حفل جريدة «لومانيتي» الفرنسية يفرز خارطة طريق يسارية ضد الساركوزية كان الخطاب الذي ألقاه بيير لوران، الكاتب العام الجديد للحزب الشيوعي الفرنسي، مساء يوم الأحد الماضي، إيذانا باختتام حفل جريدة «لومانيتي» (L?HUMANITE) الفرنسية، لكنه كان أيضا إعلانا صريحا لخارطة طريق اليسار الفرنسي في مواجهة سياسة نيكولا ساركوزي. خارطة طريق تمت صياغتها بعد نقاشات مثمرة، داخل فضاء ميزه الجو الاحتفالي. فقد شكلت الأيام الثلاثة من عمر حفل لومانيتي، محاكمة حقيقية لحصيلة ساركوزي، من خلال مرافعات حادة وتدخلات ومواقف سياسية للعديد من زعماء اليسار، تخللتها فسحات زمنية للترفيه وللقاءات جانبية بين قادة أحزاب ومناضلين أتوا من كل أنحاء العالم لمشاركة جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي محطة جديدة من عمرها الإعلامي والنضالي. والواقع أن القاعة الرئيسية لحديقة لاكورنوف لم تكن خلال الأيام الثلاثة من حفل «لومانيتي»، تضيق بضيوفها مثلما كان الحال عليه في اليوم الأخير، وبالضبط في أولى ساعات المساء حين ألقى بيير لوران خطابه الناري بحضور زعماء اليسار الفرنسي، الذين نذكر منهم أوليفيي بوزنسنو، وكلود بارتلون، وناتالي ارتود، وجان لوك ميلونشون، إلى جانب ماري جورج بوفي الكاتب العام السابق للحزب الشيوعي الفرنسي، والذي قدموا بحضورهم جميعا إشارة على ضرورة وحدة اليسار في هذا الظرف التاريخي الذي تمر منه فرنسا ويطبعه مسار الرأسمالية العالمية. وبالفعل كانت وحدة اليسار إحدى أهم مضامين الخطاب الختامي لبيير لوران الذي قدم مشروعا موحدا يمكن التفكير فيه وتبنيه، دون نزاع حول أحقية هذه الجهة أو تلك، والوقوف صفا واحدا للإسراع بإعطاء دفعة جديدة وقوية ل»جبهة اليسار» التي يتقاسمها الحزب الشيوعي الفرنسي مع عدد من الأحزاب اليسارية الأخرى، وذلك من خلال «ميثاق للوحدة» ينفتح على فعاليات وشخصيات مدنية، اجتماعية، وثقافية، من خارج الحزب. ولم يكن لوران ليحجب عن الأنظار قضايا شائكة تقف في وجه هذه الوحدة، مقدما ملخصا عن الأسباب الرئيسية التي تفسر البون الشاسع بين حجم التعبئات الاجتماعية ضد السياسات الليبرالية وانعكاسها على الصعيد السياسي، ومشددا على وجود عقبات في وجه وحدة اليسار المناهض لليبرالية تحول دون تفعيل منظور إجمالي حقيقي يمكن من تجاوز الانقسامات. وبهذا الخصوص يرى الكاتب العام الجديد للحزب الشيوعي الفرنسي أن السبب الرئيس يكمن في السعي الدائم نحو «نقاش ظرفي على حساب نقاش الجوهر»، يعوق طموح إطلاق حملة معارضة واسعة وقوية للسياسة الحكومية التي تواجه اليوم بانتقادات شديدة حول ملفات حساسة وحيوية. وقال بيير لوران أن مسألة التقاعد، التي يدافع الحزب الشيوعي بخصوصها عن حق الحصول على التقاعد في سن 60 سنة، ضدا على مشروع الإصلاح المثير للجدل، تعتبر أبرز هذه الملفات، ولا يمكن لليسار إلا أن يرفض جملة وتفصيلا العرض الذي قدمه وزير العمل الفرنسي إيريك فيرت على البرلمان، والذي حضي بتزكية رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي، رغم المعارضة الشعبية الواسعة له. وقد لوَّح بيير لوران باحتجاجات جديدة في حال التصميم على تمرير الإصلاح، مشيرا إلى أن «الحكومة الفرنسية تتصرف بمنطق سياسي ومالي في هذه الأزمة. وهذا هو الخطأ بعينه، فهي غير عابئة بالمتظاهرين الذين لا يريدون أن يشتغلوا بعد سِن الستين». واعتبر بيير لوران، على غرار الخطاب الافتتاحي الذي ألقاه باتريك لوياريك، مديرة جريدة «لومانيتي» يوم السبت الماضي، سياسة ساركوزي بالفاشلة، وذات الانعكاسات الكارثية على الاقتصاد والمجتمع الفرنسي، وخاصة على الطبقة العاملة لكونها تراعي وتحرص أولا و أخيرا مصلحة «الأرستقراطية المالية الجديدة» الباحثة عن الأرباح داخل «كازينوهات المالية للرأسمالية»، والمعلنة لحرب ضروس ضد العمال والطبقة الكادحة التي ندعوها لحرب مضادة. حرب مواطنة وسلمية ضد رأسمالية القرن العشرين التي لم يعد لها مكان اليوم في عصر جديد نحتاج فيه إلى حضارة جديدة مغايرة. وفي هذا السياق، وجه الكاتب العام للحزب الشيوعي الفرنسي الدعوة إلى كل قوى اليسار للتفكير من الآن في مرحلة ما بعد ساركوزي، والمضي قدما نحو إعداد «مشروع مشترك» يعرض لالتزامات واضحة تروم النهوض بالخدمات الاجتماعية وتوفير فرص الشغل والارتقاء بمستوى التعليم ...