خلص التقرير الذي أنجزته ثلاث هيئات حقوقية، ''الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان''، و''المرصد المغربي للحريات العامة''، و''منتدى بدائل المغرب'' بخصوص الأحداث الأخيرة التي عرفتها مدينة العيون إلى أن مخيم ''أكديم إيزيك'' المعني بالأحداث، انتظم ظاهريا من خلال المطالب الاجتماعية ذات الصلة بالفئة المتضررة اجتماعيا سواء على مستوى السكن، أو الشغل، (وهي فئة تنتظم من خلال الأرامل، والمطلقات، والمعوزين، والمعطلين)، وهي ما شكلت الواجهة المؤطرة للمخيم، والمنتجة لخطابه محليا ودوليا في علاقته بالطرف الرسمي في الحوار وبالصحافة الوطنية وبالمجتمع المدني، بينما انتظم ذات المخيم في علاقة بالخارج من خلال شعارات المجموعات ذات الارتباط بجبهة البوليساريو، وهي المتحكمة في الآلة الإعلامية الدعائية الخارجية له، عبر شعارات سياسية صرفة، ومستنسخة على مستوى وثائقها ومواقعها الإلكترونية. وميز التقرير -الذي أعدته لجنة التقصي للهيئات الثلات والذي تم الإعلان عنه خلال ندوة صحافية صباح أول أمس السبت- بين ما يعتبر مطالب اجتماعية لفئة من الساكنة، لم تستفد من السكن والشغل، بالرغم من وجودها بالمنطقة، وإحصائها كساكنة منذ 1974 ، مقارنة باستفادة فئات واغتناء أخرى، بينما ظلت هي شاهدة على اختلالات تدبير الشأن المحلي، ورهنه بنفس الأشخاص ومصالحهم على مدى ثلاثة عقود، وهي المطالب التي ستشكل موضوعا للحوار بين لجنة المخيم وممثلي السلطة، وما يعتبر شعارات سياسية للمجموعات ذات الارتباط بجبهة البوليساريو، والتي لن تشكل موضوعا للحوار لأنها غير مصاغة كمطالب، بل موجهة إلى الخارج كشعارات تشتغل بمنطق المحرك من أجل إدامة المخيم، وبأفق تصعيد وتأزيم اتجاه إيجاد الحل، وهي المنتج الفعلي لشعار ''خيرات أرضنا كفيلة بتشغيلنا''، الذي يتمحور حوله خطابها على المستوى الدولي، ما يترتب عنه من مطالب ومعجم خاص باستنزاف الثروات لدى جبهة البوليساريو. وكشف التقرير أن شعار الفئة ذات المطالب الاجتماعية والذي يتحدد في ''السكن والشغل للساكنة الأصلية''، لا يعتبر امتدادا لشعار ''خيرات بلادنا كفيلة بتشغيلنا''، بل تحويرا له واستلاء عليه، وهو ما ستعكسه نقطة التحول في حياة المخيم، وينفتح أمام جميع الصحراويين بمطالب وشعارات مختلفة، ضمنية وصريحة، ليبدأ انتظام المخيم من خلال هاجس التعبئة لقاعدة واسعة غير منسجمة في مطالبها وأهدافها. وأوضح التقرير أن التحول الذي يعرفه الفاعلون اليوم من هوية ''النشطاء الحقوقيين''، إلى ''المدافعين الصحراويين'' تجد تفسيرها في بداية الالتفاف على مطالب فئات اجتماعية والتعبئة من خلالها، واستقطاب مجموعات أخرى متضررة من الصرامة التي تعرفها المنطقة على مستوى التصدي لشبكات التهريب والهجرة السرية، وما يتصل بهما على مستوى الجريمة العابرة للحدود، والتفاف النشطاء على التسلل للتعبئة من خلال المطالب الاجتماعية لا يمكن تصوره في غياب التنسيق وبناء التحولات، أو حتى تشجيعها مع هذه المجموعات. وعن إفادات بعض أعضاء لجنة الحوار الذين حضروا جميع الجلسات مع ممثلي السلطات، أكد أحد الأعضاء لفريق التقصي بأن التجاوب الكلي لوزير الداخلية كان غير مسبوق، واعتبر من طرفهم مؤشرا على عدم جدية وصدقية الوعود. وفي تقييم له لعملية تفكيك المخيم، خلص التقرير إلى أن إقامة المخيم لم يحترم القوانين الجاري بها العمل على مستوى الحريات العامة، وأن الحصيلة الثقيلة المعلنة في صفوف قوات الأمن كان نتاج عدم التناسب المعكوس في استعمال القوة، وعدم تقدير وترقب حجم المواجهة، مستنكرا التخلي على المقاربة الأمنية خلال عملية التفكيك مقابل سلامة وحياة القوات العمومية. ولفت التقرير انتباه المنتظم الدولي والدول والهيئات المعنية إلى رفع درجة الاهتمام وتقدير ما يحدق بالمنطقة من أخطار من شأنها أن تقوض الأمن والاستقرار، كما طالب الدولة ومؤسساتها باستكمال البحث وتسريع مساطر الإحالة على العدالة بشأن كل من تبث تورطه في هذه الأحداث. وتتطلع الهيئات الثلاث بأن تتولى لجنة تقصي الحقائق البرلمانية على وجه الخصوص، استكشاف المزيد من المعطيات حول أسباب وملابسات إقامة المخيم، وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق في هذا الأمر، وتدقيق المعطيات بشأن أحداث 8 نونبر بالعيون من حيث حصر أسبابها المباشرة وغير المباشرة وحصيلة المواجهات، وبتحديد المسؤوليات الفردية والجماعية فيما وقع، بما في ذلك مسؤولية مختلف الجهات والأجهزة، ومختلف الأطراف المعنية بشكل مباشر، وغير مباشر في هذه الأحداث والتنصيص على إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب.