المتهم هو عندي بريء ولو أعدموه حتى يعترف بأنه صاحب القضية، وغير هذا فهو الوهم لأن الحقيقة يمتلكها اثنان المتهم والضحية، وليست في أروقة الصحافة المأجورة.