الخ، معبرا في الوقت نفسه عن خيبة أمله من واقع هذا اليسار «غير القادر على رفع التحدي» والمسلح مع ذلك «ببوابة الأمل» التي فتحها لنفسه، والتي يرنو من خلالها إلى المساهمة الفاعلة في العراك الحالي وفي بناء مشروع سياسي بديل، يعبر الحزب الشيوعي الفرنسي عن ضرورته وملحاحيته في عصر انحطاط الرأسمالية. حزب التقدم والاشتراكية يعرض في «حفل ليمانيتي» مكتسبات وانشغالات المغرب الحديث باريس (و.م.ع) اغتنم حزب التقدم والاشتراكية فرصة مشاركته في «حفل ليمانيتي»، الذي نظم نهاية الأسبوع الماضي بضواحي باريس من قبل صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي، لعرض مكتسبات وانشغالات المغرب، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة. ووفاء للتقليد الذي دأب عليه منذ ما يقارب 30 سنة، كان حزب التقدم والاشتراكية وجريدته «البيان» خلال هذه السنة على موعد مع هذا الاحتفال السنوي الذي يجمع منذ 80 عاما الأحزاب اليسارية والحركات الاجتماعية والمهتمة بحقوق الإنسان في فرنسا والعديد من الدول. وشكلت هذه المناسبة فرصة لمناضلي الحزب لعقد لقاءات مع مسؤولي الحزب الشيوعي الفرنسي والأحزاب الصديقة بالبلدان العربية وإفريقيا من أجل إبراز مختلف المكتسبات التي سجلت خلال السنوات الأخيرة بالمغرب في مجال الاستقرار السياسي، وتعزيز الحريات العامة وحقوق الإنسان. وأعربوا أيضا عن تعبئتهم من أجل استكمال بناء دولة القانون ومشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي، معبرين عن قلقهم العميق من وضعية الجمود التي تغذيها الجزائر في ما يتعلق بقضية الصحراء. وأكدوا أن مبادرة الحكم الذاتي، التي اقترحها المغرب في أقاليمه الجنوبية، تعتبر حلا نهائيا لهذا النزاع المفتعل، مبرزين أنه على الجزائر أن تتحمل مسؤولياتها تجاه القانون الدولي، وعلى الخصوص حرية تنقل السكان الصحراويين المحتجزين على أراضيها. وكان الوفد الذي يقوده مصطفى لبرايمي عضو الديوان السياسي للحزب المكلف بالعلاقات الخارجية، ومحمد قاوتي رئيس مجلس إدارة «البيان»، والذي ضم عددا من مسؤولي الحزب، قد التحق خلال هذا الحدث بمناضلي فرع الحزب بفرنسا. كما أقيم بهذه المناسبة جناح مزدوج على إحدى المواقع الأساسية لهذا الحدث وعرض للزوار مؤلفات تتناول الوضع السياسي وحقوق الإنسان في المغرب، وكذا أدبيات حزب التقدم والاشتراكية. وتم إصدار عدد خارج السلسلة لجريدة «البيان» حول «حفل ليمانيتي» خصيصا لهذا الحدث حيث وضع رهن إشارة الزوار. ويتضمن هذا العدد سلسلة من المقالات والمقابلات التي تتناول تطور الحقل الإعلامي المغربي والقضايا الأخلاقية في الصحافة، وكذا نص المبادرة المغربية حول الحكم الذاتي في الصحراء. وتم التطرق أيضا إلى الذكريات التي احتفظت بها الشخصيات السياسية والصحافيين الذين شاركوا في الدورات السابقة من «حفل ليمانيتي»، وذلك من خلال سلسلة من الشهادات التي جمعت لهذه المناسبة. وباعتبار «حفل ليمانيتي» حدثا احتفاليا، وللتبادل، فإن الجناح قد عرض أيضا، على شرف الزوار الذين تدفقوا على الجناح المغربي، أطباقا من المطبخ المغربي، ومنتوجات من الصناعة التقليدية. وبالإضافة إلى حزب التقدم والاشتراكية كان المغرب ممثلا أيضا من قبل الحزب الاشتراكي الموحد من خلال جناح لفرع الحزب بفرنسا. وحضر نحو 600 ألف شخص في «حفل ليمانيتي»، الذي يعد مهرجانا ينظم في الهواء الطلق في «بارك بييزاجيست دو لا كورنوف» بالضاحية الشمالية لباريس على مدى ثلاثة أيام من الموسيقى والورشات والنقاشات السياسية.