أكد محمد المسكاوي، منسق الهيئة الوطنية لحماية المال العام على أن الأولوية، في حالة توفر الإرادة السياسية عند الدولة، يجب أن تعطى للجرائم الاقتصادية باعتبارها الأصل والحاضنة للجرائم السياسية، فلولا السطو على الثروات الوطنية والأموال العامة، والتي احتاجت إلى القمع والتعذيب والاختطاف من أجل إسكات الأصوات المحتجة والمناضلة، لما وقعت تلك الجرائم بتلك الحدة، مشددا في الحوار، الذي أجرته معه التجديد، أن المسؤولية السياسية والإدارية للدولة المغربية بكل مؤسساتها، تبرز من خلال السلطات التي تتمتع بها، والقوى المادية والمعنوية التي تستعملها في تدبير الشأن العام، والنفوذ الذي تتمتع به إزاء الأفراد والمؤسسات والقطاعات المختلفة.. ü كنتم قد طالبتم بإنشاء هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة، لمعالجة كل الملفات منذ الاستقلال إلى الآن.. ما مدى تجاوب الجهات المعنية مع طلبكم؟ بطبيعة الحال، عندما طرحنا هذا الشعار في سنة ,2005 بمناسبة اليوم الوطني لحماية المال العام، كنا نعتبر أنه سقف مرتفع بالنسبة للحكومة المغربية والجهات المعنية، وكنا نأمل أن تلتقط الجهات المعنية هذه الإشارة من أجل إتمام الحل الحقوقي الذي طرحته الدولة، منبهين إلى تلازم المسارين، الأول خاص بالجرائم السياسية، والثاني بالجرائم الاقتصادية، وقد قلت ساعتها كمنسق وطني إن الأولوية في حالة توفر الإرادة السياسية عند الدولة يجب أن تعطى للجرائم الاقتصادية، باعتبارها الأصل والحاضنة للجرائم السياسية، فلولا السطو على الثروات الوطنية والأموال العامة والتي احتاجت إلى القمع والتعذيب والاختطاف من أجل إسكات الأصوات المحتجة والمناضلة، لما وقعت تلك الجرائم بتلك الحدة. هذا منطلقنا الأساس من خلال طرح هذا الشعار، لكن تبين لنا وبعد مرور كل هاته السنوات، أن هذه الملفات تشكل خطا أحمر وخطرا على المستفيدين من عدم المحاسبة، ولن تطرح الجهات المعنية الأمر للنقاش والمعالجة، وربما هو ما يفسر استمرار النهب والتبذير لثرواتنا الوطنية والإفلات من العقاب. هذا التجاهل التام، جعلنا نعلن في الهيئة خلال السنة الحالية عن مراسلتنا لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، من أجل مطالبتهم بتوسيع اختصاصاتها لتشمل الجرائم الاقتصادية. ü كيف تقيمون الإجراءات التي تتخذها الدولة في إطار تخليق الحياة العامة؟ الملاحظة الأساسية التي يمكن إدراجها في هذا الموضوع، هو أن أجهزة الدولة أصبحت تتحرك في إطار تخليق الحياة العامة من خلال خطب الملك محمد السادس، وكذا المؤسسات التي تنشؤها الحكومة، وهذا جيد جدا، لكن في اعتقادي الشخصي، هذه المحاولات والإجراءات تشبه موضوع المدرب الوطني؛ نأتي بالجديد يأخذ ملايين الدراهم ونحصد نحن الريح والإقصاءات المبكرة. بمعنى أن حجم الاختلالات ونقص الحقوق الاجتماعية التي يعاني منها المغاربة في جميع المجالات، والتراجع الحاد للقدرة الشرائية وهي راجعة بالأساس إلى النهب والتبذيير، تتطلب إجراءات قانونية صارمة ضمن نطاق المؤسسات الموجودة، وتوسيع الصلاحيات للأجهزة الرقابية وإصلاح المنظومة القضائية التي تعتبر حجر الزاوية، وبالمناسبة