قال يونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية إن المهنيين هم الطرف الأساسي أو الشريك الأساسي في الحوار الوطني حول الإعلام»، وأضاف في حواره مع بيان اليوم أن مطالب المهنيين تتمثل في إصلاح كل القوانين المرتبطة بالصحافة والإعلام على ضوء التجربة التي تمت لحد الآن، وبرؤية استشرافية للمستقبل، سواء على مستوى احترام الحريات أوعلى مستوى عصرنة وتحديث هذه النصوص أيضا. كما أشار المتحدث ذاته إلى مطلب إصلاح المقاولة الصحفية وإصلاح مؤسسة الإعلام بصفة عامة، سواء كانت عمومية أو خصوصية، وفي مختلف المجالات، بما في ذلك إصلاح هيكلتها الداخلية، والإصلاح المالي والإداري، واعتماد الحكامة الرشيدة والجيدة بداخلها. ثم هناك مسألة التكوين والتكوين المستمر، بالإضافة طبعا إلى تلبية مطالب الصحفيين المهنية والمادية والاجتماعية. وعرج مجاهد على الجانب المتعلق بالقضاء والعدالة، معتبرا أن الإصلاحات المتعين القيام بها في مجال الإعلام يتعين أن يسير بموازاتها إصلاح حقيقي للقضاء، ل»أننا في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، يقول مجاهد، لاحظنا أن العديد من الاختلالات والانتهاكات، تأتي من الجهات القضائية عند معالجة القضايا ذات الصلة بالصحافة والإعلام. ثم تطرق المتحدث ذاته إلى الجانب المرتبط بالشفافية المالية في تمويل المقاولات الصحفية وفي تسييرها، وأيضا قضية الإشهار والإعلانات وطريقة توزيعهما. بالإضافة إلى قضايا أخرى من قبيل الحق في الخبر والولوج إلى المعلومة ومعالجة أخلاقيات المهنة. * ما هو تحليلكم للسياق العام الذي يحل فيه اليوم الوطني للإعلام؟ - يونس مجاهد: السياق العام، هو أننا أمام ظرفية يمكن أن نصفها بالخاصة، ربما هي أعمق من السنوات الماضية، نظرا لعدة اعتبارات؛ الاعتبار الأول، هو أننا بصدد الانتهاء من أشغال الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع. وهو الحوار الذي انطلق في ظروف خاصة يعرفها الجميع. والذي طرح إشكالات كبيرة وحقيقية حول المشهد الإعلامي والصحفي بالمغرب، من قبيل: كيف سنتطور في ممارسة الحرية؟ ما هي الإصلاحات الضرورية التي يتعين إدخالها اليوم على القوانين؟ علما أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، وكيف نعالج الاختلالات التي تحصل من حين لآخر في الممارسة المهنية على غرار ما يحصل في أية مهنة أخرى؟ بالإضافة إلى ذلك، هل النموذج الاقتصادي الحالي للمقاولة الصحفية هو الملائم للتطورات الوطنية والدولية ولما يحصل في العالم من تحولات اقتصادية متسمة بأزمات متتالية وعدم استقرار؟ وهناك كذلك التحديات التكنولوجيات الحديثة، وما إذا كانت لدينا الموارد البشرية الكافية؟ وهل هي مدربة بالشكل اللازم؟ وهل نحن لدينا، بالإضافة إلى الموارد البشرية في مجالي الصحافة والإعلام، موارد بشرية في مجالات الفن والثقافة والإبداع والمسرح؟ وبالتالي ماذا سنحمل للتكنولوجيا الحديثة اليوم من مضامين ومن محتوى؟. كل هذه القضايا هي الآن موضوع مناقشات (الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع). وهذه الظرفية الخاصة تتسم أيضا بالتحديات الخارجية، فنحن أمام تحدي كبير بالنسبة لصورة المغرب ولقضاياه المختلفة في وسائل الإعلام الإسبانية والدولية. ولدينا مثلا، إعلام الجارة الجزائر الذي يقوم بالدعاية الصرفة ضد المغرب. ولدينا وسائل الإعلام الإسبانية، وهي في أغلبها معادية للمغرب، كيف نرد إذن على كامل هذا الوضع؟ أظن بأن الظرفية، سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، لها خصوصية واضحة،وتتسم بالعديد من التحديات. * إذا سمحتم، الزميل يونس، قبل الدخول معكم في حيثيات هذه الظرفية وملابساتها، نريد أن نعرف منكم ما هي مطالب النقابة الوطنية للصحافة المغربية وموقفها إزاء (الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع) والذي أوشك على نهايته، ومن المنتظر أن يصدر عنه قريبا كتاب أبيض حول الصحافة والإعلام ببلادنا؟ - نحن طرف من أطراف هذا الحوار الوطني، ولكننا طرف أساسي، لأنه عندما نتحدث عن الصحافة والإعلام، فمن المؤكد أن الطرف الأساسي أو الشريك الأساسي هم المهنيون، وبالتالي فمطالبانا هي تلك التي ذكرتها سابقا، وهي إصلاح كل القوانين المرتبطة بالصحافة والإعلام على ضوء التجربة التي تمت لحد الآن، وبرؤية استشرافية للمستقبل، لأننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، وبالتالي شعارنا هو «قوانين ملائمة للقرن الواحد والعشرين»، وذلك على مستوى احترام الحريات وعلى مستوى عصرنة وتحديث هذه النصوص أيضا. أما المستوى الثاني فيتعلق بإصلاح المقاولة وإصلاح مؤسسة الإعلام بصفة عامة، سواء كانت عمومية أو خصوصية، وفي مختلف المجالات، بما في ذلك إصلاح هيكلتها الداخلية، والإصلاح المالي والإداري، واعتماد الحكامة الرشيدة والجيدة بداخلها، بما يعنى احترام الحق النقابي ووضع مخطط واضح للترقيات ولإسناد المسؤوليات من دون أية زبونية أو محسوبية أو أية تدخلات، أي إعطاء الأولوية للكفاءات بطريقة شفافة. ثم هناك مسألة التكوين والتكوين المستمر، بالإضافة طبعا إلى تلبية مطالب الصحفيين المهنية والمادية والاجتماعية. هذه في اعتقادنا هي أهم القضايا الأساسية المطلوبة اليوم في إطار الحكامة الجيدة داخل المؤسسات الإعلامية. وهناك الجانب الآخر، وهو القضاء والعدالة، فنحن نعتبر أن كل هذه الإصلاحات يتعين أن يسير بموازاتها إصلاح حقيقي للقضاء، لأننا في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، لاحظنا أن العديد من الاختلالات والانتهاكات، تأتي من الجهات القضائية عند معالجة القضايا ذات الصلة بالصحافة والإعلام. أما الجانب الثالث فيهم الشفافية المالية في تمويل المقاولات الصحفية وفي تسييرها، وأيضا قضية الإشهار والإعلانات وطريقة توزيعهما، وكل القضايا الأخرى المرتبطة بهذا الجانب الحيوي. وهناك أيضا ضرورة الاستجابة لإشكالات التكنولوجيات الحديثة، وهل لدينا، في المغرب، مخطط وطني يجيب عن كيفية إدماج الصحافة والإعلام وكل مجالات الاتصال والتربية في التكنولوجيات الحديثة. بصفة عامة، يمكن أن أقول أن هذه هي مجمل القضايا التي تطرحها اليوم النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بالإضافة إلى قضايا أخرى من قبيل الحق في الخبر والولوج إلى المعلومة ومعالجة أخلاقيات المهنة، وكل هذه القضايا طرحت خلال أعمال ومناقشات الحوار الوطني للإعلام، كما طرحت أيضا أوضاع المرفق العام، ونحن في النقابة نعتبر، بصفة عامة، أن الصحافة والإعلام هي ملك عمومي سواء كانت خاصة أو عمومية، ولديها مسؤولية اتجاه المجتمع. ومن هذا المنطلق نعتقد أنه يتعين أن تكون هناك معالجة من نوع آخر، فنحن ضد العقلية الميركانتيلية في هذا المجال، حيث لا ينبغي أن يكون الهدف هو الربح فقط. وبالتالي اللجوء إلى صحافة الإثارة والشعبوية، فالصحافة والإعلام هي ملك عمومي ينبغي الحفاظ عليه والتصرف على هذا الأساس أي الدفاع