أصبحت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب معروفة لدى كافة المغاربة والمغاربيين منذ 2005، حيث تم إنشاؤها بتاريخ 24 مارس من نفس السنة التي تم خلالها تقديم مجموعة من المطالب للبرلمان، لكن لم يتحقق منها الا مصادقة المغرب على اتفاقية الاممالمتحدة لمحاربة الفساد. وسنة بعد ذلك، قامت الهيئة بتنظيم وقفة الأوداية ضد نهب العقار في ابريل 2006 . وفي24 مارس من سنة 2007 كان الاحتفال تحت شعار « من أجل حماية كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام» . وفي24 مارس سنة 2008 تم رفع شعار « نعم للاستثمار لالنهب العقار» . وفي 24 مارس سنة 2009 كان الاحتفال تحت شعار « من أجل إلغاء نظام الامتيازات « والمطالبة برفع وصاية وزارة الداخلية على اراضي الجموع وتمكين النساء السلاليات من حقهن في التعويض». وفي 24 مارس 2010 رفع شعار « استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة لن يتحقق الا بإنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة ناهبي المال العام « . وفي هذا الصدد، تمت إحالة ملف التعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية على القضاء، كما أن ملف سوق الجملة بالدارالبيضاء يسير التحقيق فيه بخطى حثيثة لمعرفة حقيقة الاختلاسات، لكن العديد من الملفات مازالت تنتظر سنين طويلة، مما يتطلب تحديد سقف زمني للبت في الملفات حتى لا تضيع الاموال التي يجب استرجاعها لضخها في مجالات التنمية ودعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وتسعى الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب للاهتمام بإصلاح القضاء بالمغرب، فالخطب الملكية في غير ما مناسبة تزخر بوجوب إدخال إصلاحات «عميقة وشاملة» على النظام القضائي، بالتعهد بالعمل على إنجازها في إطار ميثاق وطني شامل للعدالة. باعتماد المرجعية الدولية القائمة على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل يضمن استقلاليته وفعاليته ونزاهته، واعتبارا لكون إصلاح القضاء صار ضرورة تنموية ملحة وآلية لحماية الحقوق والحريات . وانطلاقا من كون المغرب صادق على اتفاقية الاممالمتحدة لمحاربة الفساد سنة 2005 ، كان لابد من تضمين أحكام الإتفاقية في التشريع المغربي خاصة منها استرداد الأموال المنهوبة والمهربة الى الخارج . وهي خطوات لا بد منها من أجل محو تلك الصورة القاتمة التي رسمتها التقارير الدولية التي ترصد الفساد ببلادنا وترتبنا في المراتب الدنيا في العديد من المجالات أهمها مآخذ البنك الدولي على النظام القضائي المغربي والمتمثلة في «ضعف استقلاليته واستشراء الفساد في دواليبه، وتعقيد المساطر، وبطء البت في القضايا والتأخير في تنفيذ الأحكام وترهل البنيات التحتية للمحاكم وتدهور الأوضاع الاجتماعية للعاملين في قطاع العدل وضعف التكوين والتخصص». وتلتزم الهيئة بدعم التنفيذ الكامل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والاضطلاع بما تمليه عليها مسؤوليتها بما يتوافق مع مقتضيات استرداد الأموال والثروات المنهوبة . وتنخرط الهيئة في الائتلاف الدولي المطالب بالنزاهة كما تطالب المنظمات المدنية بالداخل والخارج بفضح الدول التي تتحرك ضد جوهر هذه الاتفاقية، «فمما لا شك فيه فإن ظاهرة الفقر أصبحت تشكل هاجسا لمختلف المجتمعات في العالم ، فمؤشرات التنمية البشرية لبرنامج الأممالمتحدة توضح أن مليارا ومائتي مليون شخص في العالم يعيشون تحت عتبة الفقر بدولار واحد في اليوم و2.4 مليار شخص يحصلون على دولارين في اليوم. و 1% من الأكثر ثراء في العالم يستحوذون على حاصل مدخول 57 % من الفقراء». ومن المتوقع أن تستمر ظاهرة الفقر في العالم في الاستفحال وستزداد حدة ما لم تزل أسبابها، فهنالك علاقة قوية بين الفقر والانحراف والجريمة. وتتطلع الهيئة إلى استدراك الأمر بالاعتماد على كفاءات الشعوب في مختلف المجالات حتى يتسنى لها التخلص التدريجي من هذه الظاهرة التي تعتبر أهم مؤشر على نجاح أو فشل سياسة وإستراتيجية معينة. وهكذا «فقد تراكمت لدى فئة من الناهبين والمتهربين من الضرائب الموجودين في أعلى السلم الاجتماعي، ثروات تساوي ستين في المائة من ثروة المجتمع وسارت اللامساواة في تفاقم كبير والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سائرة إلى الأسوأ في العالم ،وتبخر الحلم في الازدهار المستديم» . وحتى الطبقات الوسطى أصبحت تذوق مرارة اقتصاد السوق ، فانجرت الى الصف الأخير من السلم الاجتماعي ، واكتوى الجميع بحقائق الازمة العالمية، فكما هو معلوم، فإنه ليست هناك ضوابط صارمة على صناديق المخاطر وترنحت حتى اندية القمار وأفرطت في الاستدانة ومنع كبار موظفي هذه الصناديق من ممارسة أي نشاط من غير تصريح رسمي وبلا تقديم تقارير دورية عن طبيعة هذه النشاطات مما اصبحت معه اصوات عالية تطالب بأن تخضع الاسواق العالمية الى سلطة رقابة عالمية الأبعاد . ولقد كشف السناتوركارل ليفن رئيس لجنة الدفاع في الكونغريس الامريكي عن 34 واحة ضريبية تهرب فيها أموال الشعوب المقهورة والمظلومة والمتناقضة مصالحها مع مصالح الديكتاتوريات. ان هذه «الواحات» تلتزم السرية المصرفية الى ابعد الحدود وتندرج ضمن الدول الخارجة عن القانون الضريبي فهي جزر تقع في البحر الكراييبي وواحات تقع بالمملكة المتحدة وسويسرا وقبرص وغيرها من الدول الأوروبية. ان الابناك بالولايات المتحدةالامريكية وأوروبا تساعد على تهريب الأموال الى هذه الواحات معلنة الحرب على كل المستقيمين والنزيهين من دافعي الضرائب، فلا مندوحة لمواجهة هذه الواحات مواجهة شاملة وقوية ولابد من فرض عقوبات اذا ما تلكأت في التعاون ولم تبلغ عن العوائد التي يحصل عليها الهاربون المهربون . ولا شك أن الدول الديمقراطية والمنظمات غير الحكومية المعنية بعدالة الضرائب ستطالب بمعاقبة التهرب الضريبي وتهريب الثروات وبتفعيل اتفاقية الاممالمتحدة لمحاربة الفساد ، فحسب تقديرات البنك العالمي، فإن مرتكبي الأعمال الجنائية والمحتالين والهاربين من دفع الضرائب يهربون في كل عام ثروات تتراوح قيمتها بين 650 ملياردولار و 1050 ، نصفها يأتي من دول تعاني الفقر الشديد ، في حين أن مساعدات التنمية لاتزيد عن 100 مليار دولار !