التوقيع على اتفاق شراء «فرانس تيليكوم » ل 40 في المائة من «ميديتيل» والاقتصادي انتهت عملية التوقيع على الاتفاق بين «ميدي تيليكوم» و»فرانس تيليكوم» يقضي باستحواذ الشركة الفرنسية للاتصالات على نسبة 40 في المائة من حصة كل من مجموعة فاينس كوم وصندوق الإيداع والتدبير، على أن يتم الرفع من النسبة إلى 45 في المائة سنة 2011، و49 سنة 2015، لتبقى بذلك الشركة مغربية-مغربية. وأتي هذا توقيع هذا الاتفاق الذي حضره كل من وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، احمد رضا الشامي، ورئيس مجموعة فايننس كوم عثمان بنجلون، وأنس العلمي المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، ومن جهة الفرنسيين المدير العام ل «فرانس تيليكوم»، أتى بعد ثلاثة أشهر من توقيع بروتوكول اتفاق بين الأطراف الثلاثة، وانتظار القرار النهائي للوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات. فاقتناء المجموعة الفرنسية لحصة من مديتيل، شكل حدثا بارزا في سوق الاتصالات بالمنطقة، خاصة في ظل المنافسة القوية التي بلغت أشدها بين شركات خليجية وفرنسية، فالشركة الفرنسية ترى في السوق المغربية بوابة كبيرة وإستراتيجية لدخول السوق الإفريقية، فهذه الصفقة حكمها منطق جيوسياسي معاصر أكثر منه مالي أو اقتصادي، لأن الفرنسيين يرون فيها أرضاً للمناورات المحلية والإقليمية والعالمية، من أجل تطوير حكامة التنافسية والمنافسة في السوق المغربية، خاصة في ظل وجود منافس قوي ل»فرانس تيليكوم» وهو «فيفاندي» المجموعة الفرنسية التي تستحوذ على حصة 53 في المائة من حصة الفاعل الاتصالاتي الأول في المغرب، «اتصالات المغرب». قرار صندوق الإيداع والتدبير بيع جزء من حصته في ميديتل جاء في ظرفية مواتية، فسوق البورصة يعرف وفرة في السيولة بعد انسحاب مجموعة أونا والشركة الوطنية للاستثمار من البورصة، مما نتج عنه توفر سيولة كبيرة ستستعمل في شراء الأسهم التي ستطرح والتي تتفاوت التقديرات حول قيمتها. فتفويت 40 في المائة من حصة كل من «فايننس كوم» التابعة لمجموعة عثمان بنجلون وصندوق الإيداع والتدبير، أي20 في المائة لكل طرف، مكن كلا الطرفين من تقاسم فائض القيمة، مقارنة مع قيمة شراء الأسهم من الشريكين الإسباني والبرتغالي، البالغ 120 مليون أورو أي ما يعادل حوالي 1,3 مليار درهم. وبموجب هذا التفويت، ستصبح حصة كل طرف مغربي في رأسمال ميدتيل هي 30 في المائة بينما ستصبح حصة الوافد الفرنسي هي 40 في المائة. وبالعودة إلى الحديث عن رفع النسبة إلى 49 في المائة، فإن حصة الشريك الفرنسي يمكن أن ترتفع ب 5 في المائة سنة 2011 وهي السنة التي يمكن أن تشهد إدراج سهم ميدتيل في بورصة الدارالبيضاء، و4 في المائة سنة 2015. التوقيع على هذه الصفقة، شكل منعرجا مهمة لسوق الاتصالات بالمغرب، الشيء الذي أكده أحمد رشا الشامي، إذ أبرز هذه الصفقة جاءت لتعزز الجهود المبذولة من قبل المغرب في مجال تحرير قطاع الاتصالات، مشيرا إلى التطور الذي عرفه القطاع خاصة في ما يتعلق بالهاتف النقال والانترنيت. المناسبة، لم تفوت على الشامي فرصة التذكير بالمشاريع التي تم إطلاقها بالمملكة في مجال تكنولوجيا الاتصال والإعلام خاصة ما يتصل بالمغرب الرقمي والأولويات المحددة في القطاع، والتي ارتبطت بالتحول الاجتماعي الناتج عن الاستعمال الواسع للتكنولوجيات الحديثة من قبل المواطنين والمقاولات. مضيفا أن الأولوية الثانية تتمثل في الحكومة الإلكترونية الرامية إلى تبسيط المساطر لفائدة المواطن، في حين ينصب الاهتمام الثالث على إنعاش تنافسية المقاولات عن طريق توظيف التقنيات الحديثة مقابل تنمية القطاع في درجة رابعة. هذا ولم يخفي عثمان بن جلون أن التقارب بين الفاعلين المغربي والفرنسي سيسمح بالرقي بميديتيل إلى مصاف الفاعل المجدد في مجال المعرفة التكنولوجية، موضحا أن هذه الشراكة يراد منها التقارب بين إستراتيجية مشتركة للتنمية الجغرافية للفاعلين بالقارة الأفريقية. أما المدير العام لفرانس تيليكوم، فعبر عن اعتزازه بتقاسم الرغبة في التقدم نحو الأمام مشيرا إلى أن الهدف الحالي يتمثل في الخلق والإبداع وأن مجموعته استثمرت بالمغرب 640 مليون أورو، أي حوالي 7,1 مليار درهم، مضيفا أن الاتفاق لا يمكنه إلا أن يعزز مؤهلات ميديتيل ويحفز التنافسية التي ستعود بالنفع على المستهلك. تصريحات أكدت الرغبة في التعاون الجدي بين جميع الفاعلين في هذا المجال، لكن منطق السوق في المغربي قد يفرز متغيرات جديدة وأطراف أخرى تبحث لها عن مصالح جيوسترتيجية معاصرة في المغرب، عبر سوق الاتصالات الذي وصفت بالواعدة ولفتت انتباه أكبر الشركات العالمية المتخصصة في مجال الاتصالات. فالصفقة شكلت أيضا مخرجا وحلا متوفرا لأزمة السيولة التي تتخبط فيه البنوك المغربية، فقيمة 7 ملايير درهم كفيلة بإنعاش السوق المالية في المغرب وإنقادها من الأزمة التي تعيشها بعد انسحاب الشريكين الإسباني والبرتغالي من رأسمال ميدتيل، ولعل هذه الصفقة ساهمت إلى حد ما في تحفيز بنك المغرب على إبقاء سعر الفائدة المرجعي في 3,25 في المائة.