الجرائم الاقتصادية من بين الأسباب الرئيسية لما تعانيه الأغلبية الساحقة من المغاربة من فقر وتهميش وأمية وحرمان تطالب الهيئة الوطنية لحماية المال العام بإنشاء هيئة مستقلة لكشف الحقيقة في كل ملفات الفساد المالي التي عرفها المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم، وإرجاع الأموال المنهوبة، باعتبارها جرائم اقتصادية ارتكبت في حق المغرب والمغاربة، معتبرة أن هذه الجرائم الاقتصادية من بين الأسباب الرئيسية لما تعانيه الأغلبية الساحقة من المغاربة من فقر وتهميش وأمية وحرمان. وفي تقرير أخير، تناولت فيه حصيلتها وأهدافها وأنشطتها، أكدت الهيئة الوطنية لحماية المال العام على أن تبذير ونهب المال العام يعتبر من صلب الجرائم الاقتصادية التي تخل بتوازنات المجتمع وحيويته والتي أدت، بالإضافة إلى حرمان المغرب من استغلال ثرواته، إلى الفقر المدقع لفئة واسعة من أبنائه والى ارتفاع نسبة الأمية وانخفاض مستوى الدخل، والى ارتفاع نسبة البطالة وخاصة بالنسبة لحاملي الشهادات، هذه الانعكاسات تكون الضحية الأولى لها الفئات المحرومة من الشعب. وفي فقرة خصصتها للاختلالات المالية والإدارية، لاحظ التقرير أن المؤسسات العمومية والشبه العمومية والشركات الوطنية، باعتبارها أدوات لتحقيق التنمية البشرية، تعرضت طوال السنين التي تلت استقلال المغرب لكل أشكال الاختلالات المالية والإدارية، مما أدى إلى إفلاس بعضها والى عجز البعض الآخر عن أداء الأدوار التي تأسس من أجلها. لقد تجلت الأوضاع السيئة لهذه المؤسسات، يقول التقرير، في فتح اعتمادات بدون ضمان ومنح قروض ،وأحيانا تبرعات خارج القانون، والتشطيب على سلفات وديون من دون وجه حق، والتنازل عن الفوائد وما يدخل في حكمها لفائدة بعض أصحاب الجاه والنفوذ من مختلف الألوان السياسية وغيرها، علاوة على الاختلاسات المباشرة للعديد من المؤسسات العمومية والشبه العمومية ،منها النماذج أسفله كما تم الإعلان عنها رسميا. الاختلاسات المعلن عنها رسميا++ جاء في تقرير الهيئة، في هذا الإطار، أنه منذ سنت 2000 أقرت الدولة المغربية من خلال لجن تقصي الحقائق بمختلف أشكالها بعدة اختلاسات طالت مجموعة من المؤسسات والقطاعات وهي: * الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي: ب 115 مليار درهم * المكتب الشريف للفوسفاط: 10مليار درهم * كومانف: 400 مليون درهم * المكتب الوطني للنقل: 20 مليون درهم * الخطوط الجوية الملكية: قضية مدير عام سابق للخطوط الجوية الذي اختلس مليار سنيتم، إضافة إلى تبذير مبالغ مهمة على صيانة الطائرات بالخارج. * مكتب التكوين المهني فقد تم الاحتيال على مبلغ 7 ملايير سنيتم في إطار برنامج العقود الخاصة للتكوين. * وكالة المغرب العربي للأنباء: 1.76 مليون درهم * المطاعم المدرسية: 85 مليون درهم * جمعية مطاحن المغرب: اختلاس مليار و900 مليون سنتيم. * وكذلك الأمر بالنسبة للإتحاد الوطني للتعاونيات الفلاحية المغربية، الذي أكدت بخصوصه المفتشية العامة للمالية وجود اختلالات خطيرة في تقرير الإفتحاص رقم IGF/3342 والذي أنجز بطلب من وزارة الفلاحة في مايو 2002. بعدما ذكر التقرير بحالات مؤسسات وشبه عمومية وشركات وطنية أخرى طالتها مختلف أشكال النهب،توقف عند حالة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإبراز حجم الخسائر التي تكبدها المغرب والمغاربة، وللتدليل على خطورة النهب الذي تعرض له المال العام، وما كان يمكن إنجازه لو اتخذ مساره الصحيح. لقد ذكر التقرير أن الهيئة الوطنية لحماية المال العام سبق أن أعدت دراسة لترجمة المبلغ الإجمالي للاختلاس والتبذير من صندوق الضمان الاجتماعي والمتمثل في 115 مليار درهم، وهو مبلغ يمثل لوحده: - 14 مرة الاحتياطي المغربي من العملة لسنة 2001 و34% من الناتج الداخلي الخام لنفس السنة. وحسب الدراسة التي أنجزتها الهيئة بواسطة مختصين فإن المبلغ المذكور سيكفي لوحده ل: - توفير 2 مليون منصب شغل. - أو بناء 22 ألف و400 مدرسة نموذجية. - أو بناء مليون و67 ألف وحدة سكنية اقتصادية. - أو حوالي 25 ألف مستشفى متوسط.++ وللإشارة، إن ملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي معروض الآن على أنظار قاضي التحقيق بالدارالبيضاء، والجميع ينتظر ما سيؤول إليه التحقيق و مصير المتهمين فيه.