فنحن لم نعد نسمع عن هذا الورش أي شئ، كما هيئتنا بصدد الإعلان عن الإجراءات التي تراها ضرورية في الإصلاح. أما ما نشهده اليوم من إنشاء مؤسسات استشارية تهتم بهذا المجال، فهي مسألة نعتبرها تبذير إضافي للمال العام. لأنها بدون صلاحيات، وغير نابعة من المؤسسات القائمة، وبالتالي تعتبر مجرد تأتيث للمشهد السياسي المتهالك. فالحكومة صادقت على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، لكن دون أن تضع المراسيم التطبيقية لهاته الاتفاقية من أجل تنفيذها، والتي تنص على محاربة الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه، وكذا تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال الجرمية، مع اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز مشاركة المجتمع وتجسيد سيادة القانون وإرساء نظم ومعايير سلوكية؛ تستهدف منع الفساد، وبالتالي نحن أمام وضع متجمد، آفة الرشوة التي وضعت لها الدولة هيئة استشارية، يشتكي رئيسها حاليا من انعدام الوسائل والإمكانيات والصلاحيات، نفس الشيء يمكن أن ينطبق على مجلس المنافسة، وهو ما سيجري على المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والسبب أن الهدف كما قلت، هو تأثيث المشهد السياسي والحقوقي من زاوية الأجهزة الرسمية. ونفس الهرولة لاحظتها مؤخرا، إبان تطبيق قانون التصريح بالممتلكات، الذي لم يتضمن شرط الإعلام وإبراء الذمة عند انتهاء المسؤولية. ü كنتم قد طالبتم وزارة الاتصال ووزارة المالية بفتح تحقيق في طريقة اختيار ما سمي بيانا سابقا لكم ب المهازل والتفاهات، التي تعرضها القناتان العموميتان خلال شهر رمضان، ماهو رد فعل الوزارة من طلبكم؟ مع الأسف، هذا السؤال يستمد عناصر جوابه من الأجوبة السابقة. ففي ضل غياب الإرادة السياسية، فحتى مراسلتنا لا نتلقى بشأنها أي أجوبة، ولو من باب اللياقة واحترام فعاليات المجتمع المدني، عندما طرحنا هذا الموضوع سنة ,2008 فقد تطرقنا إلى المهرجانات والإنتاجات خلال شهر رمضان من زاويتان: تتعلق الزاوية الأولى بدور الإنتاجات الفنية والثقافية في تكوين الذوق العام والشخصية الوطنية، خصوصا التي تعرض على القنوات العمومية، والتي يجمع الكل على هزالتها وعدم احترامها للذوق العام، بل يستشف أن ملايين الدراهم من المال العام تصرف، من أجل إرضاء البعض على حساب الذوق العام والذي يصنف ضمن الحقوق الثقافية للمغاربة، بمعنى أن تصرف تلك الملايين على إنتاجات تحترم ثقافتهم وهويتهم الوطنية وتحصينها. أما الزاوية الثانية، فتنطلق من كون تلك البرامج تمول من القنوات العمومية، المعتمدة في تمويلها على المال العام، وبالتالي يجب أن يخضع المسؤولون عن هاته المهازل إلى الحساب. والمحصلة النهائية في ظل عدم اتخاذ القرار اللازم، أن المشاهد المغربي يلتجأ إلى القنوات الأخرى من أجل الحصول على المعلومة والمنتوج المحترم، كما قد يلجأ البعض إلى المنتوجات الرخيصة التي لا تناسب ثقافتنا، والغريبة عن عاداتنا وأسلوب عيشنا وقيمنا، ولا نوفر له فضاء عمومي يحصنه، ونحن نستغرب الصمت المطلق للوزارة الوصية عن هذا الملف، فهي لم تعتمد حتى مسألة التقييم والاستماع إلى نبض المشاهد. ü كنتم قد طالبتم بتحويل المجلس الأعلى للحسابات إلى مؤسسة قضائية، ما هي الأسباب وراء هذا المطلب؟ كما تعلمون، فقد خضعت هذه المؤسسة لعدة محطات إلى أن تمت دسترتها مع دستور ,1996 فهي مؤسسة ذات رقابة شبه قضائية على المال العام، ومع حجم التقارير التي بدأت تصدر مؤخرا تبين الخلل، إذ لاحظنا أن هاته المؤسسة أصبحت مجرد آلة للأرشيف ومكتب للدراسات يقدم التوصيات، وهو الأمر الذي شجع بعض المسؤولين على عدم الرد على ملاحظات قضاة هذه المؤسسة، كما حصل في تقرير .2008 وتجلت المفاجأة الكبرى في جواب وزير العدل أمام مجلس النواب، حين قال إن النيابة العامة لا يمكنها أن تتحرك إلا بناء على الإحالة من طرف الوكيل العام للملك بالمجلس مع وجود الإثبات، إذن فمطلبنا يصبح منطقيا وملحا لتدارك الثغرات القانونية، أقلها أن تصبح الإحالة أتوماتيكية دون الحاجة إلى تأشيرة الوكيل العام في الأفعال ذات الطبيعة الجرمية، مع تحديد سقف زمني لا يتعدى ستة أشهر بعد خروج التقرير بالجريدة الرسمية، وكذا تحرك الجهات المعنية في الأفعال ذات الاختلالات الإدارية، اعتمادا على قاعدة عدم الإفلات من العقاب واسترجاع الأموال المنهوبة. ومن جهة المطالب التقنية، فهذه المؤسسة تحتاج إلى الدعم الكافي من أجل الزيادة في عدد القضاة والمجالس الجهوية والوسائل اللازمة للقيام بعملهم، والتكوين المستمر بفعل تطور أساليب الجريمة المالية. ومن هنا، أطالب البرلمان ضرورة التحرك وممارسة دوره التشريعي في إصلاح هذه المؤسسة، كإجراء استعجالي، والتفكير في وسائل أكثر جدية ضمن ورش الإصلاح القضائي. ü هل تعتقدون أن سياسة اللاعقاب تعمق من الفساد وتشجع على نهب المال العام؟ بالتأكيد، فهذه نقطة الارتكاز طيلة سنوات الاستقلال، فاللاعقاب الذي طبق شجع الناهبين والنافذين على التمادي في ممارستهم في جميع القطاعات، وهو ما جعلنا خلال المحاكمة الرمزية التي نضمنها سنة ,2006 أن نحمل مسؤولية النهب لأجهزة الدولة منذ الاستقلال إلى الآن، عبر ذاتها الحكومية ومؤسساتها العمومية وإدارتها الترابية، وكذا المساهمين والمشاركين؛ سواء في مراكز المسؤوليات الإدارية والأمنية أو الاقتصادية والمالية. وتعتبر الهيئة الوطنية لحماية المال العام أن المسؤولية السياسية والإدارية للدولة المغربية بكل مؤسساتها، تبرز من خلال السلطات التي تتمتع بها، والقوى المادية والمعنوية التي تستعملها في تدبير الشأن العام والنفوذ، الذي تتمتع به إزاء الأفراد والمؤسسات والقطاعات المختلفة، وكل ذلك سواء كانت مرجعيته دستورية أو تشريعية، لأنها تتوفر على كل الوسائل والإمكانيت، التي من شأنها العمل على تطبيق القانون وحماية الترواث الوطنية، دون أن تكلف هذه الإجراءات ميزانية الدولة أي درهم. خصوصا وأن هذه السياسية أدت إلى إفلاس مجموعة من المؤسسات العمومية رغم ضخ الأموال العمومية في صناديقها، والمهزلة الكبرى أن يتم إسناد مسؤوليات مهمة إلى نفس الأشخاص الذين أسهموا في إفلاس الأولى، أليس هذا تشجيعا على الفساد والاستهثار بأموال الشعب المغربي المحروم من الخدمات الاجتماعية والشغل والحياة الكريمة؟ ü هل يشكل تمتع البعض بالامتياز القضائي غطاء لنهب المال العام؟ إن اعتبار هذا النوع من الجرائم الاقتصادية جرائم خطرة، وجرائم دولة، نظرا لآثارها الخطيرة على فئات واسعة من المجتمع المغربي وعرقلتها للتنمية، وبالتالي الإقرار بعدم تقادمها، وبعدم استفادة مقترفي هذه الجرائم من أي عفو، وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في ملفات نهب وتبذير المال العام، يلغي مبدأ الامتياز القضائي الذي يتمتع به الوزراء وسامي الموظفين، الذي يسهل الإفلات من العقاب في هذه الجرائم. ونعتقد اليوم أن الحديث عن بناء دولة الحق والقانون لا يستقيم بوجود استثناءات قضائية؛ منها الامتياز القضائي والمحكمة العليا للوزارء، ويضرب في العمق المبدأ الدستوري القاضي بسواسية المواطنين أمام القضاء، وأن أعتبر هذا الامتياز كذلك هو إعطاء فرصة للنظر من طرف الجهات المختصة، هل تعاقب أم تتجاوز، وبالتالي فإلغاء هذا الامتياز يعد إشارة قوية في اتجاه تطبيق القانون على الجميع وسيادته وقدسيته. ü كثيرة هي القطاعات الحيوية التي فوت تسييرها إلى شركات أجنبية، في إطار التدبير المفوض (النقل، النظافة، الماء، الكهرباء..)، ما مدى نجاح هذه التجربة الأجنبية؟ لقد قلت في إحدى الندوات، إن تفويت تسيير القطاعات الحيوية إلى الأجانب هو سبة في حق الأطر المغربية، ونتساءل جميعا كيف تتوفر الإدارة المغربية على أطر قادرة على تسيير مرافق الماء والكهرباء والأزبال وحتى حراسة السيارات، ولاحظوا معي أن بعض أسعار الخدمات ارتفعت بشكل صاروخي مع دخول هؤلاء الأجانب، وهو شيء عادي بحكم أن تلك الشركات ذات طبيعة تجارية تهدف إلى الربح، فمثلا قطاع الماء والكهرباء فواتره مرتفعة جدا، علما أن معظم المغاربة البسطاء مازالوا يتوفرون على نفس الأجهزة المستعملة قبل دخول الأجانب، وأنا أقول هذا الكلام عن يقين وبدون مزايدة. ومن جهة أخرى، فالتجربة أثبتت أن تلك الشركات لا تحترم بتاتا دفتر التحملات في مجال الاستثمار، والدليل الفيضانات داخل المدن خلال موسم الأمطار، وكثرة الأزبال على الشوارع، والتخلي عن المطالب الاجتماعية شغيلة ذلك القطاع وطرد النقابيين، بل وصل الأمر حتى إلى السطو على الثروات المائية للمغاربة، كما حصل لساكنة بنصميم. لذلك كله، نعتبر أن هذا التدبير المفوض يعد مظهرا من مظاهر تهريب العملة الوطنية والتواطؤ على القدرة الشرائية للمواطنين، وتخلص الدولة من دورها الاجتماعي وعن مظهر من مظاهر السيادة الوطنية، وإذا كان لا بد من هذا الإجراء فل تعطى الفرصة للمقاولة الوطنية؟ ü ما هي الملفات التي ترى الهيئة ضرورة الإسراع في متابعة المتورطين فيها قضائيا؟ الأولوية القصوى التي نطالب بها في الهيئة الوطنية لحماية المال العام، هي ضرورة توفر الإرادة السياسية بهدف الوقف الفوري للنهب وتبذير المال العام، وأغتنم هذه الفرصة من أجل مناشدة كل القوى الحية الوطنية للتصدي لهذا النهب الذي أصبح خطيرا ومتسارعا ويتخذ أشكالا جديدة، فالفلاحين البسطاء، أصحاب أراضي الجموع، تنتزع منهم أراضيهم بدعوى السكن الاجتماعي ليعاد بيعها بملايين الدراهم، الإدارة المغربية تستنزف ماليتها بأرقام خيالية، في إطار تعويضات