تفيد كل الدلائل والمعطيات المتوفرة على أن الأغلبية الساحقة من أندية البطولة الاحترافية لكرة القدم بالمغرب، تعيش خصاصا ماليا فظيعا، انعكس سلبا على ميزانياتها، وجعلها عاجزة عن الوفاء بكل التزاماتها، تجاه اللاعبين والمدربين والإداريين والموظفين على حد سواء، بالإضافة إلى ارتفاع الديون الخاصة بالجوانب المرتبطة بالإعداد من فنادق ومصحات وغيرها من مصالح لها علاقة بالتسيير اليومي للنادي. فباستثناء فريق أو فريقين، لا يمكن الحديث عن وجود عدد كبير من الفرق التي تعيش رخاء ماليا يجعلها قادرة على ضمان مسيرة متوازنة، فأمام ارتفاع الأجور والعقود ومتطلبات الإعداد باتت الأغلبية الساحقة تعيش ارتباكا فظيعا يؤثر على جل مكوناتها. والغريب أن الأزمات المالية للأندية تتفجر مباشرة والموسم الرياضي ما يزال في بدايته، فالأخبار والتسريبات من داخل الفرق تتحدث عن تأخر صرف الأجور والمنح منذ ثلاثة إلى أربعة أشهر، والأمر مرشح للمزيد إذا لم تتخذ إجراءات استعجالية من طرف مسؤولي الأندية الذين يظهرون عجزا واضحا في هذا الاتجاه. إلا أن هناك أسبابا وراء هذا الخصاص المالي ومن بينها ضعف البنية المالية لهذه الفرق، وعدم توفرها على عائدات سنوية قارة، بالإضافة إلى مشاكل على مستوى التسيير الإداري، وذلك لعدم مراعاة التوازن المطلوب بين الإمكانيات المتوفرة والمصاريف والمتطلبات، ورغم كل هذه الاختلالات نجد أغلب الأندية تتسابق لعقد صفقات لجلب اللاعبين من الداخل والخارج، حتى وإن كلفتها ميزانيات مالية غير متوفرة بالقدر الكافي. وفي وقت يفترض أن تحرص الجامعة على فرض شروط واضحة من خلال مراقبة تسيير الأندية، وعدم السماح بعقد صفقات ما لم يلتزم أي ناد بأداء ما ذمته من ديون، وما لم تقدم الدلائل الملموسة فيما يخص التوازن بين المصاريف والمداخيل، نجد الجهاز الجامعي يغض الطرف عن ذلك، لتتراكم أمام مكاتبه ملفات خاصة بالنزاعات، منها ما هو متأخر عن المواسم الماضية، ومنها ما طرح مع بداية الموسم الجاري. المؤكد أن الاستمرار بهذا الشكل غير ممكن تماما، فالتسيير الرياضي المتعارف عليه بجل بقاع العالم لا يسمح بوجود مسيرين "انتحاريين" كما هو الحال بأنديتنا الوطنية، كما لا يسمح بغياب المراقبة والمتابعة والتتبع. ولعل المدخل الأساسي للتقليل من هذه الأزمات يمر عبر حرص الأندية على ضمان التوازن المالي الضروري، وضمان الشفافية المطلوبة، والبحث عن موارد كافية من خلال الاجتهاد في إيجاد صيغ ووسائل جديدة، والجهة المفروض تدخلها لفرض هاته الأسس الضرورية، هي الجامعة بالدرجة الأولى، وبدون مثل هذه المراقبة القبلية والمواكبة المستمرة، لا يمكن أن يستقيم الوضع نهائيا. فمهمة الجامعة الأساسية الحرص على التوازن المطلوب، فلتتحمل إذن كامل مسؤوليتها...