يدخل الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع ابتداء من مطلع شهر يوليوز المقبل، مرحلته الثانية الأساسية والحاسمة، بعد خمسة أشهر من انطلاقه بمقر البرلمان. وذكر بلاغ صحفي للمنسقية العامة للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، أن الشق الرئيسي الثاني من الحوار، يتمثل في سبر آراء المجتمع من خلال آليتين رئيسيتين. تتمثل الأولى في المنتديات التي ستفتح على موقع الحوار أو عبر البريد الإلكتروني، والثانية في إعداد دراسات وبحوث ميدانية حول بعض المحاور الأساسية التي رأت هيئة إدارة الحوار الوطني أنها تشكل، إلى جانب أخرى، عصب تطوير إعلام مغربي في سياق القرن الواحد والعشرين وتحدياته الكبرى. وأوضح البلاغ، أن هذه المحاور تهم مواضيع «الشباب ووسائل الإعلام: القراءة والانترنت والانتظارات والاهتمامات» ثم «المقاولة الصحفية: الهيكلة والتمويل والحكامة» و كذلك «تكوين الموارد البشرية العاملة في القطاع». ومن شأن الخلاصات التي سيتم التوصل إليها في هذه الدراسات والبحوث الميدانية،التي ستشمل كافة التراب الوطني بالإضافة إلى الآراء المباشرة للمواطنين، أن تشكل دعامة علمية وبحثية أساسية لعمل هيئة إدارة الحوار الوطني التي سيكون عليها أن تعمل على الاستثمار الأنجع لنصوص مداولات جلسات الحوار والأيام الدراسية والمناظرات الموضوعاتية والملتقيات الجهوية التي نظمتها على مدى أكثر من مائة يوم، وهي النصوص الجاري استنساخها حاليا والتي تشكل، إلى جانب المذكرات التي توصلت بها الهيئة، مادة غنية لعمل الهيئة. وسيشكل كل هذا الرصيد مرتكز إعداد التقارير الموضوعاتية التي ستكون بدورها أساس التقرير التركيبي، الذي سيشكل مضمونه إحدى المكونات الرئيسية للكتاب الأبيض، الذي سيحدد مسالك خارطة الطريق في ما يرجع إلى التشريع وإعداد السياسات العمومية وخطط المؤسسات المهنية في مجال الإعلام والتقنين والضبط والتنظيم الذاتي للمهنة والالتزام بأخلاقيات المهنة. وتستحضر الهيئة في جمعها لهذا الرصيد من المعلومات والآراء والخبرات، الذي تضعه بين يدي المشرعين وأصحاب القرار والمهنيين كون التشريعات التي تظل الهدف الاستراتيجي لهذه المبادرة، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار، من جهة، السياق الوطني للإصلاحات الهيكلية السياسية والمؤسساتية والثقافية، وبالتالي ما تحقق من مكاسب على طريق بناء دولة القانون، ومن جهة ثانية، المعايير الدولية لإعلام حر ومواطن ومهني ومحفز على المشاركة الديموقراطية مع ما يقتضيه ذلك من احترام للمبادئ الحقوقية الكونية ومن معايير مهنية واستحضار لمبدإ الخدمة العمومية ومفهوم المنفعة العامة، ومن جهة ثالثة، التصرف واتخاذ القرار وفق رؤية مستقبلية واستشرافية تصب في الهدف المخطط لهذا الحوار: جعل الإعلام المغربي قادرا على تنشيط الحياة الديموقراطية وإحدى أدوات النقاش العام. وفي هذا الصدد، يضيف بلاغ المنسقية العامة للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، تشكل جلسات الحوار المؤسساتية الاثنين والعشرين التي عقدتها الهيئة من فاتح مارس إلى 29 أبريل 2010 والأيام الدراسية والمناظرات والندوات المركزية والجهوية التي نظمتها، والمذكرات التي توصلت بها، مادة غنية ستستند إليها إلى جانب الدراسات الميدانية، في إعداد الوثائق النهائية التي ستتوج أعمالها (التقارير الموضوعاتية والتقرير التركيبي والكتاب الأبيض). وكانت الهيئة قد عقدت اثنين وعشرين جلسة حوار، مع الفاعلين الأساسيين في القطاع: الفدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والموزع المركزي للصحف المغربية (سبريس)، ومع وزارة الاتصال ومع المنظمات الاستشارية التي لها علاقة، بشكل أو بآخر، بإشكالية الإعلام، سواء لجهة ضمان الحقوق أو لجهة الشفافية والمنافسة الشريفة. وشكل الجانب الحقوقي اهتماما مركزيا في عمل الهيئة التي عقدت سبع جلسات مع المنظمات الحقوقية، تضاف إليها جلسات حوار مع الإدارات المركزية لمؤسسات الإعلام العمومي (المكتوب والمرئي والمسموع) وهيئات الضبط والتقنين. ومن أجل الإحاطة أكثر بالإشكالات المركزية للإعلام بكل فروعه: المكتوب والمسموع والمرئي والانترنت، من زاوية المضمون والإنتاج والعرض والأثر الاجتماعي، نظمت الهيئة خمسة عشر يوما دراسيا ومناظرة وندوة، مفتوحة أمام المهنيين والفاعلين ساءلت بالأساس الفاعلين المؤسساتيين العموميين والخواص وبالخصوص وزراء العدل والتربية الوطنية والاتصال والثقافة والتكنولوجيات الحديثة. وهمت هذه المنتديات «مسألة النوع في وسائل الإعلام» و»وسائل الإعلام والمدرسة» و»الثقافة ووسائل الإعلام»، و»التشريع والتأطير القانوني وعلاقة السلطات العمومية بوسائل الإعلام» و»التكوين وأخلاقيات المهنة» و»الإشهار والتواصل» و»الصحافة الجامعة والسياسية وتحديات المقاولة والمضمون والجمهور» و»حكامة الانترنت». وبالإضافة إلى الفاعلين الوطنيين الأساسيين، وبهاجس استحضار سياسات بلدان ديموقراطية متقدمة، وبغرض استحضار أيضا المعايير الدولية في مجال الجودة والتنظيم، تمت دعوة بعض الخبراء والباحثين الدوليين والنقابيين ومدراء صحف ومسؤولين في منظمات حكومية دولية بهدف تشكيل رؤية مقارنة يمكن الاستئناس بها عند صياغة الاستراتيجيات الوطنية في مجال التشريع والتأطير القانوني والتنظيم والتكوين وطرح بعض الوظائف الموكول للإعلام الوطني القيام بها في القرن الواحد والعشرين على غرار الإعلام في البلدان الديموقراطية، وفي أفق مجتمع المعرفة الذي أضحى جزء من استراتيجيات التنمية الوطنية لدى أعضاء المجموعة الدولية منذ مؤتمر جنبف 2003 حول هذا الموضوع. واعتبارا لأهمية إعلام القرب، والدور المتزايد للإعلام الجهوي خاصة في ضوء مشروع الجهوية الذي ستعتمده البلاد، كان على الهيئة أن تنظم عدة لقاءات دراسية جهوية تمحور أولها، الذي احتضنته طنجة، حول «واقع وتاريخ الصحافة الجهوية بالمغرب - الشمال نموذجا»، والثاني احتضنته مراكش حول «الإعلام الجهوي الخبر ومصادره المحلية، الأخلاق والمهنية». والجدير بالذكر أن هيئة إدراة الحوار الوطني تتكون من رؤساء الفرق البرلمانية في مجلسي البرلمان أو من يمثلهم من البرلمانيين، ووزارة الاتصال ومن الفدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية.