لفتت بعض الجمعيات الحقوقية المغربية الانتباه في الفترة الأخيرة إلى أسلوب جديد في عملها شرعت في تطويره، عبر انشغالها بأحداث العيون وبتطورات القضية الوطنية بصفة عامة. أول أمس السبت قدمت جمعية الوسيط، بمعية منتدى بدائل المغرب والمرصد المغربي للحريات العامة، تقريرا حول: «أحداث مخيم أكديم ايزيك بين سؤال تدبير الشأن المحلي وإشكالات الانزياح»، كان نتاج تقصي في الميدان قام به فريق حقوقي من المنظمات الثلاث. وقبل ذلك كانت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان قد قامت بعمل مماثل، وقدمت تقريرا حول الأحداث، وحاليا يتواصل عمل «اللجنة الحقوقية المشتركة لتقصي الحقائق في أحداث العيون» التي تتشكل من ممثلي 11 منظمة حقوقية وطنية منها: العصبة والجمعية المغربيتين، ومنتدى الحقيقة والإنصاف، وعدالة، ومنتدى الكرامة وغيرها.. اللافت هنا أن موضوع القضية الوطنية بات من ضمن انشغالات جمعيات حقوقية مدنية مغربية، كما أن منهجية العمل أصبحت تعتمد على التحري وعلى تقصي الحقائق، ومن شأن هذا التطور أن يجعل حركتنا الحقوقية تراكم خبرات أخرى في المنهجيات وفي أفق العمل، كما أن ترافعنا الوطني كمجتمع وأيضا كدولة سيغتني بهذه الرافعة المدنية الحقوقية ذات التأثير على الصعيد العالمي والإقليمي. من جهة ثانية، لقد شهدت العيون إقبالا مهما من طرف مبعوثي منظمات حقوقية عالمية «هيومان رايتس، العفو الدولية وغيرهما»، كما زارت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان المغرب بالمناسبة نفسها، وهذه الهيئات الدولية بالذات تتمتع بحضور كبير ومؤثر عبر العالم وفي دوائر صنع القرار، ومن الضروري بلورة خطط عمل ومنهجيات للتواصل الدائم والتفاعل معها. أغلب هذه الزيارات الدولية أفضت إلى خلاصات إيجابية، في المجمل، بالنسبة للمملكة، ومن شأن ذلك أن يطور آليات الترافع والحوار مع هذه المنظمات نفسها، ولكن طبقا لخصوصياتها ووفق منهجيات عملها، وهنا لا بد من إسناد النشطاء والجمعيات المغربية الجادة من أجل تقوية حضورها الدولي وسط الحركة الحقوقية والمدنية العالمية. في معظم المنتديات الحقوقية الدولية يتواجد مغاربة، كما أن لدى بعض المنظمات الحقوقية المغربية علاقات مهمة على هذا الصعيد، ويعترف لها ولأطرها بكثير من الحرفية والمصداقية، ولكنهم يعرفون حجم المتطلبات والإمكانيات المادية وغير المادية التي يقتضيها تفعيل هذا العمل الدولي. إن تحديات قضيتنا الوطنية، والتطورات الجارية هذه الأيام على الصعيد الأوروبي وفي إسبانيا بالخصوص، تفرض الاهتمام المستعجل بهذا البعد الجوهري من ترافعنا الوطني، مع الحرص على استقلالية الفاعل المدني الحقوقي ومصداقيته أمام الآخرين.