“يخطو الناس بحثا عن ا لحقيقة خطوتين إلى الأمام وخطوة إلى الوراء ، وتدفعهم الآلام والأخطاء وملل الحياة إلى الوراء ، ولكن الشوق إلى الحقيقة والعزيمة الصلبة تدفعهم إلى الأمام قدما ، ومن يدري ؟ ربما يبلغون شاطئ الحقيقة الأصيلة ” الأعمال المختارة لأنطون تشيخوف مجلد (3) الروايات ص 379 سأبدأ بمسلمة أعتبرها قطعية، مفادها أن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، مهمته هي استنزاف جيوب الناس، وهذا ما تؤكده جل الوقائع التي نراها ونسمع بها يوميا، وقد تبين كل هذا مع مرور الوقت. من المفيد جدا أن نتعرف على نوعية المشاكل ونتقرب أكثر إلى صلب الموضوع ومساءلة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، باعتباره المسؤول المباشر على قطاع الماء والصرف الصحي، قصد الإحاطة بما له وما عليه، بخصوص إشكالية علاقات مصالحه بالساكنة، وهنا نحن نقارب الموضوع بشكل عام من منظور علم إدارة المكتب الوطني، وليس من منظور قانوني. تمهيدي هذا هو من أجل إعادة إثارة موضوع الصرف الصحي، التي أصبحت ملحة في ظل هذا الإستهتار والتغاضي والتجاهل من طرف المكتب الوطني والمجلس الجماعي بشكل أساسي. إن القراءة الصحيحة لواقعنا يجب أن تكون قراءة مبنية على قرائن وأدلة تراعي ما تعانيه الساكنة من طرف المكتب الوطني بعيدا عن الجمود واللامبالاة، وبعيدا عن التشكيك في ماهية المشاكل التي يتخبط فيها المكتب تجاه الساكنة. أشعر بالغثيان كلما تذكرت بعض اللقاءات التي جمعتني مع بعض المسؤولين من مختلف المصالح، كما أحس بمرارة تجاههم، إن ما يجري اليوم لهو استمرار للعفن السياسي والغطرسة المخزنية والإستهتار الفكري والعبثية الأخلاقية، بيد أن هناك وقائع تلقي بظلال الريبة والشك حول بعض النوايا. بكلمة أخرى، إن اكتفاء الناس بالتفرج والإنتظار والرضوخ لشروط المكتب الوطني، والتساهل مع تسويفاته وتماطلاته المستمرة، لأمر يندى له الجبين، ويؤكد على مدى تجذر العبودية الطوعية بكل تجلياتها وتمثلاتها. إذا كان الفلسطينيون يشتكون من تظلمات آل صهيون اليومية، فنحن أيضا نعاني في صمت ونتشكى يوميا تظلمات المكتب الوطني، الذي استولى على المنبع الرئيسي لبلدتي الجميلة، لأزيد من اثنا عشر سنة، بعدما فوته له المجلس الجماعي ( مجلس 2003 – 2009 ) سنة 2007م، حسب اتفاقية نجهل إلى يومنا هذا مضامينها وحيثياتها، حتى يخيل للمرء أنها اتفاقية من اتفاقيات كامب ديفيد، أو اتفاقية من وعد بلفور. اليوم كما الأمس نطالب المجلس الجماعي أن يوضح لنا بعض النقاط المستعصية على الفهم، علما أن المكتب الوطني مؤسسة ربحية لها مواردها وما يخول لها : – لماذا فوت أغبالو للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب؟ – ما هو المقابل الذي تلقاه المجلس لهذا التفويت؟ – لماذا يسعى المجلس في كل دورة للمصادقة لتفويت أو شراء عقار للمكتب الوطني؟ – ماذا استفاد ذوي الحقوق؟ في حين نجد المكتب الوطني لازال يتجاهل معظم الذين حصلوا على وصل التسبيق ( المحدد 160 درهم ) منذ أكثر من سنتين، كما ونجده مازال مصرا ومتشبتا برأيه بعدم ربط المسلخ الجماعي بالصرف الصحي، كما نسجل غياب المرونة في تعامله مع الزبناء الجدد الراغبين في ربط منازلهم بالماء الصالح للشرب والصرف الصحي، دائما التسويف والمماطلة والقمع أحيانا، وكذا تجاهلاته لكل المساعي من أجل إيجاد حلول ناجعة لتخبطاته ، وكذا إهماله للبالوعات، لولا تدخل موظفي النظافة التابعين للجماعة في كل مرة لكانت الكارثة، ولا ننسى ما تعانيه ساكنة كل من حي تاسفالوت والحي الإداري ومجمع إنجارن، من انقطاعات شبه يومية للماء الصالح للشرب بسبب انسداد الأنابيب بمادة نجهل مصيرها ونوعيتها، وكأن حال لسان المكتب يقول لنا سلعتكم ردت إليكم، ذوقوا عذاب ما كنتم تكتنزون، أين يكمن الخلل إذن؟ – الخلل يكمن في تفويض أغبالو للمكتب الوطني – الخلل يكمن في تفويض الأمر إلى مقاولين – الخلل يكمن في تفويض المفوض إلى أشباه مقاولين – الخلل يكمن في تقديس الناس لمكتب الوطني – الخلل يكمن في الجهل المقدس والتغاضي – الخلل يكمن في اللامبالاة – الخلل يكمن في الخوف لماذا لا ينظر إلى مثل هذه المشاكل من طرف المتتبعين والمهتمين بالشأن المحلي، بنفس النظرة التي ينظر إليها تجاه تحركات الرئيس ورفقائه، وتبقى الإتهامات متبادلة بين من يحرض من؟ ومن يدفع لمن؟ وتبقى العقول الفارغة تتراقص وتدغدغها العواطف، وتتلاعب بها أشباه العقول التي تعد نفسها تفهم في كل شيء، وتجدها مزهوة بنفسها، بينما لا تعدو أن تكون مثل ذلك الغراب الذي يقف على الأغصان ناعقا، إنهم مجرد مشقفين، إنهم كبجعات المستنقعات، نسمع ضجيجا ولا نرى أية نتيجة، اختلط الحابل بالنابل، وضاعت مصالح البلدة. المشاكل الحقيقية التي يجب أن يسال عليها المداد وتبحبح في شأنها الحناجر كثيرة ومتنوعة هذه أمثلة منها لا الحصر: – مشكل الصرف الصحي – كهربة المناطق المقصية – ربط الدواوير بالماء الصالح للشرب وليس الحل الترقيعي( ربط المنازل ليس الحنفيات ) – رخص البناء – الحي الجامعي بالنسبة للطلبة – الداخلية ودار الطالبة والطالب للتلاميذ – مراحيض المؤسسات التعليمية – المسالك الطرقية – محطة النقل المزدوج والطاكسيات – المسلخ الجماعي – دار الشباب – المكتبة الوسائطية – المسبح البلدي – الملعب البلدي – ملاعب القرب – اجتثات الأشجار هذه هي بعض المشاكل الحقيقية التي يجب أن تصدح عليها الحناجر، وأن تكون صلب الموضوع في كل النقاشات والأحاديث التي تدور على أرصفة المقاهي وطاولات النرد ولعب الورق، وموائد البيوت، وتقعد الدنيا في شأنها، وليس تفاهات المجلس الجماعي من قبيل هل تشكل المكتب؟ من هو الرئيس؟ إبلالين استطاعوا فرض رأيهم، أيت علي ؤعيسى ضغطوا بدورهم، أيت حمي يتفرجون، هذه تفاهات ما بعدها تفاهات. إنها مشاكل بالجملة ولا أحد يهتم، الكل ساكت لا يحرك ساكنا، مسكينة بلدتي الجميلة أرض المقاومة، إيفران الصغيرة، هاجرها أبناؤها ونسوها كشيء كان منسيا. وختاما: أغبالا أمانة في عنقنا جميعا، علينا الحفاظ عليها بالعمل الجدي، والعمل على عدم تكرار هذه المآسي التي تتخبط فيه بلدتنا، أغبالا تقول لنا لن نتغير نحو الأفضل حقا ما دمنا لم نولي كل العناية الممكنة والإهتمام اللازم بها، لأنه بكل بساطة نحن من يصنع التغيير إذا تظافرت الجهود، بعيدا عن الحسابات الضيقة، وإلا فإن أغبالا بلدتي الجميلة ستظل تعاتبنا جميعا، وتقول للقائمين على شؤونها عار عليكم !!!. بقلم الداحماد أغبالا نايت سخمان في 29 ماي 2019م