وصلت أغلب الأندية الوطنية لكرة القدم خاصة تلك التي تلعب بالبطولة الاحترافية، لحافة الإفلاس، إن لم نقل مفلسة بكل ما في الكلمة من معنى، كما هو الحال بالنسبة للرجاء البيضاوي الغارق في الديون، وتراكم نزاعاته وطنيا ودوليا. فباستثناء الوداد، نهضة بركان، الفتح والجيش الملكي، التي تعيش نوعا من التوازن المالي، إما لوجود أشخاص نافدين على رأس مكاتبها المسيرة، أو انتمائها لمؤسسة وطنية كبرى، كما هو الحال بالنسبة للجيش الملكي، فباقي الأندية تعيش على الدعم والمساندة وتلقي الهبات. الأكيد أن هناك أسباب متعددة وراء حالة الإفلاس هذه، ومن بين هذه الأسباب عدم تحول الأندية الوطنية إلى مؤسسات قائمة الذات قادرة على ضمان التوازن المالي والإداري والتقني، كما أنها لم تتمكن من إنتاج آليات خاصة بجلب الموارد، لتبقى كرة القدم بالمغرب رياضة غير منتجة، وبالتالي نجدها تعيش على موارد الجامعة والمجالس المنتخبة، مع ما يطبع العلاقة مع المنتخبين من مد وجزر تتحكم فيها العلاقة " الخاصة " التي تربط بين المكاتب المسيرة و الهيئات المنتخبة. فدخول عقود اللاعبين والمدربين حيز التطبيق، بحكم نظام الاحتراف لم تكن الأندية الوطنية مهيأة له بما فيه الكفاية، إذ بدأ التسابق على عقد الصفقات دون مراعاة واقع الحال والإمكانيات المتوفرة، لتسقط أغلب الأندية في مشاكل لا حصر لها، نتج عنها تراكم الملفات الخاصة بالنزاعات تتحول مباشرة لمقر الجامعة، هذا الجهاز أصبح عبارة عن ورشة تشتغل ليل نهار مهمتها معالجة ملفات أغلبها معقدة، بل نجد أكثر بنودها مفتوحة على التأويلات والاجتهادات القانونية…. كما أن أغلب الأندية لم تعد مؤهلة من الناحية التقنية لتفريخ المواهب، لتصل حالة الإفلاس إلى مسألة التكوين، والحالة هذه، فإن الكل أصبح يتسابق لجلب العناصر الجاهزة وطنيا وقاريا، وهذا ما يفسر كثرة الملفات الخاصة بالنزاعات على الصعيد الدولي، وهناك أحكام صادرة حتى عن جهاز الفيفا في حق العديد من الأندية المغربية، كما هو الحال بالنسبة للرجاء والمغرب التطواني الوداد البيضاوي وداد فاس وغيرهم. هذه الوضعية المؤسفة حتمت على الجامعة ضرورة التدخل، وقد جاء بلاغها الصادر قبل انطلاق المرحلة الشتوية الخاصة بالانتقالات، ليضع الأندية أمام مسؤولياتها، إذ لا يعقل أن تتمادى الفرق في جلب اللاعبين وهى غير قادرة على الوفاء بكل التزاماتها، كما لا تتوفر على ضمانات مالية ملموسة تسمح لها بتغطية كامل مصاريفها. والحل أمام الأندية هو ضرورة التحول إلى وحدات منتجة والبحث عن موارد قارة، والأكثر من ذلك كسب ثقة المؤسسات التجارية ورأس المال الخاص، مع حتمية تدخل الدولة عبر المؤسسات الوطنية الكبرى مجال الاستثمار الرياضي، نفس المسؤولية تتقاسمها المدن التي تنتمي لها الفرق، خاصة الكبرى منها، وأن يقتنع الجميع بأن الأندية هي ملك للمدن ولهيئاتها وسلطاتها ومنتخبيها، وفعالياتها المالية والاقتصادية، وأن يقتنع الجميع بأن الرياضة واجهة حضارية، وعامل تنموي حقيقي، وبالتالي فإن دعم الأندية واجب تقتضيه المواطنة الحقيقية…