عن مهام لا توجد إلا في الأوراق. وبالتالي فمطلب المغاربة اليوم ونحن معهم هو وقف النزيف تم تحديث الترسانة القانونية وإعمال مبدأ المحاسبة، وعلى مستوى ما هو موجود فنحن نطالب السلطات القضائية بضرورة الإسراع في البث والحسم في الملفات الرائجة لديها، منذ بداية هذه العشرية على قاعدة المحاكمة العادلة، وفتح التحقيقات في الملفات التي تتوصل بها، وتشديد الرقابة واسترجاع الأموال المنهوبة. وعلى المستوى الهيكلي للدولة، فلابد من التذكير بمطالبنا التالية: على المستوى السياسي: نعتقد أن الوقت قد حان أيضا، للقيام بإصلاحات سياسية تكرس الفصل الحقيقي للسلط وتمكين السلطة القضائية من القيام بدورها بكل ما يلزم من نزاهة واستقلالية، وحذف ما يعرف بالامتياز القضائي الذي يتمتع به الوزراء وسامي الموظفين، والذي يسهل الإفلات من العقاب، وإحداث مؤسسات للمراقبة المالية قوية و قادرة على المراقبة الفعالة القبلية والبعدية للمال العام، والعمل على ملائمة وتفعيل المقتضيات القانونية والمواثيق الأخلاقية الوطنية، وفق المعايير المعتمدة دوليا في مجال مكافحة الفساد. بالإضافة إلى وضع مساطر دقيقة، مصحوبة بإجراءات صارمة لضمان شفافية الحياة السياسية وتخليق الشأن العام ومراجعة المقتضيات الرادعة للفساد المتضمنة بالمنظومة الحزبية والانتحابية الحالية، وإلغاء كل أشكال الحصانة والامتيازات، باعتبارها خرقا لمبدأ المساواة واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمحاربة ظاهرة اقتصاد الريع وتفكيك شبكة اللوبيات المستفيدة منه. ولكي تقوم المؤسسة التشريعية بدورها الرقابي، لا بد من تفعيل لجن تقصيالحقائق الدستورية والبرلمانية وتوسيع اختصاصاتها، واعتبار أي استغلال للنفوذ والسلطة جريمة ماسة بأحد مبادئ الحقوق الإنسانية الأساسية، ألا وهو مبدأ المساواة. وكذا تعزيز الإطار المؤسساتي لمكافحة الفساد، والعمل على منح الاستقلالية الكاملة للهيئة المركزية للوقاية من للرشوة، وإعطاءها صلاحية القيام بالتحريات في كل ملفات الرشوة مهما كانت صفة المتورطين فيها ومراكزهم، وتحريك المتابعة القضائية اللازمة اتجاههم، والقيام بمبادرات ملموسة على أرض الواقع حتى لا تبقى هذه الهيئة مجرد واجهة صورية، مع التنصيص على خلق نظام وطني للتقييم والافتحاص. والصرامة في متابعة المتورطين في نهب وتبذير المال العام، والمخططين والموجهين والمشاركين والمنفذينن وإرجاع الأموال المنهوبة ومصادرة ممتلكات وأموال المدانين، على قاعدة عدم الإفلات من العقاب. على المستوى التشريعي والقضائي: يبقى أهم مطلب لنا، سن قانون لحماية كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام من أية متابعة قضائية ومن كل أشكال التعسف والانتقام، وكذا تكوين قضاة متخصصين في مجال مكافحة الفساد الإداري والمالي، يسد الثغرة الحالية الناتجة عن انتهاء مهمة محاكم الاستثناء بعد إلغاء المحكمة الخاصة للعدل منذ ,2004 وإحداث أقسام خاصة بالحسابات العامة وبالمحاكم للتحري والتتبع في حالة الضرورة، ثم تطوير أنظمة المراقبة والمساءلة وإلغاء العمل بما يسمى السلطة التقديرية بجميع الإدارات والمؤسسات العمومية.