نقلت الأخبار في الأيام القليلة الماضية حكاية هجوم إجرامي استعمل فيه السلاح الحي في برشيد، وأيضا قصة مطاردة بين شباب في صفرو أحدهم كان يحمل مسدسا يطلق منه أعيرة نارية... الحكايتان جرتا في واضحة النهار، وأمام الناس جميعا، وفي حالة برشيد فالهجوم الذي استهدف متجرا لبيع المجوهرات خلف جرحى، وزرع الرعب وسط الناس، وأثار الكثير من الأسئلة... الأمر أولا يطرح وجود هشاشة أمنية في عدد من مدننا، تكاد تكون أحيانا انفلاتا حقيقيا، والمواطنون في مدن مختلفة يروون قصصا مرعبة بهذا الخصوص، ولكن اليوم نحن أمام لجوء عصابات للسلاح الناري، وهذا يحيل على كثير أسئلة. في برشيد تحدثت الكثير من المصادر عن كون الذين هاجموا محلات بيع الذهب كانوا يرتدون ما يسمى «اللباس الأفغاني»، وسيماهم على لحيهم، وغايتهم كانت الاستيلاء على المال والحلي والمجوهرات... هنا أيضا يقف أمامنا موضوع علاقة الجماعات الإرهابية بعصابات إجرامية، وإقدامهم على عمليات سرقة وابتزاز للناس من أجل تمويل جنونهم المتطرف، فهم يكفرون المجتمع أصلا ويستبيحون أموال أفراده. منذ مدة والكل يتحدث عن «اتفاقات» ضمنية ومكشوفة تحدث بين التنظيمات الإرهابية، خصوصا القاعدة، وبين عصابات تهريب المخدرات والبضائع وقطاع الطرق، واليوم نعاين نحن أيضا وبين ظهرانينا ملتحين يقومون بسرقة في وسط برشيد، وتحت ضغط السلاح الناري، ما يجعل أن متطرفينا لم يعودوا يكتفون باستيراد اللباس الأفغاني، إنما انتقلوا إلى استيراد الأساليب المعتمدة هناك للحصول على التمويل عبر التعاون مع عصابات إجرامية. وفي موضوع الهشاشة الأمنية، فإن مدينة مثل برشيد مافتئت الأخبار تنقل لنا تجليات الانفلات فيها، وهذا أيضا يقود إلى البحث في الأسباب وفي بنية العلاقات هناك، وهو الأمر الذي يلفت الانتباه كذلك إلى أن الأحياء والمدن التي تشهد ضعف التغطية الأمنية وتتواجد بها أحزمة الفقر، هي التي ينتمي إليها في الغالب معتقلو الخلايا المتطرفة، وقد حصل هذا في الحي المعروف ب(الواد) في سلا مثلا، ثم في بعض أحياء طنجة وتطوان، وأيضا في الدارالبيضاء...، وهذا أيضا يفرض التفكير في استراتيجية تكثيف التغطية الأمنية بمختلف مناطق مدننا، وتنويع الحضور الأمني، وتعزيز أسلوب القرب في العمل اليومي. اليوم لم نعد أمام السكاكين والسيوف والسرقة ب «السماوي»، إنما صرنا نشاهد عندنا نحن أيضا سرقات بالمسدسات الحقيقية. المقاربة يجب أن تكون شاملة، إنما المقاربة الأمنية ضرورية وأساسية صونا للسلامة البدنية للناس وحماية لأرواحهم ولممتلكاتهم، وحرصا على أمن المجتمع واستقراره.