ينعت العمال والعاملات في إطار نزاعات الشغل، أمام المحاكم، بالطرف الضعيف. هذا المصطلح المتعارف عليه قانونيا وفلسفيا لا تنص عليه فصول أو بنود، ويمكن أن يستعمل في كل القضايا المتشابهة التي يكون فيها طرف قوي. الطرف القوي في نزاعات الشغل ليس سوى أرباب العمل أو إدارات المؤسسات. هم أقوياء لأنهم ببساطة يمتلكون الوسائل المعنوية والمادية للمتابعة القضائية، وأحيانا تكون لهم القدرة على التأثير لاستصدار أحكام لفائدتهم. بالمقابل، يجد ضحايا الطرد من العمل أنفسهم، منذ الوهلة الأولى، أمام مشاكل مادية ونفسية تتعمق مع طول المساطر. وقد تزداد وضعية بعضهم تأزما بعد صدور أحكام لصالحهم وتبقى بدون تنفيذ ردحا من الزمن. بالمقارنة مع سنوات خلت، يلاحظ اليوم تحسن نسبي في أداء المحاكم الاجتماعية، لكن معاناة الشغيلة تبقى قائمة بسبب مناورات الطرف القوي، وبسبب الثغرات القانونية التي يحسن استعمالها في محاولة النيل من حقوق الطرف الضعيف. في ظل مدونة الشغل، التي مر على الشروع في تنفيذها حوالي ست سنوات، يعاني آلاف العاملات والعمال، من مشاكل بطء المساطر وتعطيل تنفيذ الأحكام بشكل مبالغ فيه. هذه الوضعية دفعت بجل المركزيات النقابية إلى تنبيه السلطات المعنية بحيوية هذا المشكل، سيما أن وراء هذه القضايا الاجتماعية توجد آلاف الأسر التي حرمت من موارد عيشها إثر طرد معيليها بشكل فردي أو جماعي، وهو ما يترتب عنه مشاكل لا تعد ولا تحصى. والأخطر في الأمر أن جل نزاعات الشغل التي ينتج عنها فصل عن العمل تعود أساسا إلى عدم احترام القانون من طرف المشغلين الذين ساهموا في بلورة مقتضيات مدونة الشغل مع الفرقاء الاجتماعيين. بعيدا عن إطلاق الكلام على عواهنه، تقر وزارة التشغيل وتعترف أن نسبة المقاولات التي تحترم بنود مدونة الشغل لا تتجاوز 20 في المائة فقط، وأن الأسباب الحقيقية للإضرابات راجعة إلى عدم احترام تطبيق مقتضيات مدونة الشغل وعدم احترام الاتفاقيات الجماعية من طرف الباطرونا الذين يدوسون في الصباح ما التزموا به في المساء. إنه الوجه الآخر للطرف القوي الذي يظل يطارد الطرف الضعيف. وبرأي النقابات العمالية والمهتمين بقضايا الشغل، ما كان هذا ليحصل في مغرب العهد الجديد لولا تهرب الدولة من تحمل مسؤولياتها في فرض مقتضيات القوانين المغربية، كما وقف على ذلك المؤتمر العاشر للاتحاد المغربي للشغل. إن معالجة هذا الحيف والوضعية غير العادلة، يتطلب إعمال الصرامة في تطبيق القانون، أولا، ووضع آليات تساعد على ذلك، ثانيا. بمعنى آخر، لا مناص من سن إجراءات زجرية ضد منتهكي الحقوق والحريات النقابية. لا بد من وضع إجراءات عادلة لتمكين ضحايا الطرد من العودة السريعة إلى عملهم. لا بد من جعل حد لمسلسل التباطؤ في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الأجراء. أخيرا وليس آخرا، لقد التجربة أكدت الحاجة لإحداث قضاء اجتماعي مختص، مع تمكينه من الوسائل والإمكانيات الضرورية للبث في القضايا المعروضة عليه.. وفي آجال قريبة ومعقولة.