عن الجودة وعن النزاهة والمصداقية. ولذلك فالدولة أو الحكومة، وعلى غرار ما يجري في كل الدول الديمقراطية، مطالبة بالحفاظ على هذا المرفق. وتبعا لهذا اعتبرنا أن النقاش حول الموضوع اليوم داخل البرلمان مهم جيدا، حتى يتحمل السياسيون مسؤولياتهم في هذا الجانب، لأن هذا الأمر لا يهم المهنيين وحدهم بل هو أمر يهم المجتمع برمته. * جرت في الأيام الأخيرة بعض الأحداث المرتبطة بعلاقة المغرب ببعض وسائل الإعلام الأجنبية كالجزيرة والصحافة الاسبانية والفرنسية، كيف تنظرون في النقابة لهذه القضايا؟ - في البداية، أريد أن أتحدث عن إسبانيا، هناك من يقول بأن هذا بلد ديمقراطي فكيف تحصل فيه هذه الأمور؟ هنا أذكر بكل بساطة، أن مثل هذه الأمور حصلت في أكبر الديمقراطيات العالمية، في بريطانيا على سبيل المثال وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما تعلق الأمر بالعراق، حيث أن وسائل الإعلام في أغلبيتها سواء البريطانية أو الأمريكية كانت تنشر الأكاذيب والأضاليل حول العراق لتبرير سياسة غزو العراق من طرف هذين البلدين اللذين يوصفان بالديمقراطية. وقد جرى فضح كل ذلك فيما بعد، بمعنى أنه حتى بالنسبة لوسائل الإعلام الاسبانية فهي في أغلبيتها تسير في نفس النهج للدفاع عن سياسة (وطنية شوفينية) إسبانية. والهدف الرئيسي من ذلك هو في اعتقادي إضعاف المغرب في قضية الصحراء، حتى لا ينتهي من هذه القضية، ويتوجه إلى استكمال وحدته الترابية في الشمال أي المطالبة بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، والجزر. بمعنى أن الصحافة الإسبانية تشتغل اليوم وفق هذا المنطق. وحتى عندما يقول بعض الإسبانيين إنهم يدافعون عن (الشعب الصحراوي) لأنهم يشعرون بعقدة الذنب عندما تخلوا عنهم في المسيرة الخضراء، فهذا ادعاء غير صحيح، والأصح هو ما قلته سلفا، والدليل على ذلك، أنهم لا يقدمون أي بديل حقيقي لهذا (الشعب) سوى بقاؤه تحت نفوذ وسلطة البوليساريو والجزائر، علما أننا نعرف من هي الجزائر ومن هو البوليساريو، بل الأكثر من ذلك، أنهم ينتقدون كوبا بشكل فظيع في وسائل الإعلام الإسبانية من منطلق أن النظام الكوبي هو نظام دكتاتوري، في الوقت الذي يعرفون أن أغلب أطر البوليساريو تلقت تدريباتها وتكوينها هناك في كوبا. وهم (أي الاسبان) لا ينتقدون ذلك، وهذا تناقض له تفسير واضح وهو أن أغلب الصحافة الاسبانية تنظر لمصلحتها (الوطنية) أولا وأساسا. * في السياق ذاته، تمكنت النقابة الوطنية للصحافة المغربية من استصدار بيان من الفدرالية الدولية للصحافيين بخصوص منع صحافيين مغاربة من الدخول إلى مدينة مليلية المحتلة، والآن يقال إن الصحافة الاسبانية تسير في نفس الاتجاه، وتضغط من أجل استصدار بيان من الفدرالية حول ما يزعمون أنه منع لبعضهم من الدخول إلى المغرب، كيف تنظرون إلى ذلك؟ - لدينا موقف مبدئي من كل هذه الأمور، لا نقبل المنع من أي سلطة كانت، ولذلك ندعو الحكومة المغربية، إلى التخلي عن كل الإجراءات الإدارية واللجوء، بدل ذلك، إلى القضاء، إذا ما كانت لديها مبررات حقيقية لذلك. نحن لا ننزه أي طرف ولا نعتبر الصحافيين منزهين عن ارتكاب الأخطاء. ولكن ينبغي أن يمر هذا عبر القضاء ليتمكن كل طرف من الإدلاء بحججه والدفاع عن نفسه. وكل ما ينطبق على قضية وكالة الأنباء الاسبانية ينطبق على قضية قناة الجزيرة وغيرها، فموقفنا واضح بهذا الشأن وهو دعوة الحكومة المغربية للتخلي عن كل الإجراءات الإدارية واللجوء إلى القضاء.